المواجهة حاصلة بين تيارين ونهجين لا يلتقيان، وساحة المواجهة ستكون داخل الحكومة اليوم، مع تمترس كل فريق وراء مواقفه، فالرئيس سلام مصر على مناقشة ملف النفايات، فيما التيار الوطني الحرّ متمسك بالآلية والتعيينات وحقوق المسيحيين اولاً وثانياً وثالثاً.
كل فريق يحشد للمواجهة وتسجيل نقاط لصالحه، فيما الرئيس نبيه بري يراقب المشهد الحكومي من الخارج مستكملاً اجازة عيد الفطر وهو الذي «صام» عن الكلام منذ مدة ويتفرج على المشهد الذي يصفه بالمأساوي.
لكن اللافت ان المواجهة اليوم ستقتصر على السراي، في ظل غياب التحضيرات العونية، للنزول الى الشارع كما حصل في الجلسة الماضية وهذا لا يعني عدم التجهيز والاستعداد لجولة جديدة ربما تكون في جلسة 30 تموز او 7 آب موعد التمديد لرئيس الاركان العامة اللواء وليد سلمان بعد اتفاق حريري - جنبلاطي على ذلك، وربما قبل ذلك، والعونيون جاهزون، وجدول اعمال التظاهرات حاهز وسيرون مشهداً مختلفاً كلياً هذه المرة.
وفي ظل الازمة الحكومية تتقدم ازمة النفايات على كل الملفات ويشهد لبنان اكبر ازمة بيئية في تاريخه حيث سيتزايد تكدس النفايات في ظل انسداد الحلول التي لن تخرج عن الاطار السياسي. وهذا ما يسعى له الوزير محمد المشنوق طالبا نجدة وليد جنبلاط لانقاذه من هذه «الورطة البيئية» التي تهدد مستقبله السياسي عبر فتح مطمر الناعمة مؤقتاً حتى ايجاد الحل. وهذا ما يرفضه جنبلاط الذي لم يحدد موعداً للوزير المشنوق بعد، رغم تكرار الاخير لطلب الموعد، كما ان اهالي الجبل والقرى المحيطة بالناعمة سيجتمعون اليوم امام المطمر للضغط على الحكومة لمنع اي قرار بالتمديد، والرد على كلام المشنوق الاستفزازي بحقهم «ان من يقطع المطمر هم 12 شخصاً فقط».
واللافت ان ازمة النفايات تشهد اكبر صفقة مالية، واكبر عملية هدر للمال العام، وهذا هو سبب الكباش حول هذا الملف، فكلفة طن الزبالة في لبنان «جمعاً وطمراً» تصل الى حدود الـ 60 دولاراً وهي اعلى نسبة في العالم. فيما الكلفة الحقيقية لا يجب ان تصل الى حدود الـ 30 دولاراً والفرق يذهب بالتساوي الى اركان الطبقة السياسية وهو يشكل اكبر عملية نهب لمال الدولة. فيما كلفة طن الزبالة في اسبانيا 7 يورو ولا تتجاوز الـ 15 يورو في اي بلد اوروبي، وحتى ان كلفة جمع وفرز طن الزبالة في طرابلس لا تتجاوز الـ 29 دولار، و22 دولار في زحلة من قبل الشركتين المتعهدتين رفع النفايات، ولهذا السبب فان مشكلة النفايات في بيروت والضواحي كبيرة نتيجة حجم الهدر الكبير حيث لن تخرج التلزيمات عن اركان الطبقة السياسية واقربائهم، وسيتم اعتماد فيدرالية الزبالة، في الشوف وعاليه ستتولى شركة جديدة تابعة للحزب الاشتراكي الجمع ويتم انشاؤها وسيتم الطمر في الناعمة، اما في اقليم الخروب فتلزم شركة تابعة لتيار المستقبل عملية الطمر في الجية وفي بيروت سيتم تأسيس شركة يستفيد منها الجميع وسيتم الطمر في سنسول في الكرنتينا، او في سنسولين، ومطمر بالقرب من كوستابرافا، وهذا الحل لن يجهز الا بعد تراكم قضية النفايات، وهي ازمة مصطنعة لا اكثر ولا اقل، والمواطن الفقير دائماً يدفع الثمن من حياته وصحته وروائح الزبالة، وكوارثها البيئية، وعلماً ان خيار التمديد لشركة سوكلين لستة اشهر ولسنة وارد حتى تجهيز الشركات الجديدة او استئجار معدات سوكلين.
سجال بين درباس وكنعان
اما بالنسبة للمواجهة الحكومية، فظهر واضحاً تلويح سلام بالاستقالة وهذا لا يعني الاقدام عليها بل لرفعها في وجه العونيين مستغلاً كلام العماد عون، ان المرحلة ليست لاسقاط الحكومة، فيما التيار الوطني يعتبر ان الامر للمناورة وان فريق الرئيس سلام هو من يعمل على تفجير الحكومة برفض الدستور، والتلويح بورقة التمديد للواء وليد سلمان كمقدمة للتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهذا الاجراء سيفجر الحكومة والمواجهة تقع على اصحاب هذا الخيار.
الحكومة ستنفجر ربما اليوم، وكل الاحتمالات واردة وقد سبقها تبادل للحملات الاعلامية، فانتقد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «للديار» جهل البعض وللاسف من احد النواب القانونيين، قاصداً النائب ابراهيم كنعان دون ان يسميه، بتفسير المادة 62 من الدستور، واعتبار كنعان ان المادة 62 تحول الوزير الى رئيس للجمهورية فهذا مخالفاً و«ليضحكوا على عقولنا في هذه الطريقة»، واني مضطر لاقول هذا الكلام وللاسف، وهذا «جهل» لتفسير المادة 62 من قبل التيار الوطني الحرّ.
