أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن “موضوع السجون في لبنان صعب”. وقال في حديث إلى محطة “الجديد”، إن “السجن الأول والاخير الذي بني في لبنان منذ سنة الـ60 هو سجن رومية، بالتالي ستتدهور الأمور مرة بعد مرة”.
وإذ أشار إلى أن “سجن رومية معد في الاساس لاستيعاب 1050 سجينا بالمعدل الطبيعي والإنساني وفي هذه اللحظة هناك 3200 سجينا، وعندما نقول أن هناك 3200 سجينا و800 عسكريا وضابطا يتولون الأمر، اي 4000 شخص في مكان واحد ومحدود، يستحيل أن لا تحصل أخطاء ومخالفات وتجاوزات”.
وفي السياق عينه، لفت إلى أن “محاولات عدة حصلت منذ سنة الـ2011 للدخول الى المبنى “ب” وفشلت وقتل 4 سجناء في ذلك الحين، وسقط عدد كبير من الجرحى، وقمنا بجهد استثنائي وقوى الامن وشعبة المعلومات والفهود قاموا بعمل جبار واستثنائي من دون أن يجرح أحد جرح يحتاج لمستشفى أو طبيب”.
وأوضح أن “في أي اقتحام يحصل ضرب لأنه يكون هناك رد لأشخاص متمردين في حالة هجوم، كذلك حصل لاحقا في المبنى “د”. هناك شيء غير إنساني أنا لا يمكنني أن أنكره، ولكن ما تمكنا من فعله عمليا في الفترة الاخيرة أنه لمرة الأولى في تاريخ لبنان يتم تحويل ضباط وعسكريين إلى القضاء العسكري ويحول ضباط وعسكريين إلى المجلس التأديبي بسبب إساءة معاملة السجناء”.
وردا على سؤال بشأن ضرب السجناء، أجاب: “هناك أمور لم نعلن عنها، وتم تحويل ضابطين وعسكري على المجلس التأديبي الاسبوع الماضي بسبب معاملتهم السيئة للسجناء.هناك فرق بين أن تعلن وتشهر بقوى الأمن وتصيب معنوياتها وبين اتخاذ الإجراء القانوني الطبيعي في هذه الحالة”.
وقال: ” منذ وصولي الى الوزارة اعتمدت مبدأ معالجة الأمور بالقانون وبعقوبات جدية كي لا يتكرر اي اعتداء غير مبرر وغير طبيعي على السجناء من دون “طنة ورنة”، فأنا لا ابحث عن الشهرة في هذا الموضوع، بل أبحث عن حفظ قوى الأمن”.
وأضاف: ” معظم سوء معاملة السجناء تتمثل بالضرب، ولكن لأكون صريحا، الضرب عادة لا يأتي من الفراغ أو بسبب المزاج، السجناء أيضا يشتمون بعضهم ويشتمون العسكريين ويعتدون عليهم اذا تمكنوا من الوصول اليهم، ولكن الحل يكون بالقانون، ولا يجوز لابن الدولة ان يرد على الاعتداء باعتداء مثله. هذه الثقافة لم تكن موجودة على مدى عشرات السنوات، ولا يمكن أن نخترع كل شيء دفعة واحدة، هناك ثقافة مختلفة عند الطرفين بالتعامل مع السجناء، وخاصة السجناء الذين لديهم سوابق ارهابية كبيرة”.
وأكد أنه “لم تحصل إحالة عسكريين باعتداء جنسي على سجناء، حصل من بعض العسكريين تصرفات شاذة ولكن ليست اعتداء جنسيا، تصرفات شاذة تجاه بعض السجناء وأخذنا الإجراءات، وهناك شخصان طردوا من قوى الأمن الداخلي بسبب هذه التصرفات، ولكن كل هذه الإجراءات تمت خلال شهرين أو 3. ولكن لا يمكن أن نعلن كل يوم عن الإجراءات التي تتخذ فهذه مؤسسة أمنية وهذا الامر يهدد معنوياتها. نحن نبدأ بمعاقبة المخطئ أو الضارب، ولكن عندما يحصل تشهير كل العسكريين الآخرين يرتبكون”.
