يسمع الكثيرون منّا عن ما يطلق عليه الثقب الأسود، و هذا المصطلح من مصطلحات علوم الفلك و الفيزياء الحديثة، و لم يكن معروفا قديماً أبداً، بدأت نشأة المصطلح كفكرة في القرن التاسع عشر، حيث أطلقه بعض العلماء لوصف تجمع كثيف للمادّة في بقعة معيّنة في الفضاء تشكل تركزاً كتلياً في حجم صغير مما يؤدي لإرتفاع كثافة ذلك المكان ملايين المرات عن أكبر كثافة لمادّة يعرفها الإنسان.
إنّ هذا التركز هو ما أطلق عليه إفتراضياً الثقب الأسود، و السبب وراء ذلك المسمى هو أن ذلك الإفتراض يؤدي لنشوء مجال جاذبية هائل جداً لدرجة أن الضوء المنبعث من ذلك الجرم المتشكل من تجمع تلك المادة لا يستطيع مغادة سطح ذلك الجرم، أي أنّه لا يمكنه الإفلات من مجال الجذب لذلك الثقب الأسود، و كذلك لشدّة جاذبيته فإنّه يجذب إليه أي كتلة تعترضه في الفضاء فيبتلعها نحو مركزه، فسمّي ثقباً لأنه يبتلع أي كتلة مرئية في الفضاء مهما بلغ حجمها أو كثافتها، و سمي أسوداً لأنّ الضوء لا يفلت منه و بالتالي لا يمكن رصده تلسكوبياً مطللقاً.
و لعل البعض يتسائل طالما لا يمكن رصده فكيف عرف الفلكيون و الفيزيائيون بوجوده، حقيقة كان وجود الثقب الأسود توقعاً فلكياً فيزيائياً لا أكثر و لكن بعد نجاح نظريتي آينشتين: النسبية الخاصة و النسبية العامة، أمكن التحقق من وجوده بالتجربة، إذ لوحظ إنحراف الإشعاعات الكونية في مناطق من الكون بشكل مثير للدهشة عند مرورها من أماكن معيّنة فافترض العلماء بموجب النظرية النسبية وجود الثقب الأسود يقيناً لأنّه لا تفسير لذلك سوى وجود مجال جذب قوي ناتج عن تركز الكتلة.
لا زال الكثير من الغموض يكتنف حقيقة وجود تلك الثقوب السوداء في الكون، و لا زالت الأدلّة شحيحة على إثبات وجودها، خاصةً أنّها غير مرئية، و لا يمكن التنبّؤ أبداً بمصير المادّة التي تقوم تلك الثقوب بإبتلاعها، و لكن مع تطوّر علم الفيزياء و الفلك بشكل مستمر، فإننا نتوقع مستقبلاً ثبوت معلومات مثيرة حول الثقوب السوداء في الكون.