لا شيء ينهي كره الإيرانيين للكيان الصهيوني المحتل، لا قيام فلسطيين إرهابيين بتفجير أنفسهم أمام السفارة الإيرانية أو المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت أو وسط سوق شعبي للشيعة في بغداد ليلة عيد الفطر، كما قبل أكثر من عقدين مشاركة فلسطينيين متطوعين في الحرب العراقية الإيرانية وحتى وقوعهم أسرى بيد الجنود الإيرانيين، لم يخفف ولا واحداً من تلك الأحداث من حدة كره الشعب الإيراني للصهاينة، حيث لا تزر وازرة وزر أخرى، وأنّ الشعب الفلسطيني لن يمثله الإرهابيون ولا الخونة، بل يمثله مجاهدوه.
حتى الإتفاق النووي الذي تمّ بين إيران والدول الست، وخلافاً لما كان يتوقعه البعض، لم ولن ينه العداء بين إيران والكيان الصهيوني، خلافاً للولايات المتحدة الأمريكية ، التي من السهل جداً تطبيع العلاقات معها، لأسباب وأحد أهم تلك الأسباب يتصل بالكيان الصهيوني، وهو أن الإيرانيين أدركوا منذ زمن أن أي اقتراب إيراني أميركي يشكل مصدر إزعاج للصهاينة، وهذا الأمر سيشجع الإيرانيين إلى تسريع وتيرة التفاهم مع الولايات المتحدة بعد اختبارهم مدى صدقية الرئيس أوباما وجديته .
إنّ الإيرانيين لديهم معايير غريبة لإختيار أصدقاءهم وفيما يتصل بالكيان الصهيوني، إنهم التزموا لحد الآن بمبدأ رئيسي وهو الإلتزام بجميع ما من شأنه إيذاء هذا الكيان، وفي هذا المجال رأينا خلال السنوات الماضية أنهم طووا صفحة الخلاف مع حركة حماس في الشأن السوري، واستمروا في مساندتها ودعمها رغم فرض الحصار الإقتصادي الخانق على بلدهم .
لا مجال هنا لإحصاء أسباب كره الإيرانيين للصهاينة والذي يضرب بجذوره إلى تاريخ طويل، ولكن أحد أسبابه يتعلق بفرض الحصار على إيران بسبب برنامجها النووي استرضاء لإسرائيل وليس العرب، حيث لا أحد يشفق على العرب ، ولن ينسى الإيرانيون أن معاناتهم الإقتصادية خلال عقد من الزمن كانت من أجل التزام الأوربيين بأمن الصهاينة .
وخلال خطبة عيد الفطر أعاد المرشد الأعلى آية الله خامنئي ، بيت القصيد السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية بتطمين بنيامين نتانياهو من الإستمرار في دعم الحركات الفلسطينية المقاومة، مما أثار حفيظة الأخير الذي يتابع يومياً تصريحات السيد خامنئي ليشهر بها كطفل مدلل، أمام ضيوفه الأوروبيين والأمريكيين، في محاولة الابتزاز منهم.
يعرف بنيامين نتانياهو أنّ نكهة الموت لإسرائيل في شوارع طهران، تختلف نوعياً عن نكهة الموت لأمريكا أو الإنكليز، ولهذا ذكّر ضيفه وزير خارجية بريطانيا برفع شعار الموت لإسرائيل، وردّ عليه الأخير بأن نفس تلك الشعارات ترفع ضدنا وضد الأميركيين، ولكن السياسات لن تحدد في الشوارع.
ولكن الإنصاف يقضي بأن الحق مع نتانياهو، حيث أن الموت لإسرائيل يختلف عن الموت لأمريكا، وهذا الإختلاف سيكشف عنه الساسة الإيرانيين والسياسة الإيرانية في المرحلة الجديدة من تاريخ إيران السياسي، تاريخ التعاون البناء، الذي ليس فيه مكان لكيان تم تأسيسه على الإحتلال والإرهاب.
نُقل عن وزير الاقتصاد الألماني الذي زار إيران يوم الأمس الأحد، على رأس وفد يشمل 60 شخصاً من رجال الأعمال الألمانيين، قوله بأنّ تطور العلاقات الإقتصادية بين إيران وألمانيا على المدى الطويل رهن على اعتراف إيران، بإسرائيل، ولكن هذا حلم لن يتحقق، إلا بتغيير النظام السياسي في إيران ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.