صار لأزمة النفايات أيضا عدادها في لبنان اسوة بالازمات السياسية، أذ تطوي اسبوعها الاول وسط تفاقم تداعياتها الشديدة الاذى بيئيا وصحيا الى حدود واسعة مع ارتفاع درجات الحرارة واتساع رقعة الحرائق في مختلف المناطق. وبدا انتظار المعالجات السياسية الملحة اشبه برهان على فراغ نظرا الى الانسداد الذي يخشى ان يكون حاصر الحكومة في ازمتها السياسية المتصلة بموضوع الخلاف على آلية عمل مجلس الوزراء والذي رحل من جلسة الخميس الماضي الى جلسة الثلثاء من دون اي ضمانات تكفل التوصل الى مخرج لهذه الازمة في الجلسة المقبلة.
ولعل ابلغ دليل على السباق الجاري بين التوترات الاجتماعية الناشئة عن أزمة النفايات والتوترات السياسية التي لا تزال تحكم ازمة الحكومة ان زوار السرايا الحكومية يعكسون اجواء قاتمة حيال التصورات والاحتمالات التي قد تنشأ عن استمرار تعطيل مجلس الوزراء مما ينفي عن تلويح رئيس الوزراء تمام سلام بإمكان استقالته وتحول الحكومة حكومة تصريف أعمال اي طابع تهديدي او مناوراتي، بل ان هذا الخيار يبدو كأنه وضع فعلا على الطاولة الخلفية في السرايا في انتظار الاختبار الحاسم الاخير الثلثاء المقبل. وبينما لوحظ ان فريق "التيار الوطني الحر" سعى بقوة الى نفي وجود اي احتمال جدي لاستقالة رئيس الوزراء لم يقترن ذلك بمرونة لجهة تفسير هذا الفريق موضوع الآلية الحكومية خصوصا لجهة التمسك بالشركة الوزارية مع رئيس الوزراء في تقرير بنود جدول اعمال جلسات مجلس الوزراء وهي النقطة التي باتت تشكل فتيل التفجير السياسي داخل الحكومة.
وقالت اوساط وزارية مطلعة لـ"النهار" ان ثمة مساعي جدية لتعطيل هذا اللغم قبل انفجاره في جلسة الثلثاء لان الجميع باتوا يدركون ان الرئيس سلام قد "طفحت كأسه" على رغم ان موقفه يحظى بتأييد غالبية مكونات الحكومة، ولكن المضي في لعبة التعطيل بات يشكل بالنسبة اليه مخططا واضحا لشل الحكومة وفي هذه الحال فهو لن يقبل ان يغطي هذه الخطة ما دامت مفاعيلها آيلة الى تحويل واقع الحكومة الى تصريف اعمال مقنع. واشارت الاوساط الى ان المهلة المتبقية لجلسة الثلثاء يفترض ان تشهد جهودا مختلفة تماما عن تلك التي سبقت الجلسة الاخيرة التي بقي كل شيء بعدها على حاله والا فان رئيس الوزراء لن يكون مستعدا لتلقي كرة النار التي يراد للحكومة ان تتآكل فوقها وخصوصا مع تصاعد النقمة الشعبية الى ذروتها جراء أزمة النفايات التي حال تعطيل الحكومة دون التصدي لها بالسرعة اللازمة.

جنبلاط وقيادة الجيش
ووسط هذه الاجواء المشدودة، اتخذ دفاع رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط أمس عن قيادة الجيش دلالة بارزة اذ ادرج موقفه في خانة الرد الضمني على مواقف رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون من القيادة العسكرية في اطار سعي عون الى تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش وقطع الطريق على التمديد المرجح لقائد الجيش العماد جان قهوجي. وبرز هذا البعد الجديد في موقف جنبلاط من قوله ان التعرض لقيادة الجيش "غير مفيد ولا يصب في خدمة الاهداف التي تسعى المؤسسة العسكرية الى القيام بها في ظل ظروف بالغة التعقيد والصعوبة يعرفها القاصي والداني"، لافتا الى ان "الحفاظ على الاستقرار يفوق بأهميته كل الاعتبارات الاخرى".

