اذا كانت استقالة الحكومة "لن تقدم او تؤخر" وفقاً للاعتبارات السياسية للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فإنها " لزوم ما لا يلزم" وفقاً للرأي الدستوري للرئيس حسين الحسيني، السيد ايضا، الذي قال لـ"النهار" ان "هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال في ظل مجلس نواب غير شرعي. والاستقالة أو عدمها هي عينها. كما ان الاستقالة لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم، بما انه لا فراغ في السلطة، لأن الاستقالة لا تقبل إلا مع تأليف حكومة جديدة. فعندما يستقيل رئيس الحكومة يصرّف الأعمال الى حين تشكيل أخرى جديدة. علماً ان مرسوم تشكيلها يبدأ بعبارة "تقبل استقالة الحكومة..." ثم تعيّن حكومة جديدة. وبالتالي تصبح الاستقالة لزوم ما لا يلزم". أما الاعتكاف، في رأيه، فلا يعفي من المسؤولية "لأنه اذا حصل ضرر ما من جراء الاعتكاف يكون المعتكف، أكان رئيس حكومة أم أحد الوزراء، مسؤولاً شخصياً عن الضرر. يعني أي وزير يعتكف يكون بذلك يخلّ بواجباته ما لم يحلّ مكانه آخر".
لكن كلام السيد نصرالله ببعده السياسي ونبرته التهديدية، والذي ادخله على خط التعطيل مباشرة، بتأكيده مجددا دعم حليفه العماد ميشال عون، وعدم دخول الحزب وسيطا للتقارب، استدعى ردا من الرئيس فؤاد السنيورة، في مقابل إحجام عن التعليق من الرئيس تمام سلام الذي اجرى سلسلة اتصالات شملت الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وآخرين، ظاهرها معالجة ملف النفايات، وباطنها جس نبض حول المرحلة المقبلة، وخصوصا بعدما اتخذ ملف النفايات طابعاً مذهبياً ومناطقيا وحزبيا يهدد بانفراط أي حل مقترح.
وعلمت "النهار" أن الرئيس سلام أبلغ أحد الوفود التي زارته في دارته بالمصيطبة أن طلبا وجه الى القوى الامنية من أجل العمل على فتح الطريق الساحلية في منطقة الجيّة لكن لم يتم التجاوب معه، مما جعل مساعدي الرئيس في ريبة مما يحصل ونقلوا عنه أنه بين بقائه رئيسا لحكومة لا تعمل وحكومة تصريف أعمال يفضل الخيار الثاني.
وقالت مصادر لـ"النهار" إن "تهديد نصرالله لا ينطلق من حرص على سلام بل من تخوف من مرحلة تصريف الاعمال حيث لا يجتمع مجلس النواب من دون حكومة، ولا اجتماع لمجلس الوزراء، وتالياً لا معطل ولا تعطيل امام ما يريده الرئيس سلام".
مجلس الوزراء
وعشية جلسة مجلس الوزراء غداً، صرّحت مصادر وزارية لـ"النهار" بأن الجلسة التي ستنصرف الى البحث في الآلية الحكومية والنفايات محكومة بالدوران في الحلقة المفرغة وفق المعطيات المتوافرة، كما ان الاتصالات الداخلية والعربية والدولية التي تلقاها سلام لثنيه عن فكرة الاستقالة لم يواكبها تقديم حلول من أقصى 8 آذار الى أقصى 14 آذار في شأن الآلية والنفايات. واعتبرت أن علامة الاستفهام الكبرى ستكون حول موقف الرئيس سلام غدا، فإذا اقتنع بصرف النظر عن الاستقالة فهل يتجه الى الاعتكاف؟ علما أن الاعكتاف ليس الاول من نوعه لرئيس حكومة، لكنه سيكون الاول من نوعه في غياب رئيس الجمهورية الذي يتولى عادة إدارة الامور في هذه الحال.
وفي هذا السياق صرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" أن البعض "يريد أن يحوّل النفايات ضد الرئيس سلام مثلما جرى تحويل الدواليب المحروقة عام 1992 ضد الرئيس عمر كرامي، لكن الرئيس سلام لن يقبل بهذا الامر وهو مستعد لقلب الطاولة في وجه الجميع".
النفايات
وفي ملف النفايات ايضا، ما بدا انفراجا ليل السبت - الاحد مع اعلان الرئيس سلام توافر الحل، وانطلاق اعمال جمع النفايات منذ صباح الاحد، تعقد من جديد مع رفض اهالي اقليم الخروب نقل النفايات الى سبلين، واقدامهم على قطع الطريق الساحلية التي تربط بيروت بالجنوب، في منطقة الجية. ولم تنفع الاتصالات والاجتماعات مع البلديات التي رعاها وزير الداخلية نهاد المشنوق والامين العام لـ"تيار المستقبل" احمد الحريري في توفير مخرج لفتح الطرق امام الناس العالقين او لوصول الشاحنات المحملة الى النقطة المحددة.
وقد تفجر الملف داخل البيت السني، اذ اتخذت "الجماعة الاسلامية" موقفا داعما لرفض الاهالي في عكار او في اقليم الخروب، واعتبر ناشطون اسلاميون ان الوزيرين نهاد ومحمد المشنوق، مدعومين من نواب "المستقبل" وفرا حلولا على حساب المناطق ذات الاكثرية السنية، مما دفع وزير الداخلية الى التصريح بعد اجتماع برؤساء البلديات "ان شيئا لن يحصل الا بعد موافقة الاهالي".
جنبلاط
وسألت "النهار" النائب وليد جنبلاط عن أزمة النفايات فأجاب: "تطبق حتى الان سياسة السلاح الابيض حيال معركة النفايات. وان تراكمها في الاحياء والشوارع وتشويهها للمنظر العام، يبقان اقل ضررا من الاقدام على حرقها. بيروت الكبرى هي لجميع اللبنانيين وليست لفريق واحد وهي عاصمتنا ونحن نقطن فيها، ونرفص طرح نظرية الغرباء". واضاف: "يجب ان نتعاون معا لرفع النفايات من شوارع بيروت المظلومة وان نعمل جميعنا للمساهمة في حل هذه الازمة".
وسئل هل يؤيد الطرح الذي يدعو الى نقل كميات من نفايات بيروت الى اقليم الخروب، فأجاب: "هذا الامر يتم بالتوافق مع البلديات في الاقليم. ويبذل وزيرا الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والبيئة محمد المشنوق جهودا كبيرة وجيدة في هذا الخصوص. ويجب ان توزع نفايات العاصمة على الاقليم وصيدا ومناطق اخرى وفق دفتر شروط واضح ولفترة ستة اشهر الى حين انشاء محرقة مركزية متطورة في بيروت وفق الشروط العلمية والصحية على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة في العالم".
واشار الى ان "المعنيين سيتابعون اليوم الاتصالات المطلوبة لطي ازمة النفايات والخروج من هذا النفق الامر الذي يساهم في تثبيت الحكومة واستقرارها". ورفض جنبلاط قطع اوتوستراد الجنوب "ويجب على الجميع ان يتلاقوا للتوصل الى حل ينهي هذه الازمة".