هل تمضي الحكومة وفق روزنامة شركة او شركات عرفت كيف تؤثر في أصحاب القرار وتدخل البلاد في ازمة، ام تمضي الشركات والبلديات بارادة حكومة تملك خطة لمواجهة النفايات المتراكمة في الشوارع، كما الكثير من الملفات والقضايا المعلقة؟.
مشهد الهدنة السياسية الذي قوبل به تلويح الرئيس تمام سلام بالاستقالة وبمواجهة كل محاولات التعطيل، لم يحجب الروائح النتنة التي تفوح في سماء العاصمة والمناطق، وتنشر معها الاوبئة والامراض. ويبدو ان ازمة النفايات لا تزال بعيدة من منازل الوزراء الذين انشغلوا امس بالبحث عن آلية لعمل الحكومة، قبل ان يتذكر وزير البيئة ان حل المشكلة من صلاحياته بالتعاون مع عدد من الوزراء خارج الطاولة الحكومية.
واذا كانت حلول مسكنة للازمة تبدأ اليوم بجمع النفايات وتكديسها في اماكن موقتة، فقد صرح الوزير محمّد المشنوق لـ"النهار": "سنعمل خلال 15 يوماً على فضّ العروض والإعلان عن الشركات الفائزة بالتلزيم، على أن تبدأ الأخيرة العمل خلال ستة أشهر، وهي المهلة التي ينصّ عليها دفتر الشروط علماً أن بعض الشركات تقول ان التجهيزات متوافرة لديها وانها جاهزة للبدء بالعمل في مهلة قد تصل إلى ثلاثة أشهر".
وطلب المشنوق في مجلس الوزراء أن يكون في كلّ قضاء مطمر صحي "وممنوع على أي قضاء أن يرفض ذلك، سوف أطلب من وزارة الداخلية إيجاد هذه المواقع وسوف أسعى إلى فرضها فمن غير المسموح ألا يتم إيجاد مطمر لبيروت، كما أن قبول المواطنين بالعيش بين 760 مكباً عشوائياً موزعاً على كل الأقضية مقابل رفض مطامر صحية تعالج نفاياتهم بشكل سليم هو أمر غير منطقي ولا هو مقنع".
ومساء اصدر مكتب المشنوق توضيحا جاء فيه "ان دعوته الى الاستعانة بالمحافظين وقوى الامن الداخلي في مسألة المطامر كانت تهدف الى تنظيم عمليات النقل ووصول الشاحنات الى المطامر ولم تكن تعبيراً عن أي تلويح بالقوة أو أي صيغة تهديدية لأي منطقة".
وأبلغ النائب محمد قباني "النهار" أنه نتيجة لقاء نواب بيروت أمس ورئيس المجلس البلدي للعاصمة بلال حمد تبيّن أن الحلول المطروحة على صعيد المطامر تتركز حاليا على صيدا وعكار مشيرا الى أن عكار، التي تمتلك قدرة مهمة على مستوى الطمر تحتاج الى اهتمام تنموي جراء الحرمان المزمن الذي تعانيه. وأوضح أنه تم الاتصال بالرئيسين تمام سلام وسعد الحريري اللذين دعما إنشاء فرع للجامعة اللبنانية في عكار.
لكن ردّ عكار لم يتأخر وصدرعن النائب معين المرعبي الذي قال: "خلصنا مسخرة من بلال حمد وجماعته، ومن المعروف ان هناك في الكرنتينا والعمروسية مكانين لفرز النفايات ويستوعبان ثلاثة الاف طن من النفايات. واذا اصروا على التشبيح وعلى السمسرات الخاصة بهم فمن المؤكد انه لن يكون على حساب عكار، والشاحنة التي ستدخل عكار ستبقى في عكار وسنستخدمها نحن كبلديات لجمع النفايات".
أما البلديات، فقد بدت مستاءة من الوضع المتفجر في مواجهتها، ولسان حالها "اخدت سوكلين مصرياتنا، وكبوا الزبالة علينا". فالبلديات جرّدت من الاموال لمعالجة قضية نفاياتها بنفسها. وانتقد رئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة تقاعس الدولة في القيام بمسؤولياتها. وقال لـ"النهار": "لا اعلم الى متى يمكن الصمود امام هذا الكمّ الهائل من النفايات، ولا يمكن الدولة ان تقول لنا فجأة اهتموا بجمع النفايات، لا يمكن ان يورطونا بهذه الطريقة بعدما اخذت منا سوكلين أموالنا وأموال الصندوق البلدي وكبوا الزبالة علينا، فالبلديات لا يصلها شيء من حقوقها المالية ويقولون انه لا يزال لسوكلين اموال لدينا".

الحكومة
حكومياً، لخص وزير الثقافة روني عريجي الوضع بأن المشكل سياسي كبير وهو خارج مجلس الوزراء، والمرحلة صعبة و"من يتذاكى باثارة المشكل خارج مجلس الوزراء، ويأتي الى مجلس الوزراء لاتهام الآخرين بالتعطيل، يعتمد تكتيكاً سياسياً غير مقبول. وما يحصل في المنطقة قضية كبيرة جداً تفرض علينا جميعاً الترفّع وتحمّل المسؤولية السياسية...".
وسأل الرئيس سلام: "لماذا تحميل مجلس الوزراء المسؤولية في قضية سياسية يجب ان تحلّ في الخارج؟ انا شخصياً لا أعرف ماذا تريدون فلنرجئ البحث الى جلسة استثنائية عند العاشرة صباح الثلثاء".
ونقل وزراء عن رئيس الوزراء استياءه لأن "الخلاف مستمر وقد يؤدي الى مسار لم نرد ان نصل اليه ولكن الافضل اتخاذ القرار الصعب على بقاء حكومة غير منتجة."وسأله الوزير اشرف ريفي: "اذا لم نصل الثلثاء الى التوافق فهل نذهب الى الاستقالة؟" فاجابه سلام:"كل الخيارات مفتوحة".
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الثلثاء لن تنهي الازمة ما دام موضوع الآلية يخفي في طياته أزمة التعيينات الامنية التي لا يبدو أن هناك حلا وشيكا لها. ووصفت ما جرى في جلسة أمس بأنه عملية جراحية، لكن الورم لا يزال موجوداً. وقد تكثفت الاتصالات الخارجية برئيس الوزراء لثنيه عن خيار تقديم الاستقالة. ولفتت الى أن هناك وحدة موقف بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" حيال الحكومة لكنهما يتمايزان في شأن آلية العمل. ففيما يطالب التيار بالاجماع، يدعو الحزب الى إعتماد التوافق ويؤيده في ذلك تيار "المردة". في المقابل، يتمسك وزراء "أمل" والاشتراكي بالنص الدستوري وكأن هناك رئيسا للجمهورية.
وليلاً رأى العماد ميشال عون في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان 24 وزيراً يقررون جماعياً الامور في الحكومة وهذه هي الآلية المعتمدة. وقال: "انا ضد التمديد بالمطلق واذا كان لدي مآخذ على جان قهوجي نتحدث فيها في المجالس الخاصة، اما صلاحية تعيين قائد الجيش فتعود إلى مجلس الوزراء وما عدا ذلك مخالف للدستور". وكرر انه اتفق مع الرئيس سعد الحريري "في 18 شباط على شامل روكز لقيادة الجيش مقابل عماد عثمان او سمير شحاده في رئاسة قوى الامن لكن الامر لم يبت".