قبل 48 ساعة من موعد جلسة مجلس الوزراء الخميس والتي يفترض ان تبت فيها الازمة العالقة لآلية عمل المجلس قبل طرح جدول الاعمال العادي، بدا الخواء السياسي غالبا على المشهد الداخلي، وسط تصاعد أزمة بيئية تتمثل في اجتياح متسارع لاكوام النفايات لأحياء بيروت وشوارعها والكثير من المناطق منذرا بكارثة صحية وبيئية وشيكة مع الارتفاع التصاعدي لحرارة الطقس. واذا كانت الازمة السياسية تحتمل المناكفات وفصول شد الحبال وتقطيع مزيد من الوقت الضائع تحت وطأة الحسابات القديمة والجديدة من وحي الاتفاق النووي وسواه، فان كارثة النفايات في ذاتها باتت تختصر المصير البائس للبنانيين المتروكين في عراء المسؤوليات الرسمية والقصور الهائل الذي تراكم الى حدود خيالية وامعن في تشويه صورة الموسم السياحي المضروب اصلا بأفضال أهل السياسة والاخطار الامنية مثل حادث خطف التشيكيين الخمسة الذين لم يظهر اي خيط في قضية خطفهم بعد ثلاثة ايام من اكتشاف اختفائهم .
والواقع ان مشاهد النفايات راحت تغزو المناطق بدءا ببيروت فيما لا يلوح اي مؤشر لقرب حل هذه الازمة بل تشير المعطيات الى انها مفتوحة والى مزيد من تفاقم بعدما صارت شركة "سوكلين" عاجزة عن الاضطلاع بدورها لعدم وجود مكان تنقل اليه النفايات المتراكمة. واعلن وزير البيئة محمد المشنوق انه لا يستبعد ان يفرض موضوع النفايات نفسه على جلسة مجلس الوزراء الخميس واذا لم يثر احد الموضوع "فسأثيره انا من غير ان يعني ذلك بالضرورة التغطية على موضوع آلية عمل الحكومة". واكد ان وجود 11 شركة شاركت في المناقصات "هو دليل على انها وجدت مواقع للطمر" داعيا الى "الوصول الى خواتيم سليمة بدل القول لا نريد ان ترمى النفايات عندنا فلا احد سيرمي عند احد عندما يمشي النظام ولكن من الان الى حينه علينا ان نتحمل بعضنا البعض".
وعلمت "النهار" أن معالجة ملف النفايات ستكون على طاولة البحث في اجتماعين مهمين اليوم. الاول في إطار لجنة البيئة النيابية في حضور الوزير محمد المشنوق على أن تصدر عن الاجتماع توصية عن سبل إنقاذ لبنان من كارثة النفايات التي بدأت تتهدده. أما الاجتماع الثاني فسينعقد في مجلس الانماء والاعمار في حضور وزير البيئة أيضا من أجل البحث مجددا في فتح مناقصات خاصة لمناطق لم تشملها المناقصات بعد وفي مقدمها بيروت. وقالت مصادر مواكبة للاجتماعين إن لا مناص من الذهاب الى استملاك أراض لكي تكون مكبات ومنها الكسّارات التي نشأت في صورة مخالفة للقانون سابقا.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن جدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء قد وزع ظهر أمس. وفي نص الدعوة "مناقشة المواضيع المثارة بالاضافة الى جدول الاعمال السابق ومشاريع مراسيم جديدة". وأوضحت أن أبرز المواضيع سيكون آلية العمل الحكومي ومشكلة النفايات. وفي ما يتعلّق بموضوع النفايات، قالت المصادر أن هناك فكرة مطروحة لشحن النفايات الى دولة خليجية لديها كفاية في معالجة النفايات، لكن الاقتراح الاكثر ترجيحاً هو استخدام أماكن الكسارات والمقالع القديمة مطامر، على أن يتم التعامل مع نفايات بيروت من طريق توزيعها على الاقضية في المرحلة الاولى ريثما تنشأ محرقة خاصة بها يستغرق إنشاؤها أربع سنوات.

الآلية
وأما بالنسبة الى موضوع آلية العمل الحكومي، فان ثمة اتجاهاً الى اعتماد التوافق ومن المتوقع أن تشهد الجلسة صخبا في الموضوعين معا.
وفي المعلومات المتوافرة لدى "النهار" عن الازمة الحكومية ان "التيار الوطني الحر" مدعوما من حلفائه "حزب الله " و"المردة" والطاشناق لن يقبل الا بالبحث في آلية العمل الحكومية في ظل الشغور الرئاسي، كما لن يقبل باي آلية لا يكون فيها لاي مكون اساسي في الحكومة الحق في الموافقة على عرض اي موضوع . ويقول المقربون من "التيار" انه لن ينفع الفريق الاخر "اخراج ارنب من سلته بهدف الضغط لاعادة تفعيل الحكومة وقراراتها اذا لم يتم اولا الاتفاق على الالية". اما في ملف النفايات فيرى "التيار" وحليفه "حزب الله" ان لا حاجة الى قرار جديد من مجلس الوزراء وان لدى وزير البيئة ما يكفي من القرارات المتخذة في هذا الملف وما عليه الا تنفيذها.
وفيما يمضي "حزب الله" في مساعي الوساطة بين التيار العوني ورئيس مجلس النواب نبيه بري، علم ان العمل جار على مخرج لمرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب من خلال تعهد وضع اقتراح قانون استعادة الجنسية وموضوع قانون الانتخابات النيابية على جدول الاعمال وتشمل الاتصالات في هذا المجال "تيار المستقبل"، علما ان معلومات ترددت عن ان هذا الموضوع طرح في لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع امس في جدة.

 

جنبلاط في باريس
الى ذلك، نقل مراسل "النهار" في باريس عن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط بعد لقائه ونجله تيمور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الاليزيه بعد ظهر أمس "ان الزيارة هي تأكيد للصداقة".
وقال: "خلال زيارتي السابقة في شهر آذار الماضي طلب الرئيس هولاند التعرف على تيمور فكانت زيارة ذات طابع ودي والصداقة بيننا تعود الى سنين عديدة في الاشتراكية الدولية". واضاف "تم البحث خلال اللقاء في تعقيدات الوضع اللبناني"، وأكد "وقوف فرنسا الى جانب لبنان".
ويبدأ وزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم محادثات رسمية مع نظيره الفرنسي برنار كازينوف ومسؤولين آخرين في اطار زيارته الرسمية لباريس التي يرافقه فيها عدد من قادة الاجهزة الامنية ومسؤولون امنيون للتشاور في تعزيز التنسيق بين لبنان وفرنسا في مختلف الجوانب الامنية ولا سيما منها مكافحة الارهاب. كما تشمل المحادثات حاجات لبنان الامنية. وسيلتقي المشنوق الخميس المقبل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.