وردا على سؤال بشأن الظروف السيئة للعسكريين في رومية، أجاب: “طبعا، هم أحرار ولكن ظروفهم من حيث القدرات والأماكن ومن حيث إقامتهم ليست جيدة، وهناك مشكلة كبيرة في العديد لذلك نرى أن هناك ساعات خدمة استثنائية. نحن نحاول معالجة الموضوع من اساسه ولكن كل الاجراءات التي يمكن اتخاذها بحق العسكريين أو كل الترميم بالمباني خاصة المبنى “ب” الذي تم والذي فيه حد معقول من حقوق السجناء الانسانية، لكن هذا غير كاف لأنه لا يمكن ان نضع 1000 إنسان في مبنى يتسع لـ 300، وننتظر ان يكون هناك انضباط وعلاقة طبيعية وانسيابية، سواء بين العسكريين والسجناء أو بين السجناء أنفسهم”، مذكرا أنه وصف ما حصل في سجن روميه بالاعتداء.
وعن اخلاء سبيل قادة محاور جبل محسن في مقابل الابقاء على سجن قادة محاور باب التبانة، قال: ” في هذه المسالة نتشاور مع القضاء ونتابعها الا انها في النهاية مسؤولية القضاء وليس وزارة الداخلية”.
وأضاف: ” للمرة الاولى منذ سنة 1960 يخصص في مجلس الوزراء مبلغ 55 مليون دولار واخذنا من التبرعات 5 ملايين دولار لبناء سجن ولكن هذا السجن يستوعب فقط 1000 سجين وبحاجة من سنتين الى ثلاث سنوات كحد أدنى في الوقت الذي نحتاج فورا لبناء 4 سجون في 4 محافظات ونبني سجنا مركزيا ولو ابقينا على روميه ولكن ان يكون استعماله معقولا ومنطقيا ويتم نقل الاحداث. والآن نعمل على مركز في الوروار لنقل الاحداث البالغ عددهم 130 سجينا و40 % منهم سوريون”.
وردا على سؤال بشأن الجهة المسربة لـ”اشرطة روميه”، أجاب: “لا اعرف فهذه المسائل التقنية تحتاج الى وقت طويل. والتحقيقات لم تصل لغاية الآن الى نتائج نهائية الا اننا نعمل على الموضوع. عمليا هناك اثنان من العسكريين الذين افرج عنهم كانت تهمتهم انهم اطلعوا على الشريط ولم يبلغوا المسؤولين. ولكننا لن نستطع التوصل لغاية الآن الى نتيجة.هذا الشريط بث من الصين ومن افريقيا في احد المرات وتم تداوله في جميع انحاء العالم ويتم تقصي الشريط معلوماتيا وتقنيا”.
وتابع: “نناقش عمليا مع وزير المال في امكانية تحسين شروط الطعام للسجين والآن زدنا الحصة الغذائية للسجين وخصصنا اشخاصا مختصين بالتغذية للاشراف على نوعية الطعام الذي يقدم ونضغط على متعهد الاكل ان يحسن نوعية الاكل. الوضع الصحي للحانوت غير صحي في السجن ونقوم بمعالجته”.
وأردف: “كل ما نقوم به هي عبارة عن ابر مسكنة ومحاولة تحسين من ظروف سيئة جدا الى ظروف سيئة. الظروف الحسنة والطبيعية والحقوق الانسانية للسجناء لا يمكن ان تتم الا ببناء اربعة سجون مركزية في المحافظات القديمة ويبقى السجن المركزي في بيروت اما في روميه او غيرها عدد محدود من المساجين”.
وشدد على أن “المشكلة الاكبر هي النظارات، ففي كل مراكز التحقيق هناك مشاكل جمة، وهناك تقليد في القسوة خلال التحقيق، سواء بنسبة عالية عند الجيش ومديرية المخابرات تحديدا وبنسبة أقل عند بعض مراكز التحقيق حتى في التهم العادية لدى قوى الأمن الداخلي. يأتيني رسائل وشكاوى من مواطنين او موقوفين سابقين واتابع كل موضوع على حدة. في موضوع الاكل والاتصالات وتسهيل انتقال الاهالي خصصنا حافلات لنقل الاهالي”.
وعن الهبة التي خصصت للسجون ولم ينفذ منها شيء، قال: “هذا الملف حولته الى القضاء العسكري واتابعه يوميا، وهناك مبالغة بارقام الهبة، فنسبة الترميم والابواب هي اقل من 40 % من المبلغ لان باقي المبلغ كان مخصصا للتقنيات اي للكاميرات ولم يحصل تقصير فيها التقصير حصل في الترميم والمسؤول عنه عدة جهات وليس فقط المتعهد. المسؤول هي الادارة التي تابعت والاستشاري والمتعهد. انا لست جهة تصدر احكاما والموضوع الآن موجود لدى القضاء العسكري ويتم متابعته. ولا اعتقد ان هناك اموالا متبقية ولكننا حاولنا ان نستفيد مما حصل والزمنا المتعهد بأن يقوم بالاعمال”.
