حاول الرئيس السوري بشار الأسد خلال حديثه اليوم الأحد التشبيه بين إيران وسوريا للإستنتاج بأنّ النظام السوري سينتصر كما انتصرت إيران في إحتواء المعارضة الداخلية التي انطلقت في العام 2009 كما انتصرت في الحصول على حقها النووي بعد صراع طويل مع القوى الخارجية .
وأشاد الرئيس السوري بتضامن الشعب الإيراني جميعاً بما فيهم المعارضة السياسية مع النظام في القضايا الوطنية ووقوفها في وجه أعداء إيران .
إنّ الرئيس السوري في تلك التصريحات خلط بين مجموعة من القضايا ، يجب الفصل بينها .
إنّه يجانب الصواب عند ما يقارن بين النظام السوري البعثي الذي تحكمه عائلة واحدة منذ 45 عاماً بأسلوب قمعي وديكتاتورية حزبية، وبين النظام الإيراني الذي تعتمد على الإنتخابات ويجري فيه تداول للسلطة، بالرغم من أن هناك أخطاء ومشاكل في الإنتخابات.
ويبدو أنّ الشعب الإيراني يثق بالإنتخابات منذ بداية انتصار الثورة، والإنتخابات الوحيدة التي أثارت نتائجها الشكوك والإعتراضات الشعبية، هي الإنتخابات الرئاسية عام 2009 والتي أدّت إلى توتر كبير في البلاد عبّر عنه بشار الأسد بأنّه بداية الربيع في المنطقة ، بينما هناك فرق نوعي بين الإحتجاجات على نتائج الإنتخابات الرئاسية في إيران، وبين ثورات الربيع العربي، حيث أنّ الحركة الخضراء الإيرانية إستهدفت إصلاح النظام وتخليصه من فئة أحمدي نجاد وسياساته المدمرة التي لم تترك إلا شراً للبلاد، وما كانت تريد المعارضة الإيرانية إسقاط النظام، ولكن استهدفت جميع ثورات الربيع العربي، إسقاط النظام، وهذا الفرق واضح ونوعي.
فضلاً عن أنّ النظام الإيراني بالرغم من خطئه الإستراتيجي في فهم المعارضة الخضراء، وعجزه عن تفهم مطالبها المحقة خاصة فيما يتعلق بعدم ثقته بأحمدي نجاد ، ولكنه تمكن من لجم المتطرفين الذين كانوا مستعدين لقتل ملايين من المعارضين الأبرياء المحتجين على نتائج الإنتخابات واتضح له وتبين فيما بعد بأنّ الحركة الخضراء ليست معادية وأنّ الخطر الذي كانت تتخوف منه الحركة الخضراء على البلد من قبل جماعة أحمدي نجاد ، كان خطراً حقيقياً على البلد أكثر من الإستكبار العالمي.
كما أنّ المعارضة الإيرانية لديها نزعة قومية ووطنية بإستشناء جماعة مجاهدي خلق الإرهابية التي كانت عميلة لصدام حسين ، وكان لافتاً أنّ ولي العهد السابق رضا بهلوي خلال مقابلة مع قناة بي بي سي الفارسية قبل أيام، أعرب عن دعمه لإتفاق فيينا النووي، حيث إنّ هذا الإتفاق جنب الحرب عن إيران، رغم تحفظه بأنّ هذا الإتفاق يجب أن لا يؤدي إلى الغض عن انتهاكات حقوق الإنسان.
نعم، الحق مع بشار الأسد عندما يمدح المعارضة الإيرانية بأنها تقف بجانب النظام في القضايا الوطنية وترفض أيّ تدخل عسكري ضد بلادها، وهذا ما لا يوجد عند أغلبية أطياف المعارضة السورية التي تفقد رؤية وطنية، ولا تفكر بأن عسكرة المعارضة لن تؤدي إلى نتائج إيجابية بل تسابقت في اللجوء إلى أحضان أعداء الأمة العربية الإسلامية والإستعانة بهم .
ولكن هل يمكن تجاهل طبيعة النظام السوري البعثي ، الحزب الواحد القمعي الذي اعتمد على الرعب والتخويف، بدل انتهاج طريق التنمية السياسية والإقتصادية؟
هل يمكن تجاهل حقيقة التعامل السيئ مع المتظاهرين المحتجين في شوارع مدن سوريا المطالبين بالحرية والعدالة وكأنهم ليسوا بشر؟
صحيح أنّ المعارضة الإيرانية، لديها نزعة عقلانية وأنّ لديها نفس طويل في طريقها نحو الديمقراطية ولا تبحث عن ديمقراطية تمر من الدمار والمقابر الجماعية، ولكن يجب أن يُنصف النظام الإيراني بأنه قابل للتفاوض ومستعد للخضوع إلى إرادة الشعب، كما تبين خلال الإنتخابات الرئاسية الأخيرة .
هل النظام السوري مستعد بإتخاذ شقيقه الإيراني نموذجاً وأسوة في هذا المجال؟ أو يريد الإستمرار بالتغذي من إرهاب جماعات وحشية من أمثال داعش وجبهة النصرة كمصدر لشرعيته أو تبرير استمراره؟