نامت بيروت أمس على وقع مشهد تكدس النفايات في الحاويات بعد ان توقفت شركة سوكلين عن جمع النفايات نتيجة تعذر تخزينها في مركزي الفرز والمعالجة في العمروسية والكرنتينا. وقال مصدر في شركة سوكلين لـ»الأخبار» إن العمال بدأوا برش النفايات المتكدسة في الطرقات بالكلس وأدوية مضادة للحشرات والقوارض ومخففة للروائح الكريهة، مشيراً الى ان اعمال الكنس لن تتوقف لكن رفع النفايات من الحاويات بات خارج الخدمة نتيجة وصول معملي الفرز والمعالجة الى أقصى القدرة الاستيعابية لديهما.

وفي حين أرسلت شركة سوكومي بطلب عاجل الى مجلس الانماء والاعمار للسماح لها بالدخول الى مطمر الناعمة لسحب عصارة النفايات وتشغيل محارق الغاز ومعمل توليد الكهرباء، علمت «الأخبار» أن المعتصمين تجاوبوا مع المطلب وتم تأمين خروج شاحنات تحمل عصارة النفايات الى محطة المعالجة في الغدير، وتعمل الشركة على تشغيل محارق الغاز وصيانتها، وقامت بتصليح عطل كهربائي أدى الى توقف معمل الكهرباء عن العمل منذ ما يزيد على ١٥ يوماً.
لم يشهد أول يوم عمل بعد عطلة عيد الفطر تحركاً ملموساً لمعالجة هذه الازمة. وقال رئيس بلدية بيروت بلال حمد في اتصال مع «الأخبار» إن البلدية تنسق مع وزير البيئة محمد المشنوق لإيجاد حلول مؤقتة لنفايات بيروت الادارية حصراً، بانتظار التوصل الى حل لمختلف المناطق الخدماتية، وإن هذا الحل ينتظر موافقة رئيس الحكومة تمام سلام، والتنسيق على تنفيذه مع رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، ولقد تعذر مناقشتهما في الموضوع أمس بسبب وجودهما خارج لبنان. ومن باريس أكد محافظ بيروت زياد شبيب أنه لن يسمح بتكدس النفايات في العاصمة، مؤكداً أنه اقترح استخدام عقارات مؤقتة في بيروت لتخزين النفايات الى حين إيجاد حل للازمة.
بدوره، قال وزير الزراعة أكرم شهيب لـ»الأخبار» إنه سيعقد اجتماعاً مع الجسر والمشنوق اليوم للبحث في الخيارات التي تقترحها وزارة البيئة، مؤكداً ان بلديات أقضية الشوف وعاليه بدأت البحث في حلول مؤقتة تقضي بجمع النفايات وتخزينها في مواقع كانت تستخدم سابقاً مقالع وكسارات، بانتظار بت المناقصات وتسلم المتعهدين الجدد، لافتاً الى بروز مشكلة تتعلق بنفايات مدينتي الشويفات وعاليه بسبب عدم وجود أراض صالحة للتخزين فيهما.


الخيار الأكثر ترجيحاً يقضي بنقل الكمية الأكبر من النفايات الى مكب سرار في عكار

 

