اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية أنها إحدى الإشارات من المملكة على الإهتمام بلبنان وخصوصاً بقيام الدولة ودعم الإستقرار فيه"، مكررا "أنها تأتي في إطار التعارف عن كثب على الإدارة الجديدة"، مشيراً إلى أنه "جرى التركيز فيها على الشأن اللبناني بالإضافة إلى الجولة في الأفق الإقليمي."
وأشار إلى أن " النظرة السعودية لم تتغير إزاء سوريا، كل ما يحكى عن إمكانية إعادة تواصل مع بشار الأسد نتيجته صفر"، يقول: "لا صحة على الإطلاق لذلك"، وعملياً "نظام الأسد غير موجود، ووضعه المجمد باق بفعل القوة الإيرانية، والخيار السعودي واضح لا تراجع عنه، أي دعم الشعب السوري وخياراته".
وأوضح جعجع أن الحدث الدولي الأبرز أي الإتفاق النووي الإيراني، يجب وضعه في سياقه الطبيعي، ولا يريد تحميله أكثر مما يحتمل، لا سيما أنه لا يحمل أي ملاحق سياسية متعلقة بالمنطقة، وهو مرتبط بالمسألة النووية فقط، وتفاصيل التخصيب والمراقبة الدولية. من وجهة نظر جعجع لم يحمل الإتفاق لا هزيمة ولا إنتصار لإيران، لكن "النظام هناك لا يمكن أن يحتمل أي هزيمة وتركيبته تتطلب دوماً الإنتصار ولغة الإنتصارات"، لكن ما يقلقه هو "محاولة الإيراني التصعيد أكثر في المنطقة من أجل القول لشعبه وجمهوره بأنه ما زال قوياً ومشروعه موجوداً".
في المرحلة المستقبلية يعتبر جعجع أنه سيكون لإيران إمكانيات مادية أكبر وعليه فإن الإتفاق سيؤدي إلى التصعيد في الشرق الأوسط، من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات ومن الصعب المراهنة على تراخ إيراني في هذه المرحلة. وكغيره من السياسيين يعتبر أن لا سياسة أميركية واضحة في الشرق الأوسط، بل تردد في مكان ما، ويضيف: "يجب الفصل بين أميركا كقوة عظمى وهذه الإدارة الحالية التي تريد إنتزاع أمور معينة كما فعلت مع النووي".
لبنانياً، يشير إلى أن السعوديين سألوه عن الإستحقاق الرئاسي ومصيره، فقدّم وجهة نظره المتمثلة بأن إيران تمارس نفوذها في لبنان عبر نقاط قوتها المعتمدة على "حزب الله"، وهي لا تريد للدولة أن تكون قوية، لأنه بمقدار ما تكون الدولة ومؤسساتها ضعيفة يستفيد الحزب، ويبقى مسيطراً على القرار الإستراتيجي، ولذلك لا تريد إيران تسهيل الإنتخابات الرئاسية.
ولا يتوقع جعجع تسهيلاً إيرانياً للإستحقاق الرئاسي وإن كان الحراك الدولي جدياً جداً، لكن في المقابل يستبعد أن تكون العرقلة الإيرانية مقدمة لنسف الطائف لأن "الأكثرية تريده ولا يمكن فعل شيء رغماً عن اللبنانيين".
وعلق جعجع بموضوع تحركاته الأخيرة قائلا: "قمت بما يمليه عليّ ضميري للحفاظ على المسيحيين وحقوقهم وللحفاظ على الدولة وكل اللبنانيين فيها"، مشيرا إلى أن العلاقة مع الحلفاء "جيدة جداً".
ويشير إلى الإتفاق على تشريع الضرورة، و"إعلان النوايا" خصوصاً مع تيار "المستقبل"، ليستدل بأن "الصراع في لبنان سياسي بحت، وليس مذهبياً"، ويرفض وضعه في سياق الصراع السني – المسيحي على الصعيد الحكومي، ويعتبر أن "المدخل إلى هذه الأزمة بالنسبة إليه هو بإنتخاب رئيس للجمهورية، وبإقرار قانون إنتخابي جديد وعادل".
في الشق الحكومي أيضاً، لا يغفل جعجع الإشادة والتنويه بالرئيس تمام سلام وأدائه. يقول: "جاء تمام سلام في المرحلة التي يحتاج فيها لبنان إلى تمام سلام، لكن الرجل وصل إلى مكان وجد نفسه فيه مكبلاً"، ولذلك يتوقع بأن تعود الأمور إلى نصابها في جلسات مجلس الوزراء وهي تحتاج إلى بعض الوقت، وإلى جانبها لا يخفي أن سلام يتمسك جانباً بخيار الإستقالة لأنه يرفض العجز.
بين استقباله في السعودية، والوضع اللبناني المعلق، يفتخر جعجع بوقوفه ضد ما يسمى "حلف الأقليات"، يرى أنه بدعة من قبل محور 8 آذار الإقليمي، وتحديداً النظام السوري، الذي تعرض لمسيحيي لبنان واضطهدهم. وعلى عكس السائد يجزم جعجع أن الجو المسيحي العام أو الأكثرية ليست ميالة لهذا الحلف. وأكثر من ذلك لا يخفي أنه رأس حربة في مواجهة هذا المشروع خصوصاً أن "حماية الأقليات تبدأ بحماية الأكثريات، وقيام الدول الفعلية العادلة في الشرق بأنظمة ديمقراطية وحريات، تستوي فيها حقوق الجميع وواجباتهم".