المنطقة العربية حبلى بالأزمات والمشاكل والحروب ، والكل يراقب الغيوم المتوالدة من الإتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي في فيينا ، والتي تتلبد في سماء المنطقة بإنتظار ما قد ستؤول إليه الأمور بعد تفاعل العوامل المناخية للأنظمة العربية ومدى تأثرها بهذه الغيوم ، بحيث أنه إما أن تزاد هذه الغيوم تلبداً واكفهراراً واسوداداً ، وهي حاجبة خلفها أيّ انفراجات مأمولة قد تساهم في إيجاد حلول وتسويات للأزمات المتراكمة ، أو أنّها ستكون برداً وسلاماً تهبط على الساحات العربية فتطفىء نار الحروب المشتعلة فيها على خلفيات مذهبية وطائفية وقومية .
ولبنان من بين الدول التي تنتظر رياح الإتفاق أملاً في تبريد حماوة الكثير من الملفات العالقة كي تجد طريقها إلى الحل ، ولعلّ أبرز تلك الملفات ملف الإنتخابات الرئاسية .
وإذا كان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قد أعلن أنّ ما بعد الإتفاق النووي هو غير ما قبله ، من دون أن يفصح أكثر من ذلك ، فإنّ على القادة السياسيين والحزبيين من فريقي الصراع في لبنان 8 و 14 آذار ألا ينتظروا إلى ما بعد الإتفاق كما إنتظروا ما قبله ، بل أن يبادروا للعمل الجاد والسريع لوضع حد للشغور الرئاسي الذي قارب استمراره الأربعة عشر شهراً وذلك بإنتخاب رئيس للجمهورية ليحل بإنتخابه مشكلة الخلافات حول آلية عمل الحكومة وتشريع الضرورة في مجلس النواب وذلك بالإستناد إلى مسألتين .
الأولى : الإستفادة من مناخ استمرار مسيرة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية عين التينة من جهة ، والتقارب ببن حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والذي أفضى إلى لقاء جمع الدكتور سمير جعجع بالعماد ميشال عون نتج عنه إعلان النوايا من جهة ثانية .
الثانية : هي المعلومات التي تؤكد على أنّ ثمة بحثاً جدياً باشره الفاتيكان قبل مدة بعيداً عن الأضواء وبالتنسيق مع عواصم القرار للبدء بمسيرة البحث عن رئيس جديد للجمهورية اللبنانية اعتماداً على مواصفات وضعها أو سيضعها معظم المؤثرين في القرار اللبناني أو المعنيين بهذا الشأن تمهيداً للتوافق على الإسم الذي ربما تبدأ دوائر القرار الترويج له في وقت قريب .
ويسعى الكرسي الرسولي إلى الإفادة من أجواء الإتفاق النووي ومن التوافق الدولي حول حماية استقرار لبنان للوصول إلى اتفاق يحمي هذا البلد من المؤثرات الخارجية .
وينظر المسؤولون في الفاتيكان بقلق إلى الطريقة التي يعتمدها الزعماء المسيحيون في لبنان في مجمل الملفات.
لذا فإنّ الحاجة تبدو ملحة لمسارعة المسؤولين اللبنانيين للإستفادة من هذه المناخات والمبادرة لإزالة العراقيل التي تحول دون انتخاب الرئيس لإعادة الحيوية إلى قصر بعبدا.
فقد آن الأوان لأن يحكم اللبنانيون أنفسهم ليستحقوا بجدارة وطنا ودولة ، لا أن يظلوا محكومين من الخارج .