ولفت شهيب الى أن مسألة التمديد لمطمر الناعمة ــ عين درافيل باتت وراء ظهرنا، والمطلوب الان البحث عن بدائل مؤقتة بطريقة لامركزية. واعتبر شهيب ان مناقصة مدينة بيروت والضواحي لن تنجح ما لم يحدد مجلس الوزراء بقرار يصدر عنه مطمراً مخصصاً لنفايات بيروت والضواحي. ولم يستبعد شهيب ان يتزاحم العارضون للدخول في مناقصة بيروت إذا تأمن المطمر.
وبرزت أمس بيانات وتحركات قامت بها البلديات التي اقترحت وزارة البيئة ان ترحل النفايات اليها ضمن ما سمّته الخطة المرحلية. وفي صيدا صدرت مواقف عن رئيس البلدية محمد السعودي، النائبين بهية الحريري وفؤاد السنيورة، تحذر «من مغبة تنفيذ ما يجري التشاور فيه حول إدخال كميات من النفايات من بيروت وسواها إلى مدينة صيدا». بدوره، أعلن النائب السابق اسامة سعد «أن معمل معالجة النفايات الصلبة الكائن على الشاطىء جنوبي المدينة غير قادر على استيعاب كميات إضافية من النفايات، فضلاً عن كونه في الوقت الحالي لا يعالج أكثر من نصف النفايات الواردة إليه من مدينة صيدا وضواحيها، بينما يعمد القيمون عليه إلى رمي حوالى نصف النفايات في الحوض البحري من دون أي معالجة، وهو ما يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية، وإلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة والأمراض».
وفي النبطية المشهد أكثر مأساوية حيث تعاني المدينة من أزمة إغلاق مكب الكفور بقرار قضائي، في حين يتم ربط تشغيل معمل المعالجة في وادي الكفور المموّل من الاتحاد الاوروبي بالمناقصة الجديدة التي يفترض بناءً على نتائجها أن يتسلم الفائز معمل المعالجة لتشغيله. ورفضت بلديات المنطقة خطة وزارة البيئة بنقل 200 طن من نفايات بيروت يومياً الى قضاء النبطية، لأن القضاء يغصّ بما فيه من نفايات، وأعلنت أنها ستتحرك ضد أي قرار بنقل نفايات بيروت وجبل لبنان الى النبطية.
ومن النبطية الى حبالين تصاعدت المواقف البلدية والشعبية الرافضة لنقل النفايات اليها، في حين لا يزال وزير البيئة محمد المشنوق على موقفه المطالب بتشغيل مطمر الناعمة ــ عين درافيل ليستقبل ٦٠٠ طن من نفايات الشوف وعاليه، ونقل بقية الكمية البالغة قرابة ٢٥٠٠ طن الى المكبات الموجودة في بقية المناطق. وعلمت «الأخبار» أن الخيار الأكثر ترجيحاً يقضي بنقل الكمية الاكبر من النفايات الى مكب سرار في عكار، مع العلم بأن هذا الخيار يزيد من الكلفة بسبب بعد المسافة.
وقال المشنوق في اتصال مع «الأخبار» إنه مصرّ على تطبيق خطته التي تقضي بنقل النفايات الى المكبات في المناطق كحل مؤقت لفترة ستة أشهر والى حين انطلاق المناقصات. واضاف المشنوق» لن أنتظر مجلس الوزراء وسأبدأ منذ الغد (اليوم) الاجراءات العملانية لتطبيق الخطة، وخيار تصدير النفايات الى الخارج مستبعد نهائياً بسبب الكلفة المرتفعة». ولفت المشنوق الى أن القوى السياسية تعترض في العلن على الخطة ثم تزورني وتطلب حلاً لمنطقتها. ولفت الى أن «حزب الله» هو الجهة الوحيدة التي أعلنت موافقتها على الخطة مع تحفّظ على موقعي راس العين وبعلبك لحساسيتهما البيئية. وأضاف: لا أعتقد أن زيادة 20 في المئة على كل مكب مشكلة، وعلى مطمر الناعمة أن يتحمل نفايات منطقة عاليه والشوف». وأردف «المطلوب أن يتوقف نجوم المطامر عن التحريض، لأن النفايات في الطرقات ونحتاج الى حل سريع».
وأكد المشنوق ان العارضين الجدد تقدموا باقتراح لعشرة مطامر، وسوف يفاجأ الجميع بأن العقود التي تقدمت بها الشركات تتضمن اقتراحات لإقامة مواقع للمعالجة والطمر وتحظى بموافقات مسبقة من أصحاب العقارات، على عكس ما يشاع، لكن المهم ان نعجل في إتمام مناقصة بيروت وفض العروض ونبدأ مرحلة التلزيم بأقصى سرعة ممكنة». وحذر المشنوق من أن مشهد النفايات في الشوارع سوف يضرب الموسم السياحي بعد شهر رمضان، معلناً أنه تلقى اتصالات من عدد من أصحاب الفنادق تناشد إيجاد حل للأزمة، لأن عدداً من السائحين قد ألغوا حجوزاتهم بعد تضخيم القضية في وسائل الاعلام.
وفي الناعمة استمر الاعتصام المفتوح لليوم الرابع على التوالي، وتميز بحضور كثيف طيلة أوقات النهار. وفي حين وصلت أعداد المعتصمين ليل أمس الى أكثر من مئة شخص، بات أكثر من خمسين منهم ليلتهم في الخيم التي نصبت عند مدخل المطمر.
وقال أجود العياش، الناشط في حملة إقفال مطمر الناعمة، إن جميع المشاركين حسموا خياراتهم ويرفعون شعار «صحتنا أهم من الزعماء والسياسيين». بدورها كررت الحركة البيئية اللبنانية موقفها من أزمة النفايات، معتبرة أن الحل بأيدي البلديات. وطالبت «الحركة البيئية» في بيان «البلديات في لبنان باستعادة صلاحياتها في جمع ومعالجة النفايات وتحمل مسؤولياتها».