في الوقت الذي يتطلع الجميع الى نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى طهران لفك عقدة انتخاب الرئيس في لبنان، تتحمل الطبقة السياسية والشعب اللبناني المسؤولية عن تحويل بلدهم الى مزبلة مع تراكم النفايات فيه. وكان يجب أن تضع الطبقة السياسية في الأولوية منذ عقود إنشاء محارق ومصانع لتحويل النفايات. فالبحر في لبنان تلوث شيئاً فشيئاً خلال سنوات من دون اي اجراء لمنع ذلك. وكنا باستمرار نسمع المواطنين يشكون من تلوث البحر والمياه للزراعة والشرب ولا أحد يتحرك. واللبنانيون قاطبة مسؤولون وليس فقط الطبقة السياسية المنتخبة من شعب يتحمس لزعمائه يوم الانتخاب ولم يحاسبهم يوماً على ما يقدمونه له. فلو اهتم اللبنانيون بنفاياتهم وضغطوا بقوة منذ سنوات لإنشاء مصانع لتحويل النفايات ومحارق للتخلص منها لما كنا وصلنا الى هذه الدرجة من القذارة، حيث انتشرت نفايات البلد في أحياء العاصمة وبدأ السعي لدفنها في الأنهار او الجبال.
ان تحويل لبنان وعاصمته الى مزبلة جريمة بحق هذا البلد وهي ناتجة من فساد وإهمال ولا مبالاة بالوطن من الجميع. ان طمر النفايات بهذا الشكل اينما كان ومحاولة ايجاد مناطق لهذا الطمر خيار خطير على المواطنين المعرضين للأمراض نتيجة نفايات تتراكم ويتم البحث عن طمرها هنا وهناك من دون ايجاد حل جذري للمشكلة الملحة والتي ينبغي ان تكون اولوية. فهذه لا تتطلب جهوداً خارجية لا من ايران ولا من السعودية ولا من الولايات المتحدة ولا من فرنسا. فهي قضية داخلية يجب على المواطن اللبناني وبعيداً من اي انتماء سياسي ان يتحرك للضغط من اجل جعلها اولوية لأنها مرتبطة بحياة المواطن وبصحة الكبار والصغار.
النفايات المنتشرة في احياء بيروت تعطي الانطباع بأن الحرب عادت الى لبنان في حين ان الجميع في الخارج يتحدث عن وجود نوع من الاستقرار الهش في البلد المحاط بالحروب. ولكن من يتحدث عن هذا الاستقرار الهش يعيش خارج البلد ولا يرى ان شوارع العاصمة تحولت الى مزبلة وعجز الدولة معيب. ان السياسيين في لبنان يقودون معارك لتعيين هذا او ذاك في منصب معين اما النفايات فليست في اولويات معاركهم. ان حماية البيئة كانت ينبغي ان تكون اولوية سياسية واقتصادية واجتماعية في البلد لأن التلوث في الهواء او الماء كارثة تزداد خطورة يوماً بعد يوم ولا احد يسرع لمعالجتها. مسكين هذا البلد الذي يتدهور بهذا الشكل. فالتلوث البيئي الخطير الذي يعود الى سنوات ماضية ادى بنا الى العثور على كل انواع الغرائب على الشاطئ اللبناني الذي كان بإمكانه ان يكون لؤلؤة المتوسط. فوجدنا مثلاً قناديل بحر عملاقة حجمها يعبر عن الأوساخ التي تتغذى منها في البحر. وكم سمعنا عن اكتشاف بقرة او حيوان ملقى على الشاطئ دفعته الأمواج من البحر.
اما السباحة في لبنان فقد اصبحت مجازفة نتيجة التلوث الذي جعل البحر مكباً للنفايات. والمشكلة تتراكم منذ سنوات والإهمال والفساد يؤجلان ايجاد حل لها. والسؤال لماذا لم تبحث الحكومات المتتالية عن إنشاء مصانع لتحويل النفايات وكان بإمكان دول اوروبية عديدة ان تقدم المساعدات لمثل هذه المشاريع. حرام ان تهدر طبيعة لبنان بهذا الشكل وأمر معيب للجميع في لبنان ان يتحول بلدهم الى مزبلة وهي ليست قضية بيد الخارج ولكنها تبعث بتشاؤم كبير بمستقبل خطير للأجيال الشابة فيه ولجميع سكانه. المطلوب إنقاذ لبنان من المزبلة.