وأضاف: “لست الجهة المختصة للادانة او التبرئة وكل ما حصل من تقصير في السابق مسؤول عن متابعته القضاء العسكري وما يصدر عنه ينفذ. مهمتي الآن ان اؤمن للمساجين الحد الادنى من الحقوق الانسانية والتمويل اجده في اي طريقة”.
وحول تأخير المحاكمات وسجن اشخاص لسنوات ثم حكموا براءة، أجاب: “هؤلاء أصحاب حق، وهذه الأمور تحصل حتى في الدول المتقدمة ولكن الدولة تعوض لهم وهذا حقهم”، وأضاف: “لدي ثقة بالمجلس العدلي وبأن أحكامهم قد تكون قاسية ولكن ليست ظالمة. هناك فرق بين القسوة وبين الظلم. هناك انتقادات كثيرة حول أسلوب عمل المحكمة العسكرية، لبنان من الدول القليلة التي يحق فيها للمحكمة العسكرية ان تتعاطى مع المدنيين في قضايا محددة سواء الارهاب أو إطلاق النار”.
أما عن الحكم الصادر بحق الارهابي ميشال سماحة، فقال: “ميشال سماحة حول الى محكمة التمييز العسكرية والآن تجري إعادة محاكمته. هذا الكلام بات وراءنا وليس امامنا”.
وردا على سؤال، أجاب “نعمل اليوم كي يكون الوضع بالحد الأدنى بالحقوق الطبيعية للسجناء، ومن الحقوق الطبيعية للعسكريين ايضا في حوالي 6 اشهر. نعمل يوميا على موضوع المخدرات والهواتف، لذلك ما زال الاصرار على موضوع دخول الطعام، لأن أحدى الروايات المحققة أنهم يدخلون حبوب مخدرة بالطعام”.
وأشار الى أن “الدولة منذ سنة الـ90، و كل الحكومات مقصرة بهذا الملف من دون استثناء، والدليل هو ما وصلنا اليه. لو كان هناك تخطيط منذ سنة الـ90 يبنى عليه سجن وراء سجن وتحسين اوضاع وراء تحسين اوضاع، لما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. ولأكون أكثر وضوحا وصراحة، كل وزراء الداخلية من سنة الـ90 حتى اليوم مقصرون وأنا أيضا مقصر”.
وتابع: “السنوات الست الاخيرة ليست كافية لمعالجة ما سببه التقصير مدة 25 سنة. ربما إنذار الـ2011 كان يجب أن يكون سببا لقرارات كبيرة كالتي اتخذت الآن، وهذا لم يحصل. هناك متابعة حثيثة في كثير من المجالات. السجناء المرضى المصابون بأمراض مستعصية وذوي الاحتياجات الخاصة يتطلب وضعهم عفوا خاصا، حضرنا لوائح بشأنهم ولا يمكن لأحد أن يوقع على العفو الخاص سوى رئيس الجمهورية”.
سئل: عندما يكون هناك وضع غير انساني لسجناء، الا يقتضي ذلك لفتة خاصة من القضاء بالتعاطي مع مصير حياتهم ملفاتهم؟ هل تتعاونون مع لجنة تخفيض العقوبات؟ أجاب: “طبعا، الرئيس المسؤول عن اللجنة زارني منذ ايام وتابعنا هذه الامور. وأنا أتابع هذا الموضوع وكذلك وزير العدل (أشرف ريفي). أنا لا أدعي أنني أمنت حقوق السجناء، أنا أدعي أنني أعمل يوميا لتأمين جانب من الحقوق، مرة الطبي، مرة الأكل، مرة المعاملة، مرة الماء…. هذا الملف فيه عشرة تفرعات ولا يمكن حلها دفعة واحدة، خاصة مع إمكانيات مادية قليلة”.
وختم: “شكلنا حكومة على اساس انها حكومة انتقالية وليست حكومة تستمر لسنوات ولم يخطط اي منا على انه سيبقى لفترة وطويلة ويخطط لمشاريح تحتاج الى وقت طويل ولكن عندما وجدنا انفسنا امام ازمات استطعنا ان نضع الامور على السكة والآن الامور في بداياتها فمن يأتي بعدي سيجد الامور امامه وعليه ان يتابعها لا ان يبدأ بها من جديد وهذا الامر يسهل الكثير امامه”.
(NNA)