أثارت زيارة وفد من حركة حماس برئاسة رئيس المكتب السياسي خالد مشعل للمملكة العربية السعودية واللقاء مع الملك سلمان والمسؤولين السعوديين الكثير من علامات الإستفهام والأسئلة ، حول أبعاد الزيارة ودلالاتها وحول دور ومواقف الحركة في المرحلة المقبلة. وقد أتت الزيارة بعد يومين من التوقيع على الإتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، مع أنّ التحضيرات لها تتم منذ فترة طويلة وقد حرص المسؤولون في الحركة على عدم إصدار أي موقف أو بيان ترحيبي بالإتفاق النووي ، وذلك كي لا يؤثر ذلك على ترتيبات الزيارة.
كما أتت الزيارة في ظل إنفتاح المملكة السعودية على حركات الإخوان المسلمين بعد الحملة التي شنتها المملكة عليهم خلال المرحلة الماضية وقبل إستلام القيادة السعودية الجديدة لزمام الأوضاع بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز . كما حرصت حماس على إصدار موقف من الأوضاع في اليمن اعتبره الكثير من المراقبين أقرب لمواقف السعودية والرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، مما لقي ترحيبًا وإشادة سعودية وانزعاجاً إيرانياً ومن حزب الله. والمعروف أن العلاقة بين حماس من جهة وكل من إيران وحزب الله من جهة اخرى قد مرت في السنوات الأربع الماضية بأوضاع صعبة بسبب الخلاف حول الأوضاع في سوريا وتبني حماس لموقف قوى المعارضة السورية ، رغم أن المسؤولين فيها يؤكدون أنهم مع التسوية السياسية ووقف القتال ومع كل ما يقرره الشعب السوري.
لكن الشيء الملفت بعد زيارة وفد حماس للسعودية نشر تقارير اخبارية من مصادر متعددة تتحدث عن طلب مشعل مساعدة شهرية تقدر بعشرين مليون دولار وبالمقابل طلب المسؤولين السعوديين مشاركة مقاتلي حماس بالقتال والتدريب في حرب اليمن إلى جانب السعودية والمجموعات المعارضة للحوثيين والجيش اليمني، لكن المسؤولين في الحركة نفوا هذه التقارير وأكدوا أن ما نشر لا يعدو أن يكون أوهاما وأكاذيب، لا أساس لها من الصحة، ولم يحدث شيء من ذلك .
ربما، بإستثناء طلب الدعم الذي كان عاماً، ولم يتحدث عن أرقام ولا تفاصيل. لكنهم لم يترددوا في القول إن الزيارة كانت ناجحة، وإن استقبال "القيادة السعودية" لوفد الحركة بقيادة مشعل كان "ممتازاً ومبشراً.
إذن بغض النظر عن تفاصيل الزيارة وما دار فيها من المؤكد أن ماجرى يشكل تطوراً في العلاقة بين حركة حماس وحركات الإخوان المسلمين من جهة وبين القيادة السعودية من جهة اخرى وقد يكون جزاء من المبادرات والخطوات التي ستقوم بها القيادة السعودية لمواجهة إزدياد الدور الإيراني ودور حزب الله في المنطقة.
لكن هل تتخلى حركة حماس عن العلاقة مع إيران وحزب الله وأي دور لحماس في المرحلة المقبلة؟
المسؤولون في الحركة يؤكدون أنهم لن يتحولوا إلى طرف مع فريق أو محور ضد فريق أو محور آخر ، وأن همهم الأساسي دعم القضية الفلسطينية وخصوصاً قطاع غزة ، وأنهم يعملون للعب دور مساعد في التسويات السياسية ووقف النزاعات في المنطقة لأن ذلك يساعد في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته.
لكن أجواء المسؤولين في الحركة لن تكفي لطمأنة بقية القوى والحركات وخصوصاً من ارتبطت معهم حماس بعلاقة قوية كإيران وحزب الله، ولذا علينا مراقبة أداء حماس في المرحلة المقبلة بعد زيارة مشعل ووفد الحركة للسعودية لنرى إلى أين تتجه الامور، وإن كان من الواضح أننا سنكون في المرحلة المقبلة أمام تغييرات في الأداء السياسي سواء من السعودية أو من حركة حماس وقوى الإخاوان المسلمين مما سيكون له تداعيات على كل الواقع العربي والإسلامي والإقليمي.