«خطوط التوتر العالية» ما زالت تتحكم بالعلاقة بين «المصيطبة» و«الرابية» لكنها اشد عنفاً وضراوة بين «الرابية» و«بيت الوسط». وهذا التوتر «العالي» قد يترجم في جلسة الخميس المفتوحة على كل الاحتمالات والتي تعقد في ظل كم من الملفات المتفجرة كالنفايات وخطف التشيكيين والفلتان الامني. وهي ملفات ضاغطة على «صدر» الرئيس تمام سلام ويحاول المستحيل لتمريرها في الجلسة في مقابل اصرار «عوني» على البحث بالآلية اولاً واخيراً، وقبل كل شيء، فهل يعطى المسيحيون حقوقهم نهار الخميس ام يتمترس سلام وحلفاؤه وراء موضوع النفايات وهذا ما سيؤدي الى تفجير الجلسة في ظل اصرار العماد عون على بحث الآلية اولاً واخيراً، لانها تمسّ حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية، خصوصاً انه بدأ «يتلمس» مدى جبهة التنسيق الواسعة بين خصومه السياسيين في الحكومة وخارجها من كتل ووزراء «تيار المستقبل» و«امل» والرئيس ميشال سليمان وجنبلاط والكتائب ووزراء 14 آذار حيث يتوزعون الادوار بين بيروت والرياض بهدف واحد «عدم تحقيق مطالب العماد ميشال عون مهما كلف الامر».
اما العماد عون الذي يخوض المواجهة مدعوماً بغطاء شعبي مسيحي وبتعاون غير مسبوق مع الدكتور سمير جعجع فيأمل ان يستمر بعد زيارة الحكيم الى السعودية، فالعماد نجح في المواجهة الاولى خلال جلسة الحكومة الماضية واثبت شعبياً انه «بيضة القبان» وقادر على «الخربطة». ووصلت هتافات مؤيديه الى قلب مجلس الوزراء، فكان المخرج الاتفاق الذي ادى الى قبول الرئيس سلام بحث الآلية في الجلسة الاولى للحكومة.
وما زاد في ضغط الملفات المتراكمة على الرئيس سلام، وفي هذا التوقيت العصيب، هو التمديد لرئيس الاركان العامة في الجيش اللبناني اللواء وليد سلمان في 7 آب. وحسب معلومات اشتراكية فان وزير الدفاع سمير مقبل تبلغ موقفا جنبلاطياً حازماً بتأييد تأجيل تسريح اللواء سلمان للمرة الثانية، وهذا ما سيصيب الحكومة بالمزيد من «الشظايا العونية»، وتوسيع رقعة الخلافات بين وزراء التيار والاشتراكي وسيترجم في الحكومة وظهر بين باسيل وابو فاعور في الجلسة الاخيرة بعبارات من النوع الثقيل، وهذا ما سيدفع حكومة سلام الى مزيد من «الترنح».
العماد عون يعرف حجم المواجهة وابعادها ودخول الرياض على خط الصراع عبر استقبالها لجنبلاط اولاً وللدكتور سمير جعجع ثانياً الذي حظي «بحظوة» لافتة في المملكة العربية السعودية من خلال الدعوة الخاصة والطائرة الخاصة، واللقاء اللافت مع خادم الحرمين الشريفين الملك محمد بن سلمان. وهذا ما «اغاظ» جنبلاط الذي لم يحظ بهذه «الالتفاتة والرعاية الملكية» رغم طلبه اكثر من موعد للقاء الملك سلمان ولم يتم التجاوب بعد، حيث «الحظر» على جنبلاط ما زال قائماً منذ انقلابه على الرئيس الحريري وتأييده للرئيس ميقاتي، وبالتالي انحيازه الى ايران على حساب السعودية. وهذا ما ادى الى انتكاسة في الموقف السعودي منذ العام 2008. ويبدو ان المملكة لم تتجاوز هذه القضية، رغم مواقف جنبلاط الاخيرة من ايران وحزب الله والرئيس بشار الاسد. فاستقبال الدكتور جعجع يؤكد حاجة الرياض الى الورقة المسيحية في رفض الاتفاق النووي وعدم ذهاب «الحكيم» بعيداً في «ورقة النوايا».
السؤال المحوري: ماذا سيفعل الدكتور جعجع وكيف سيتصرف وكيف سيجمع بين نتائج زيارته للسعودية واستمراره في «ورقة النوايا» مع العماد عون؟ فاذا تراجع مشكلة، واذا اصر عليها مشكلة اخرى ستواجهه، خصوصاً ان مصادر مواكبة لزيارة جعجع وصفت لقاءه مع خادم الحرمين الشريفين «بلقاء الحزم». وكشفت ان الاجواء كانت ايجابية وممتازة، والسعوديون مهتمون بكل التفاصيل اللبنانية وبكل الملفات ومستعدون للمساعدة كي يكون لبنان مستقراً ومساعدة المؤسسات الشرعية في عملها، كما انهم يعملون على تسريع انتخاب رئيس للجمهورية. علماً ان جنبلاط وجعجع التقيا الرئيس الحريري ونسقا المواقف المتعلقة بالملفات الداخلية.
المواجهة تبدو «واقعة» الخميس اذ يصر الرئيس تمام سلام على عقد الجلسة سواء نجحت الاتصالات في موضوع الآلية او لم تنجح، لان ملفات اساسية كالنفايات وخطف التشيكيين والامن تجب معالجتها، خصوصاً ان وزير البيئة محمد المشنوق يعتبر قضية النفايات مسألة وطنية تجب معالجتها من الجميع ومن كل المكونات، بينما «العونيون» يصرون على انه لا حاجة لمناقشتها في الحكومة، وعلى الوزير تطبيق القرارات التي اتخذت بهذا الشأن، وتحديداً لجهة اجراء المناقصات، وعلى الوزير محمد المشنوق ان ينفذ قراراته، وهذا هو الحل لملف النفايات.

