بعد محاولتين سابقتين باءتا بالفشل تبادر فرنسا من جديد تجاه إيران في محاولة لإنتاج تسوية في الملف الرئاسي اللبناني أملاً في نجاح المحاولة التي قد تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور مضى عليه أكثر من أربعة عشر شهراً في كرسي الرئاسة في قصر بعبدا .
لكن لا يبدو أنّ هناك جديداً لدى الإيرانيين يمكن أن يقدموه لوزير الخارجية الفرنسي الذي زار طهران تسهيلاً لمهمته بإنجاز الإستحقاق الرئاسي سوى المماطلة التي تخفي قراراً بعدم الجلوس إلى طاولة الوفاق لإنتخاب الرئيس حتى إشعار آخر .
والإيرانيون بارعون في استخدام أسلوب التسويف والمماطلة واللعب في الوقت الضائع وتقديم الذرائع التي تجنبهم تحمل مسؤولية التعطيل .
وحزب الله من جهته والذي يصر على استخدام ورقة ترشيح العماد ميشال عون فإنه يرى في الشغور الرئاسي مصلحة له أفضل بكثير من المراهنة على رئيس توافقي قد يتحول في لحظة إقليمية ما إلى ميشال سليمان آخر غير مستعد على تغطية مشاريعه وخصوصاً انخراطه في الحرب السورية إلى جانب النظام الذي يقتل شعبه ويدمر بلده .
وعليه فإنه من المستبعد تماماً أن تبادر إيران إلى فرض أي تسوية على حزب الله على الأقل في الوقت الراهن ، وذلك حفاظا على التوازنات الداخلية اللبنانية التي يشعر الحزب أنّه بأمس الحاجة إليها .
أما قوى الرابع عشر من آذار فإنّها مستمرة على موقفها الداعم لترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع مع التمسك بمبادرتها بالموافقة على رئيس توافقي عندما تقرر قوى الثامن من آذار سحب ترشيح العماد عون وهو الأمر الذي يبدو مستبعداً .
وفي المعلومات إنّ جعجع أكد للفرنسيين وللروس أنه غير متمسك بترشيحه للرئاسة وأنه جاهز للقبول بمرشح تسوية لكن ليس على أساس انتخاب رئيس من قوى الثامن من آذار ، وهذا يعني أنّه لا زال ملتزماً بالطرح الذي قدمه منذ اليوم الأول لإعلان ترشيحه.
ومع انتظار الجميع للمسعى الفرنسي فإنّ منسوب التفاؤل يتضاءل بإمكان نجاح باريس في تليين موقف طهران لإزالة العراقيل أمام انتخاب الرئيس ، إذ أنّ إيران تجد نفسها بعد الإتفاق حول ملفها النووي مع الدول الغربية أكثر قدرة على المناورة وحتى على المراوغة .
لذا فإنّ الانسداد في أفق التسوية الرئاسية في لبنان مرشح للاستمرار ما لم يطرأ تغيير جوهري في السياسة الإيرانية .