 

جعجع
وفي سياق سياسي آخر، علمت "النهار" أن حصيلة المحادثات التي أجراها رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع مع قيادة المملكة العربية السعودية ومشاوراته مع الرئيس سعد الحريري في جدة تشير الى أنه يجب عدم انتظار أي حلحلة في لبنان وخصوصاً ما يتصل بالانتخابات الرئاسية التي لا زال القرار الاساسي في شأنها في يد إيران؟
لكن الموقف السعودي من الانتخابات الرئاسية في لبنان يرى أن هذا الملف في ايدي اللبنانيين أنفسهم وبشكل أدق أنها تعتبره موقعا مسيحيا. وفي تقدير قيادة المملكة أن التقارب بين المسيحيين سيكون حول مشروع الدولة وليس حول أي مشروع آخر. وترى قيادة المملكة أن حل موضوع "حزب الله" هو في إيران ولكن على قوى 14 آذار أن تقوم بما ينبغي من أجل مشروع الدولة والاستقرار في لبنان، والمملكة ستكون الى جانبها في هذا المضمار، لكن هذه القوى لا تعمل ما فيه الكفاية. 

48 ساعة؟
اما على صعيد أزمة النفايات، فقال مصدر كتائبي لـ"النهار" إن الاجتماع الذي انعقد أمس في البيت المركزي للحزب في الصيفي وضم وزير البيئة محمد المشنوق ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورؤساء اتحادات البلديات في جبل لبنان، خلص إلى حل لأزمة النفايات خلال 48 ساعة.
وأوضح أن المجتمعين بحثوا في الحلول الممكنة واتفقوا على أن تنقل النفايات بعد جمعها إلى أمكنة سماها المشنوق "مرائب" Parkings، على أن تكون مفروزة ومضغوطة ومصفاة من السوائل وموضبة في مكعبات بلاستيكية محكمة الاقفال، وذلك لمدة أسابيع أو ثلاثة - اربعة أشهر ريثما تتسلم الشركات الجديدة المهمة وتنقلها إلى حيث تعالج وتطمر نهائيا. وتتولى "سوكلين" موقتاً بالآلات والمعدات المتوافرة لديها، وبناء على طلب من الوزارة، أعمال الفرز والتوضيب على الأرض التي تشغلها في الكرنتينا والتي تعود ملكيتها إلى الدولة بعد انتهاء العقد مع الشركة باعتبار أن المسألة استثنائية وطارئة.
وأضاف أن المسألة متوقفة حالياً على وزير البيئة الذي أبلغ المجتمعين أنه سيتخذ قراراً خلال 24 ساعة يحدد بموجبه الكسارات القديمة التي ستستقبل النفايات الموضبة موقتاً، مشيرا الى أنه في بداية الاجتماع كان يتجه إلى تحميل البلديات والاتحادات البلدية مسؤولية موضوع النفايات برمته، لكنه جُبه بإصرار على أن الموضوع من صلاحية الوزارة، ولا جهة غيرها يمكنها  تحديد أمكنة التجميع في انتظار فض عروض الشركات في كل المناطق خلال أسبوعين .
ولفت المصدر الكتائبي إلى أن النائب الجميّل كرّر مراراً أن الشركات غير قادرة على فرض مواقع جمع النفايات كما أن لا بلدية يمكن أن تقبل بوضع نفايات في نطاقها، ولو موقتاً. وهذه المسؤولية تالياً هي مسؤولية الدولة، وتحديداً وزارة البيئة.
ومن جهته، عرض الوزير المشنوق ملفاً من 16 صفحة عن الكسارات التي تحتاج أمكنتها إلى استصلاح في كل لبنان.
وانتهى المصدر الكتائبي الى أن الشوارع والأحياء ستعود نظيفة خلال 48 ساعة في ضوء التزام وزير البيئة تحديد أمكنة التجميع الموقتة.