لا تبدو أحوال الحكومة مع انطلاقة الأسبوع أفضل من تلك في الأسبوع الماضي. وإن كانت أزمة النفايات قد أجّلت «مرحلياً» الصدام الذي تنتظره القوى السياسية في الحكومة على خلفية ملفّ التعيينات الأمنية، فإن الجلسة التي قدّمها الرئيس تمام سلام إلى الأربعاء بدل الخميس، تنذر بتصعيد كبير يُعدّ له وزيرا التيار الوطني الحر وحلفاؤه من جهة، في مقابل تصعيد سلام ومن خلفه تيار المستقبل.
لكن التركيز والخلاف على التعيينات الأمنية لا يعنيان أن صفحة أزمة النفايات قد قُلبت، بل على العكس، الأزمة من دون حلّ حتى الآن، بينما تتكدّس النفايات في المكبات العشوائية وتخسر المكبات المؤقتة قدرتها الاستيعابية، فضلاً عن احتدام أزمة الكهرباء، التي ترافق الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، لا سيّما على الساحل.
فبحسب أكثر من مصدر وزاري، يصطدم خيار ترحيل النفايات إلى الخارج بأكثر من عائق، وهو الخيار الوحيد المتاح الآن، أوّلها عدم شمول أي اقتراح مقدم لتصور كامل عن العملية، إن لناحية جمع النفايات وفرزها الأوّلي أو لناحية مصيرها لاحقاً والكلفة، فضلاً عن عدم مراعاة النفايات اللبنانية للمواصفات الأوروبية لجهة نسبة الرطوبة فيها. وفي وقت انقطعت فيه الاتصالات بين الوزراء والقوى السياسية في عطلة الأسبوع، تتضخم أزمة المكبات العشوائية التي باتت تنتشر في قرى الشوف والمتن وعاليه وكسروان وجبيل وبيروت الكبرى، فضلاً عن النفايات التي تتكدّس في شوارع وطرقات الجبل، بالتزامن مع انخفاض قدرة المكبات الحالية في بيروت وجبل لبنان على استيعاب كميات إضافية، وبعضها قد يصل إلى الذروة في غضون أيام. وأمام استمرار أزمة النفايات التي قد تعود إلى التكدس في شوارع بيروت في أي وقت، تبدو القوى السياسية في حيرة من أمرها وفي تنازع واضح، حتى بين تلك المتحالفة كالنائب وليد جنبلاط وتيار المستقبل. وقرأت أكثر من جهة سياسية التراشق الإعلامي بين الصحافي نديم قطيش المحسوب على الرئيس سعد الحريري، والوزير وائل أبو فاعور، على أنه انعكاس لصراع جنبلاط ــ الحريري، فيما حصرت مصادر الطرفين الأمر في إطاره الإعلامي.
الحريري يسمّي حتّي مديراً للمخابرات والخيار المتاح استدعاء فاضل من الاحتياط
وتعلّق مصادر التيار الوطني الحرّ على أزمة النفايات بالقول إن «أزمة النفايات مسؤولية الدولة»، مستندةً إلى كلام الوزير نهاد المشنوق عن «مسؤولية الإدارة»، إلّا أن المصادر تفسّر «الإدارة» في كلام المشنوق بأنها «مجلس الإنماء والإعمار ... يعني بيت الحريري وتيار المستقبل، هم أوجدوا المشكلة حين لزّموا سوكلين وتعاملوا مع هذا الملف طوال السنوات الماضية، وعليهم تقع مسؤولية إيجاد الحلول».
ولم يكُن خيار سلام تقديم موعد جلسة الحكومة ناشئاً عن فراغ، بل من مخاوف حقيقية جديّة انتابت تيار المستقبل، وعبّرت أوساطه بشكل صريح عنها بالقول إنها «الجلسة الأكثر حساسية، حيث سيتمّ فيها طرح ثلاثة أسماء لخلافة رئيس الأركان في الجيش، ومن المتوقع أن لا يحظى أي من هذه الأسماء التي سيطرحها جنبلاط بأكثرية داخل مجلس الوزراء، ليكون الخيار الذهاب إلى التمديد لرئيس الأركان الحالي». وأشارت المصادر إلى أن «تيار المستقبل هو الذي طلب إلى سلام الدعوة إلى الجلسة صباح يوم الأربعاء لتسبق جلسة الحوار التي ستعقد ليلاً بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة». ولفتت الأوساط إلى أن «نية المستقبل من هذا الإجراء هي أن تلعب جلسة الحوار دوراً في إطفاء الحريق الذي سينشب عن جلسة الحكومة، ولا سيما في ظل التأكيدات التي وصلت إلى المستقبل باستعداد التيار الوطني الحر للتصعيد، وحتى العودة إلى الشارع». وقالت الأوساط إن «الهدف من جمع جلستي الحكومة والحوار في يوم واحد هو الخروج ببيان من عين التينة يؤكد دعم استمرار عمل الحكومة للتخفيف من حدّة السقف الذي سيعتمده التيار في ردّه على التمديد إن حصل».
وبالتوازي مع أزمة التمديد، استعرت المعركة حول موقع مدير المخابرات في الجيش أيضاً، إذ تنتهي في أيلول الولاية الممددة لمدير المخابرات العميد إدمون فاضل، ولا يمكن قانوناً التمديد لفاضل مجدداً لبلوغه 42 سنة في الخدمة حتى أيلول، وبالتالي يحال حكماً على التقاعد. وأمام هذه الأزمة، تبرز أربعة خيارات للحلّ؛ فقائد الجيش العماد جان قهوجي يميل إلى تعيين العميد كميل ضاهر، ويحاول الرئيس ميشال سليمان عبر وزير الدفاع سمير مقبل الدفع نحو تعيين العميد وديع الغفري، فيما يفضّل الحريري تعيين العميد مارون حتّي، وهو من الضباط المقرّبين جداً منه. وبحسب المعلومات، فإن فرع المعلومات كان قبل سنوات قد وضع الوقود والصيانة في تصرّف حتّي، إضافة إلى استفادته من تقديمات أخرى من الفرع المذكور. وأثار الأمر استهجان ضباط وقيادة الجيش، إذ لم يسبق لجهاز أمني أن وضع في تصرّف ضابط في جهاز أمني أو عسكري آخر تقديمات كتلك التي كان حتّي يحصل عليها، ما جعله عرضة للمساءلة أمام قيادة الجيش، فتخلّى عن سيارة المعلومات قبل نحو أربع سنوات، علماً بأن حتّي يحظى بتأييد من ضباط الأجهزة الفرنسية والأميركية العاملين على خط التنسيق مع استخبارات الجيش.
وأمام الخيارات الثلاثة الأولى، يتقدم الخيار الرابع، وهو استدعاء فاضل بعد تسريحه من الاحتياط، وتكليفه بقيادة المديرية، وهو إجراء يتخذه وزير الدفاع بناءً على اقتراح قائد الجيش، ومختلف عن الإجراء السابق الذي كان يقضي بتمديد خدمته. ويبدو فاضل حائزاً ثقة غالبية القوى السياسية، إضافة إلى الأجهزة الأمنية الغربية والعربية التي تنسق مع استخبارات الجيش.
من جهته، أشار النائب علي فياض إلى «ضرورة الذهاب باتجاه التعيينات في 7 آب، لأن لا شيء يمنع من حصولها».