كُثر استفادوا من العيدية التي منّ بها أمير "جبهة النصرة" أبو مالك التلي على الدولة اللبنانية، من خلال تأمين زيارة لاهالي العسكريين المخطوفين الى ابنائهم في الجرود التي تبعد أمتاراً عن سيطرة الجيش، وان كان الاهالي قد التقوا العسكريين ولكنهم بقوا الخاسرين في معادلة خسرت فيها الدولة هيبتها سابقاً ولا تزال. امّا الرابح الاكبر فيبدو انّه الشيخ مصطفى الحجيري "أبو طاقية" الذي يعمل على توفير منفذ يؤمن له السفر هرباً بطريقة "شرعية" الى تركيا، بحجة انهاء ملف العسكريين مع الاتراك، بحسب معلومات مؤكدة من مصادر مطلعة على سير المفاوضات المتبعة لتأمين سفر الحجيري.

ينقل مصدر مطلع انّ الحجيري الملقب بـ"أبو طاقية" يعمل على "الهروب" من لبنان الى تركيا، ويفاوض لهذه الغاية مع اللواء عباس ابراهيم، وهو ما جعله يأخذ على عاتقه دور الوسيط و"الحنون" والمخلّص وايضاً المتهم بالمساهمة في أسر العسكريين في آب المنصرم، ليشكل شخصية مزدوجة تسعى الى العمل مؤخراً لمصلحتها الخاصة دون الآخرين، وهذا ما يبرر سفره الى تركيا.

الاتصال مع أبو طاقية، يبدأ بالسؤال عن الاسباب التي تجعله يتابع قضية العسكريين المخطوفين، على الرغم من كل الاتهامات التي طالته شخصياً وخصوصاً لجهة ارتباطه مع الارهابيين، يجيب بنبرة مرتفعة "عندما يتهمني الناس بذلك، فأين هو الاستثمار الذي نلته جراء مساهمتي في لقاء الاهالي مع ابنائهم في عطلة عيد الفطر، فهل كان لدي في يوم من الايام مطالب عرضتها على اي من الاطراف". لهجة سرعان ما تنخفض لدى تعريفه بحقيقة الاستثمار حيال سفره الى تركيا، يجيب بلسان متعثر، "انا ذاهب الى تركيا من أجل ملف العسكريين، وانا مصر على انهاء القضية في الوقت الذي استطيع ان اريح نفسي من كل هذا العناء".
نسأل، "ألا يُعتبر ذلك هروباً من لبنان تحت ذريعة الملف؟"، يجيب "لغايته تبقى الزيارة مجرد فكرة واقتراحات"، فهل وُضعت تلك الاقتراحات على طاولة احد من الرسميين؟، "وجدت ان ثمار العمل لن تؤتى من لبنان، وفي تركيا سيكون ذلك أقرب الى التفاوض، فلماذا لا نحاول. أنا لا أعمل بصفة شخصية وانما اتحدث عن مقترحات كثيرة وما من شيء نهائي لغايته، بل نسعى الى البحث عن اي ثغرة قد تفيدنا في الملف وخصوصاً ان التعاطي اسهل بكثير مع النصرة من الدولة الاسلامية، ولا أجد اي خطأ في الذهاب الى تركيا في حال سنعود بعدها بنتيجة". ويؤكد الحجيري انه لن يهرب من لبنان، "هناك مئة وسيلة للخروج من لبنان، وها هي طرقات درعا والشمال السوري مفتوحة، ولكنني ان ذهبت سأخرج بصفة قانونية وجواز سفري بيدي". 

يعمل الحجيري اذاً بصمت على محاولة اخراجه من لبنان الى تركيا، وهو الشخصية التي هددها أكثر من فصيل ارهابي في الجرود، اضافة الى ملفات حافلة باسمه في لبنان، ما يبرر بالنسبة اليه السفر واللاعودة. فهل ينجح في قطف ثمار عمل تفاوضي دام لمدة عام تقريبا؟.