ـ التيار الوطني الحرّ ـ

كما يؤكد التيار الوطني الحرّ ان وزيري التيار سيدخلان الى الجلسة بكل ايجابية واستعدادهما للتعاون والنقاش الذي يجب ان يبدأ من آلية عمل الحكومة. كما تم الاتفاق عليه خلال الجلسة الاخيرة للحكومة التي عقدت بالتزامن مع تحركات شعبية، مما دفع الرئيس سلام الى الموافقة على مناقشة آلية العمل في اول جلسة للحكومة. واكدت المصادر ان التيار سيحدد اليوم موقفه بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح». وكل كوادر التيار ما زالوا في كامل جهوزيتهم للنزول الى الشارع اذا اضطروا الى القيام بضغط شعبي لمواكبة مجريات اجتماع الحكومة الخميس، فهم جاهزون بانتظار اشارة «الجنرال».
واشارت المصادر الى ان الاجتماعات متواصلة لقياديي التيار وكوادره للتحرك والنزول الى الشارع، لان المواجهات في حال تعنت الفريق الآخر ستأخذ كل الاشكال، من التظاهرات امام السراي وقطع الطرقات وصولاً الى العصيان المدني، وان التحركات العونية التي جرت خلال الجلسة الماضية ليست الا «بروفة» فقط، وسيرون مشاهد جديدة لم يروها قبلاً.
وتؤكد مصادر التيار اننا وافقنا على تسهيل عمل الحكومة عبر ما يسمى «الاتفاق المرن» الذي طالب به الرئيس سلام، اي ان تكون المكونات الاساسية في الحكومة ممثلة في القرارات وفي الموافقة على بنود جدول الاعمال، وهذا السقف لن نتراجع عنه ولن نقبل تجاوزه.
اما في موضوع النفايات فقال العماد ميشال عون لوكالة الانباء الايرانية «ايرنا» ان وزراء التكتل معهم صلاحيات للبت بموضوع النفايات وقال سيأتي وقت لإسقاط هذه الحكومة، عندما تنتهي هذه الاحداث وهي ستنتهي قريبا لأننا لن نقبل ان نعود الى ما كنا عليه، فهذا الامر من رابع المستحيلات.

ـ نواب المستقبل ـ

فيما اعتبر نواب المستقبل انه من المعيب استمرار المعطلين في تعطيل مجلس الوزراء من اجل وظيفة لهذا او ذاك، واكد النواب انه لا يجوز لفريق التعطيل في لبنان، ودعا وزيرا التيار الوطني الى تقدير دقة الاوضاع لانجاح جلسة الخميس ومناقشة ملفات عامة من خارج جدول الاعمال ويحق للرئيس سلام طرحها، واكد انه لا يجوز لاحد التهديد بقلب الطاولة.

