في الخطاب الذي ألقاه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يوم السبت الماضي في احتفال تكريم خريجي مؤسسة الشهيد ، كان السيد نصر الله هادئاً ومطمئناً ومرتاحاً وهو يشرح مواقف الحزب من مختلف التطورات الداخلية والخارجية، ورغم حرص السيد على الرد الدقيق والكامل على الذين يشككون بوضع الحزب ومستقبله فإنّه اعتمد المنطق والموضوعية في الرد ولم ينفعل أو يصدر مواقف سلبية من الذين يشككون بأداء الحزب ، وتعاطى مع الأمور بهدوء .
ولم يكتفِ السيد بشرح مواقف الحزب وأوضاعه ، بل أطلق سلسلة مواقف حول الوضع اللبناني تؤكد حرص الحزب على مصلحة البلد ومستقبله من خلال التأكيد على أهمية بقاء الحكومة وعدم استقالة رئيسها لأن الإستقالة ستؤدي إلى دفع البلد نحو المجهول وبذلك بدا السيد حريصاً على مصالح الناس والمواطنين .
كما أنّ دعوة السيد لتيار المستقبل للحوار مع التيار الوطني الحر وضع النقاط على الحروف من أجل معالجة المشكلة السياسية في البلد لأنّه بدون هذا الحوار ستبقى الأوضاع متأزمة.
وغداً الثلاثاء يطل السيد حسن نصر الله في المؤتمر العلمائي الأول الذي يعقده الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في قصر الأونيسكو تحت عنوان: متحدون من أجل فلسطين، وزوال اسرائيل حقيقة قرآنية وحتمية تاريخية، ومن خلال هذا المؤتمر وعنوانه يؤكد الحزب وحلفاؤه أنّ الموقف من القضية الفلسطينية لن يتغير بعد الإتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى وأنّ الدعم لقوى المقاومة مستمر.
ومن خلال خطاب يوم السبت وعشية خطاب يوم الثلاثاء يبدو أنّ حزب الله وحلفائه في إيران وسوريا والعراق يتجهون نحو استعادة زمام المبادرة في المنطقة في ظل التطورات الجارية في أكثر من دولة وازدياد التحديات التي تواجهها هذه الدول بسبب تزايد دور التنظيمات الإسلامية المتشددة وعلى رأسها تنظيم داعش والذي أصبح يشكل الخطر الأوّل في كل المنطقة .
وعلى ضوء هذه الأوضاع والتطورات فإنّ على بقية القوى السياسية والحزبية إن في لبنان أو المنطقة أن تعيد قراءة التطورات الجارية فما كان صحيحاً قبل سنوات لم يعد صحيحاً اليوم وما كان غير صحيح أو ملتبس قبل سنوات أصبح اكثر وضوحاً اليوم، فإذا كانت المعركة قبل سنوات من أجل الإصلاح السياسي والتغيير محقة ويجب الدفاع عنها ، فاليوم أصبح التحدي، كيفية حماية الدول والكيانات ومواجهة التطرف والعنف وإعادة الاستقرار إلى الدول وفي المنطقة كلها.
طبعا لا بد من التأكيد دوماً بأنّ ضمان الإستقرار واستمراره في أيّة دولة يتطلب تحقيق الديموقراطية والمساواة بين المواطنين وحماية حقوق الإنسان بشكل كامل وإنهاء الظلم والديكتاتورية ...
لكن أليس المطلوب اليوم إعطاء الأولوية لإعادة حماية الدول من الخراب والإنهيار ومن ثم يجري البحث في مستقبل النظام السياسي .
نحن اليوم معنيون بإعادة النظر بمواقفنا وملاقاة حزب الله والسيد حسن نصر الله في البحث في كيفية حماية الإستقرار والدفاع عن أوطاننا ولم يعد من الصحيح البقاء على مواقفنا السابقة ، فالتحديات والمخاطر تزداد ولا بد من الحوار والنقاش الهادئ بدل توجيه الإتهامات من بعيد وهذه مسؤولية الجميع، فالأوضاع في لبنان والمنطقة تتجه نحو مرحلة جديدة ولا يمكن معالجة الأزمات إلا بالحوار الصريح والمباشر وإلا فإننا ذاهبون جميعاً نحو المجهول .