سقطت الحكومة في ملف النفايات، واذا كان سقوطها غير نهائي لأن العماد ميشال عون لا يضع هذا السقوط في أولوياته حالياً، فإن الرئيس تمام سلام بدا مستاء من تعثر عملها، ونقل عنه زواره أنه إذا لمس أن الامور ستستمر على ما هي، وأن القوى السياسية ماضية في التعامل مع الامور من منظار مصالحها الضيقة من دون النظر إلى المصلحة الوطنية العامة، وفي ظل تعذر التعامل بجدية ومسؤولية مع المتطلبات الحياتية للمواطنين، فإن فكرة الاستقالة لن تكون مستبعدة وأنها باتت حاضرة أكثر.
وأفادت مصادر وزارية أن الرئيس سلام بات يدرك أن أي تسوية مقترحة أو هزة داخلية قد تتطلب إقالة الحكومة للدفع في اتجاه التغيير، وأنه لن ينتظر توقيتًا تحدده أجندات الغير، بل ربما أقدم بنفسه على الخطوة لوضع الآخرين أمام مسؤولياتهم، فيما تمضي الحكومة في تصريف الأعمال.
وبعد تأكيد "التيار الوطني الحر" أمس ان "لا بحث على طاولة مجلس الوزراء بأي ملف أو موضوع مهما كانت أولويته وطابعه الملحّ قبل إنجاز التفاهم على آلية العمل الحكومي وكيفية ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية"، وصفت مصادر وزارية لـ"النهار" جلسة مجلس الوزراء غداً بأنها "جلسة كل المخاطر". ولفتت الى أن المشاورات التي جرت مع الرئيس سلام أمس أظهرت أن رئيس مجلس الوزراء "لن يقبل أن يكون شاهد زور على ممارسات من شأنها تعطيل العمل الحكومي". وأوضحت أن موقف الرئيس سلام ناتج من حصيلة الاتصالات التي جرت مدى أسبوع ولم تؤدّ الى نتيجة بل تبيّن "أن المسألة ليست زوبعة في فنجان وإنما هي مشروع قائم عن سابق تصّور وتصميم لضرب المربع الأخير من الدولة من خلال شلّ العمل الحكومي وسط توزيع أدوار من الفريق المعطّل". وأشارت الى أن الجلسة غداً ستكون "مفتوحة للبحث في أي موضوع فإما أن يكون هناك حل وإما أن يكون هناك تأجيل وإما أن ترفع الجلسة وتالياً فإن ابتزاز الحكومة أمر مرفوض". واعتبرت أن طرح موضوع آلية العمل الحكومي بالطريقة التي تطرح فيها يهدف الى "تعطيل صلاحيات رئاسة الوزراء وتسخيف صلاحيات رئيس الجمهورية بتوزيعها على 24 وزيراً".
النفايات
وإذا كانت رائحة الفشل السياسي تعبق في الجو، فإن الروائح الكريهة تهدّد الصحة العامة، ومعها النفايات التي تحاصر المواطنين في البيوت والمحال. وفيما يترقّب الجميع جلسة مجلس الوزراء غداً علّها تنتج حلاً للأزمة تأخر أشهراً من غير أي مسؤولية، يستمرّ أهل السياسة في إطلاق المواقف وعقد الاجتماعات المتلاحقة من جهة، بينما تجهد البلديّات في ابتكار الحلول السحريّة لمواجهة تداعيات الأمر الواقع الذي فرضه عليهم الفشل الحكومي.
فقد عقد رئيس بلدية بيروت بلال حمد مؤتمراً صحافياً أمس أعلن فيه عن حلّ موقت لأزمة النفايات ضمن نطاق بيروت الإداريّة يقوم على أن "تستمر سوكلين في القيام بكل التزاماتها التي كانت تقوم بها من قبل من جمع النفايات ونقلها إلى مراكز المعالجة في الكرنتينا وفرزها وتعليبها". وفي ما يخص موضوع الطمر "فقد تمكنا بعد اتصالات ساعد فيها الوزير محمد المشنوق من اتخاذ قرار بعقد اتفاق بالتراضي مع شركة تجارية تؤمن مكب نفايات لبيروت الإدارية خارج بيروت، حتى تقوم سوكلين بنقل النفايات بعد تعليبها إليه"، موضحاً أن "البحث عن مطمر خارج بيروت يعود الى عدم توافر عقار ضخم داخل بيروت لاستيعاب النفايات وطمرها".
وفيما اعتصم وزير البيئة بالصمت، أبلغ وزير العمل سجعان قزي "النهار" أن هناك "قطبة مخفيّة في موضوع النفايات. فبعدما كانت الاتصالات في الأسبوعيّن الماضيين مطمئنة من المعنيين بالمطامر والنفايات عموماً، انتهى الأمر بهؤلاء الى عدم التزام الوعود التي قطعوها وكأن هناك محاولة لاستدراج الدولة الى النفايات ليس من أجل إعادة فرزها بل من أجل إعادة فرز أموالها".
وقالت مصادر نيابية بارزة لـ"النهار" إن حصيلة الاتصالات واللقاءات أمس أفضت الى أن القضية الأساسية لمعالجة أزمة النفايات باتت في تأمين مطامر لشركة سوكلين التي ستواصل العمل في الأشهر الستة المقبلة لكنها في حاجة الى مطامر لنقل النفايات إليها بعد معالجتها. وأكدت أن مطمر الناعمة لم يعد موضع بحث انطلاقاً من قرار نهائي من المرجعيات المعنية بعدم مسؤولية السماح باستخدامه وتالياً بات على الدولة أن تتدخل من أجل توفير أماكن بديلة والضغط على البلديات لتتحمل مسؤولياتها بعد توفير الدعم العاجل لها عبر احتياط الموازنة وتحريك وزارة التنمية الادارية البروتوكولات مع الاتحاد الأوروبي التي ستوفر إمكانات مهمة للبنان على هذا الصعيد.