ـالنفايات على طاولة مجلس الوزراءـ

بدأ تراكم النفايات في بيروت والضواحي بعد ان توقفت شركة «سوكلين» عن العمل، فيما استمر اهالي الجبل في اعتصامهم امام مطمر الناعمة ومنعوا اي شاحنة من الدخول الى المطمر وسط مشاركة شعبية كثيفة. فيما اشار وزير البيئة محمد المشنوق الى ان المشكلة مستعصية داعياً الجميع الى المساعدة في الحلول، وان المشكلة وطنية. وشدد على ان مطمر الناعمة في حاجة الى صيانة ولا يمكن ان يبقى مقفلاً امام الموظفين. وكشف ان شركات عالمية تقدمت بعروض اوروبية حول شحن النفايات الى بعض الدول منها، البرتغال، المغرب، تركيا، البانيا وايرلندا بطرق متعددة، لكن الكلفة باهظة جداً ولا حلول الا بتطبيق المناقصات.
اما «سوكلين» فاعلن القيمون عليها انها لم تتبلغ اي طلب او مسعى لتمديد العقد معها الذي انتهى نهار الاحد الماضي. وبالتالي فان الحل سيكون بالتمديد لشركة «سوكلين» بموافقة الجميع واعطاء مهلة اضافية لتمديد العمل بمطمر الناعمة لمدة 6 اشهر، لكن ذلك يرتبط بعقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل قناعة جميع الاطراف بالتمديد لـ «سوكلين»، بعد ان تتفاقم ازمة «النفايات في الشوارع.
وقالت مصادر وزارية ان اكثر من وزير كان حذراً منذ حصول صفقة تمديد رمي النفايات في مكب الناعمة، من عدم التعاطي بجدية مع هذا الملف، لان الاستمرار في السياسة المتبعة سيولد حكماً ازمة نفايات كبيرة في البلد. واشار الى انه لم يحصل عمل جدي في الفترة السابقة لايجاد مطامر بديلة عن الناعمة، وان الحراك الفعلي يتجدد مع تجدد ازمة النفايات. وقالت ان المعالجات تنتظر الرئيس سلام الذي عاد مساء امس من الخارج، وما يمكن ان يقوم به قبل جلسة مجلس الوزراء وخلاله لايجاد حلول ولو مؤقتة لازمة تراكم النفايات. واوضح ان «سوكلين» كانت ابلغت الجهات الرسمية والبلديات منذ يوم الخميس الماضي انها ستتوقف عن جمع النفايات اعتباراً من يوم السبت. وكان هذا الملف مدار بحث بين نواب بيروت امس.

ـ مبادلة التشيكيين بالأسير اللبناني ـ

اما في ملف التشيكيين الخمسة، فانه لم يطرأ اي جديد في ظل متابعة دقيقة من السفارات الاجنبية لهذا الملف، وأكد وزير الخارجية جبران باسيل انه يتواصل مع نظيره التشيكي، والسلطات اللبنانية تعمل لحل الملف. علماً ان التشيكيين الـ 5 خطفوا في منطقة كفريا - البقاع الغربي منذ 5 سنوات، وتتركز التحقيقات على اهداف العملية اذا كانت مادية او مبادلة التشيكيين باللبناني المخطوف في تشيكيا علي فياض، خصوصاً ان سائق سيارة الفان منير صائب طعان الذي اختفى مع التشيكيين هو شقيق المعتقل في تشيكيا علي فياض.
لكن المعطيات بدأت تظهر لجهة مبادلة التشيكيين الخمسة بالاسير اللبناني علي فياض في تشيكيا المعتقل منذ سنة بتهم ارهابية، بينما تؤكد عائلته انه بريء منها، وقد قامت العائلة بتحركات امام السفارتين التشيكية والاميركية في عوكر.
وقالت مصادر امنية مساء امس انه رغم بعض الاجراءات التي قامت بها الاجهزة الامنية والقضائية، لم تظهر اي خيوط حول ابعاد واسباب اختفاء التشيكيين الخمسة وسائقهم اللبناني. اضافت ان الفرضية الوحيدة التي يمكن طرحها في وجود علاقة بين اختفاء التشيكيين والمعتقل اللبناني من آل فياض في تشيكيا، الا ان المصادر اوضحت ان هذه الفرضية لا تؤكدها اي معلومات او اثباتات حتى مساء امس.