وقد رد النائب ابراهيم كنعان على كلام درباس «للديار» بشكل اضح بالقول: «ان المادة 62 ومع احترامنا للوزير درباس، تنص على انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء، وكالة اي مجتمعاً وهذه الصلاحية ليست لرئيس الحكومة لوحده ان يمارس صلاحية رئيس الجمهورية ولا لاي وزير لوحده، وبالتالي صلاحية رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء والمجتمعين وخاصة المكونات الاساسية في الحكومة والذين يملكون حيثية شعبية وهم يمثلون صلاحيات رئيس الجمهورية وبالتالي المطلوب التوافق بين المكونات السياسية فيما بينها في اتخاذ القرار وبلورة قرار رئيس الجمهورية في غيابه، وهذا الامر تم الاتفاق عليه في الحكومة وتبناه الرئيس سلام وحلفاؤه، ومارسوه لسنة ونصف، وهذا هو تفسيرهم للمادة 62 وليس تفسيرنا نحن وهم اتفقوا على ذلك، الا اذا كان للوزير درباس تفسير آخر، عند كل ازمة في البلد وبالتالي هم يفسرون على هواهم.
وقال كنعان، ان جلسة مجلس الوزراء ستبدأ اليوم بالنقاش في آلية عمل الحكومة كما تم الاتفاق عليه في الجلسة الاخيرة الا اذا كانت لديهم نوايا تعطيلية ونحن جاهزون وخيار الشارع جاهز، ولن نتراجع عن حقوقنا.
كما ان مصادر في التيار الوطني الحر اكدت بالقول «ما حدا بياكلنا اونطة»، وهم يعرفون جيداً العماد عون ونحن نعشق المواجهة من اجل حقوقنا وحقوق المسيحيين.
زوارسلام «قرفان»
اما زوار سلام فنقلوا عنه اجواء «قاتمة» ويعيش اجواء «قرف» وانزعاج كبير مما آلت اليه الاوضاع. رغم انفتاحه على كل الحلول ورفضه اي مواجهة مع اي مكون سياسي لكنه لن يقبل بالتعطيل. ولن يعقد جلسات بدون مناقشة امور الناس، واذا ذهبت الامور باتجاه التفجير ربما لجأ الى رفع الجلسة، حتى ان سلام يردد امام زواره «لا تحرجوني كي لا تخرجوني » فيما اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق من فرنسا ان الرئيس سلام مستمر بممارسة مهامه وسلام لن يقدم استقالته.
علما ان دوائر مجلس الوزراء حولت 18 مرسوماً للتوقيع عليها من الوزراء وهي مراسيم ادارية وشراء اراض وترقية ملازمين وغيرها. لكن وزراء حزب الله وحلفاؤه لن يوقعوا هذه المراسيم.
درباس «للديار» : لا حلول والامور ليست متجهة للخير
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «للديار» الجلسة لم تفض اليوم الى اي شيء، مش رايحة على الخير، والرئيس سلام لا يشتغل عندهم، ويملك المبادرة والصلاحيات ولن يتنازل عن اي «شعرة»، واذا كانوا يريدون تحويل الحكومة الى حكومة تصريف اعمال فلماذا لا تتحول الى حكومة تصريف اعمال بالقانون . واشار الوزير درباس، الامور ذاهبة الى مشكلة، ويا ريت في حل، وصرت اتمنى ان لا يأتي نهار الخميس، وسؤالي لهم، هل التعيينات التي يطالبون بها تحظى بالاجماع، واين ممارسة الدستور في هذه الحالة.
وكرر درباس انه لا يرى بصيص امل للحل وانه متشائم، فالرئيس سلام يريد الاستماع للجميع لكن عليهم ان لا يوصلوه الى الخط الاحمر. وسلام لن يقبل بان يجتمع المجلس ولا يشتغل ولا يفعل شيئاً، ولا يتم البحث في ملف النفايات، والجلسة مرهونة بارادة الرئيس سلام، وعندما يلمس اقراراً على التعطيل سيتصرف وربما يعلن ان الحكومة تحولت الى حكومة تصريف اعمال. ورجح ان لا يتم البحث بمسألة النفايات اذا بدا البحث بموضوع الآلية لان التيار الوطني الحر لا يرى ان هناك ازمة نفايات، وان وزير البيئة قادر على الحل.
خطف التشيكيين
وفي ملف التشيكيين الخمسة المخطوفين، اشارت معلومات ان السفير التشيكي في لبنان التقى احد اقرباء المعتقل اللبناني علي فياض، وان وفداً امنياً تشيكياً وصل الى بيروت حيث الغموض ما زال يلف هذه القضية خصوصاً ان المعلومات تشير الى ان احد المخطوفين هو محام لعلي فياض المحتجز في تشيكيا وهو يأتي الى لبنان بشكل دائم، وان الخمسة التشيكيين هما صحافيان ومحاميان وحتى هم من اصول سورية.
فيما يلف الغموض دور احد المخطوفين هارتس بيسك ودوره المخابراتي اللافت، فيما لا يزال ايضا مصير شقيق علي فياض سائق الفان صائب فياض مجهولاً، وبالتالي فان الامور لم تستقر على منحى واحد في التحقيقات وكل الاحتمالات واردة.