ما زالت إيران على عادتها القديمة تحيي مناسبات القدس وفلسطين في محاولة منها لكسب قيادة قضية فشل في حملها روّاد الأمّة العربية حتى القيادة الفلسطينيّة التاريخية عجزت هي أيضاً ولم تتمكن من ذلك بل إنّ جميع العرب تخلوا عن حملها بعد أن فشلوا لأسباب شتى ولم يبقَ في واجهة الصراع مع العدو الإسرائيلي سوى الأنظمة التي استثمرت في القضية الفلسطينية لصالح استقرارها السلطوي كما هو حال سوريا .
إيران على خلاف العرب الذين خسروا حروبهم مع اسرائيل لا تقاتل كما فعلت مصر مباشرة بل تدعم قوى فلسطينية بغية الإستثمار في الأمن الإسرائيلي لذلك تنفق إيران سنوياً على القضية الفلسطينية كتلة مالية ضخمة لتعزيز حضور إيران القوي في القضية الفلسطينية .
في فترات الثورة الإيرانية الأولى كانت إيران على تماس مباشر مع شعاراتها الثورية المنسجمة مع منطق القضية الفلسطينية وهي خطت خطوات مهمة في هذا المجال واستطاعت أن تؤكد فلسطينيّتها رغم "فارسيتها" المانعة من اختراق الجدار العربي المرفوع بوجهها .
ربما تكون المراحل الأولى من الثورة ومن ثم من نشأة دولة الثورة متصلة بالقضية الفلسطينية من أسباب كثيرة وأنّ الجهد الإيراني المبذول للقدس وفلسطين جهد ثوري غير خاضع لحسابات سياسية مستثمرة في قضايا الشعوب .
ربما تكون ظروف الثورة آنذاك ظروفاً منسجمة تماماً مع منطقها إلاّ أنّ ظروف اليوم مختلفة جداً إذ لا معنى لمؤتمرات عن الوحدة الإسلامية وايران تصدع من بُنيتها من خلال رعايتها المباشرة للجهات المذهبية الشيعية الحانقة على المذاهب السنية بطريقة مكفرة وشاتمة لزوج وصحابة النبيّ (ص).
ولا معنى" لاحيائية" تطال فلسطين والقدس وايران تحشد كل امكانياتها في سوريا والعراق واليمن وتخوض حرباً ضروساً مع العرب وفي مقدمتهم العربية السعودية لتثبيت دورها الإقليمي كقوة مسيطرة ومتحكمة بسياسات المنطقة .
إنّ من يخوض معاركه بمنطق مذهبي لا يستطيع أن يقنع الآخرين بجدوى سعيه للوحدة الإسلامية وأن من يقاتل في شوارع العراق وسورية واليمن لا يستطيع أن يُقنع أحداً بأنّ طريق فلسطين تمرّ بالزبداني السورية أو بالموصل العراقي أو بصنعاء اليمنية تماماً كما فعل الآخرون من قبل عندما مرت طريق فلسطين من الأردن ولبنان والكويت واليمن فهل وصلوا إلى مشارف القدس ؟
ثمّة من يعيد التاريخ نفسه رغم استشهاده الدائم بنكساته ويظن أنه بقادر على تغيير نتائج لن تتغيّر ما دامت المقدمات التي بدأ منها هي نفسها التبريرات التي استند عليها من قبل روّاد تحرير فلسطين أو أنه يستهلك الأمور بطريقة تضع الناس في شُبهة الطريق إلى فلسطين وقد فاته أنّ الفلسطينيين أنفسهم هم على خلاف كبير معه لوقوف إيران لصالح أنظمة يعتبرونها من أسوأ الأنظمة التي أساءت للقدس ولفلسطين قضية وشعباً .
لم يعد الخطاب الشيعي في كل القضايا وخاصة في الموضوع الفلسطيني مقنعاً لمليار سُني وأكثر من مليون لذلك يبدو السعي لإستعادة الدور في الإستخدام الفلسطيني محاولة فاشلة وهي رمية بغير محلها .
مؤتمر علماء القدس مجرد احتفال بمناسبة ميتة لأنهم ميتون في طرقها البعيدة تماماً عن طريق فلسطين الذي أضلوه بملء إرادتهم .
لقد باع الجميع القدس وفلسطين والصراع مع اسرائيل واشتروا حروب زواريب المذاهب ..