عندما ضرب إعصار الثورات العربية جدار دمشق الذي انهار سريعاً وتبيّن هشاشة سلطة كانت راعبة للسوريين وللبنانيين وفتحت الحرب بئر أسرارها صرّح مسؤولون سوريّون وغير سوريين من حلفاء النظام بأن سقوط الأسد سيضع أمن اسرائيل في مهب رياح عاتية .
نحن أمام تصريح رسمي سوري يعلن مسؤولية نظام عن أمن عدو وهذه المسؤولية تكشف عن علاقة واضحة في الأدوار والمسؤوليات وعندما تلامس الأمن يعني أن الترتيبات الناظمة للعلاقة الأمنية هي في أعلى مجالات التنسيق وهذا ما دفع الأمريكيين إلى التأني أو التراجع عن مسألة اسقاط الأسد والسعي نحو مستقبل سياسي سوري جديد لأن اسرائيل المعنية بسوريا لا ترغب في نظام لا تعرف هويته وهي خبرت نظاماً يشبهها في الهوية القومية وفي عسكرة الدولة وأولوية الأمن واتباع سياسات مشركة في موضوعات فلسطينية ولبنانية تقاطع فيها الإسرائيليون والسوريّون .
أربعون سنة والحدود السورية – " الإسرائيلية " تنام في مهد الأسد لا أحد يعكر صفو الأمن الإسرائيلي وهُدنة ال47 بين النظامين من أآمن الهُدن العربية وهي أقوى من المعاهدات المبرمة بين إسرائيل ودول عربية فالحدود المصرية شهدت وتشهد حضوراً قويّاً في المقاومة الفلسطينية كما هي حال الحدود الأردنية ولم تنجح الترتيبات الأمنية من منع مقاومين قاصدين وجه الله في فلسطين .
من هنا ثمّة من يرى أنّ العائق الحائل دون إسقاط النظام في سورية هو بحث اسرائيل عن ضمانات أمنية بديلة غير متوفرة حتى الآن طالما أنّ المعارضة في سوريا غير واضحة وملتبسة وطالما أن نتائج الربيع العربي لم تحسم خياراتها بعد لأنها ما زالت في طور صراعاتها الداخلية على السلطة وأن المنطقة لم تستقر على توازنات جديدة وما زال الصراع الإقليمي على أشُده بين إيران والسعودية فإنّ مزيداً من الوقت سيحسم موقف اسرائيل من الأزمة السورية على ضوء المستجدات القادمة رغم اعترافها واقتناعها بمقولة النظام الذي تعرفه أفضل من النظام الذي لا تعرفه ، وهي خبُرت نظاماً أميناً على أمنها وكان جديراً بالحراسة المُشددة على حدود كانت الأكثر أمناً من بين الحدود العربية المشتركة مع " اسرائيل " .