لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والعشرين بعد الاربعمئة على التوالي.
غرقت جمهورية العجز في أكوام النفايات التي اجتاحت الكثير من شوارع بيروت والضواحي ومعظم مناطق جبل لبنان، في تعبير صارخ عن هزالة الطبقة الحاكمة التي تتراكم اخفاقاتها، فلا هي قادرة على انتخاب رئيس، ولا التشريع، ولا وضع آلية لعمل مجلس الوزراء، ولا معالجة أزمة الكهرباء، ولا حتى .. إزالة النفايات، وهذه من ابسط البديهيات.
تعددت الفضائح التي كان كلٌ منها يستحق المساءلة والمحاسبة، لكن فضيحة النفايات تكاد تكون الأقوى دويا والأفدح تأثيرا، أولا، لأنها تحاصر اللبنانيين في حياتهم اليومية، وثانيا، لأنه لم يكن هناك ما يبرر التقصير في المعالجة الاستباقية لها، إذ ان موعدها كان معروفا من قبل، ومع ذلك فشلت الحكومة في استباق المحظور.
ووفق معطيات ما بعد اجتماعات الأمس، فان الازمة تبدو طويلة، مع محاولات لحلول ترقيعية وموضعية، إلا إذا أعيد فتح مطمر الناعمة، وهو احتمال لم يُطرح على طاولة اجتماع لجنة البيئة النيابية، وإن يكن البعض لا يزال يهمس بأن الحل في يد النائب وليد جنبلاط، الذي يملك وحده مفتاح مطمر الناعمة.
وكرر وزير البيئة محمد المشنوق التشديد على مسألة المضي في فض العروض وإطلاق عملية التلزيم للشركات بعد 15 يوماً، مشيراً إلى أنه لا حل إلا بـ «لامركزية النفايات».
وقال وزير المال علي حسن خليل لـ «السفير» ان أزمة النفايات هي بمثابة حرب، تصيب جميع اللبنانيين، من دون تمييز بين هذه الطائفة وتلك، أو بين هذه المنطقة وتلك، ولذلك لا يجب التعامل مع هذه الازمة وفق حسابات سياسية ومناطقية.
وشدد على ان المطلوب الاسراع في إيجاد مطمر لاحتواء نفايات العاصمة وجبل لبنان، لافتا الانتباه الى انه لا يوجد عقار في بيروت يمكن استخدامه لهذه الغاية.
وأشار الى ان هناك قرابة 870 مكبا عشوائيا في مختلف المناطق، ومن الافضل ان ننظم انتشارها وان ننشئ مطامر تتوافر فيها الشروط الصحية، بدل هذه الفوضى العشوائية، وعوضا عن الفيتوات الجغرافية المتبادلة.
وأكد نائب بيروت ورئيس لجنة الاشغال محمد قباني لـ «السفير» ان هناك حاجة ملحة الى معالجة وطنية لأزمة النفايات، وبالتالي لا يجوز التعاطي بهذه الحدة المناطقية مع نفايات العاصمة، ما يهدد بتحول كل قضاء الى جمهورية مستقلة في ما خص كيفية مقاربة هذا الملف، متسائلا: اين يضع ابناء بيروت نفاياتهم.. هل نطمرها في شارع الحمرا او في ساحة ساسين؟
وأضاف: أكثر من نصف سكان العاصمة أتوا اليها من خارجها، فلماذا هذا التمييز المناطقي المعيب، والذي يهدد بتداعيات شديدة الخطورة على تماسك المجتمع والدولة، إذ قد يأتي يوم يرفض فيه أهالي بيروت ان يتعلم ابناء المناطق في مدارس العاصمة او ان يحصلوا على الطبابة في مستشفياتها، ردا على رفض المناطق استقبال نفايات بيروت، مشددا على ان الحل النهائي يتمثل في بناء محارق وفق التكنولوجيا الجديدة التي تمنع أي تلوث، وأبدى أسفه لكون البعض لا يزال «يتفلسف»، كأن الرابية ستكون بمنأى عن النفايات المتمددة.
وقال رئيس بلدية بيروت بلال حمد لـ «السفير» ان المجلس البلدي عقد جلسة استثنائية، وتوصل الى وضع حل مؤقت لازمة النفايات في العاصمة، يتكون من بندين:
الاول، التمني على مجلس الوزراء تكليف شركة سوكلين الاستمرار في أعمال جمع وكنس النفايات ضمن بيروت الادارية حصرا، ونقلها الى معامل المعالجة في الكرنتينا، من دون الطمر.
الثاني، تكليف احدى الشركات تأمين عقار خارج بيروت الادارية ليكون مكبا للنفايات التي ستنقلها «سوكلين».
وأمل حمد ان يقر مجلس الوزراء في جلسته غدا هذا الحل المؤقت.
وقال رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد سعيد الخنساء لـ «السفير» انه إذا لم يتم احتواء ازمة النفايات خلال الايام المقبلة، فنحن مقبلون على كارثة بيئية وصحية.
ودعا الخنساء الرئيس تمام سلام والحكومة الى اتخاذ قرار شجاع لمواجهة الازمة، مشددا على ضرورة تشكيل «لجنة طوارئ» رسمية، ومشيرا الى ان اتحاد بلديات الضاحية اتخذ تدابير موضعية لازالة النفايات من شوارع الضاحية، على المدى القصير جدا، لكن الحل الفعلي هو من شأن الحكومة ومجلس الانماء والاعمار اللذين لا يجوز لهما التهرب من مسؤوليتهما، ورأى ان الحل الجذري يكمن في انشاء محارق حديثة، ثبت جدواها في دول عدة، كإيران والسويد.