مشهد مثقل بتراكمات الازمة الحكومية "الاصلية " التي لا تزال تبحث عن مخارج في سباق مع موعد جلسة مجلس الوزراء الخميس، وبتطورات امنية طارئة من "الطراز" الموجع كعودة ظاهرة خطف الاجانب والشروط الجديدة التي زجت بها "جبهة النصرة" في ملف المخطوفين العسكريين، ناهيك بانفلاش أزمة النفايات من دون أي افق وشيك للحل، رسم جدول الاعمال الواقعي للحكومة هذا الاسبوع.
وعلى أهمية كل من هذه الملفات المطروحة، قفز حادث خطف خمسة تشيكيين مع اللبناني صائب طعان فياض الى واجهة الاهتمامات الامنية والديبلوماسية نظراً الى خطورة هذا التطور الذي يعتبر عملية الخطف الكبرى لأجانب في لبنان منذ العام 2011 حين خطف الاستونيون السبعة في منطقة زحلة. وبعد 48 ساعة من اكتشاف عملية اختفاء التشيكيين الخمسة ورفيقهم اللبناني بفعل العثور على السيارة التي كانت تنقلهم على طريق كفريا في البقاع الغربي، أكد مصدران امنيان لبنانيان أمس في أول تعليق رسمي لبناني على الحادث تعرض التشيكيين للخطف مع السائق اللبناني، في حين لم تتوصل عمليات التحري والتفتيش الكثيفة التي جردتها الاجهزة والقوى الامنية والعسكرية الى أي خيط من شأنه ان يضيء على ملابسات عملية الخطف والمكان المحتمل لاحتجاز المخطوفين والجهة الخاطفة. ولعل الخيط الوحيد الذي تركز عليه التحقيقات الجارية يتمثل بصلة القربى بين اللبناني صائب فياض وشقيقه علي فياض المسجون في الجمهورية التشيكية بتهمة الاتجار بالاسلحة. وكشفت معلومات امنية لـ"النهار" ان التشيكيين الخمسة نزلوا في 15 تموز الجاري في فندق "الكورال بيتش" في الجناح وغادروه في اليوم التالي ولم يعودوا اليه بعدما نقلتهم سيارة من باحة الفندق تحمل اللوحة والمواصفات نفسها لسيارة صائب طعان فياض. وزاد لغز اختفائهم افادات شهود عيان في البقاع الغربي عن مشاهدتهم سيارة الميني - الفان متوقفة منذ عصر الخميس على طريق كفريا – خربة قنافار وفيها جوازات سفر التشيكيين وآلات تصوير وبطاقات صحافية لبعضهم. كما علمت "النهار" ان التشيكيين الخمسة زاروا منزل صائب فياض في بلدة انصار بالنبطية، وهي المرة الثانية التي يزورون فيها لبنان هذه السنة. وكانت الخارجية التشيكية اكدت السبت فقدان خمسة من مواطنيها وسائقهم اللبناني في لبنان. وصرح الناطق باسم الوزارة بأنها تعرف اسماء المفقودين التشيك لكنها لن تنشر أي معلومات لئلا تلحق ضرراً بالتحقيقات.
وفي المقابل بدت حصيلة "المبادرة" التي قامت بها "جبهة النصرة" بالسماح لأهالي العسكريين المخطوفين لديها السبت الماضي بزيارة ابنائهم بمثابة وضع دفتر شروط جديدة في ملف المفاوضات التي قالت عنها الجبهة إنها مقطوعة. والشروط الجديدة اعلنها زعيم الجبهة في القلمون أبو مالك التلة في حديث الى محطة "ام تي في" التلفزيونية وهي "فك حصار الجيش عن النازحين السوريين وتسليمه خمس اخوات سجينات في لبنان بينهن جمانة حميد وسجى الدليمي وعلا العقيلي فاعطيهم ثلاثة شبان من العسكريين، وعودة السوريين الذين هجروا من قرى في القلمون الى بيوتهم" معتبرا ان "على اللبنانيين ان يتحملوا مسؤولية تصرفات حزب الله".
الملك وجعجع
وسط هذه الاجواء، برزت ملامح تحركات لبنانية – سعودية – فرنسية حملت بعداً مهماً على صعيد تحريك الملفات المتصلة بالازمة السياسية الداخلية ولا سيما منها ازمة الفراغ الرئاسي. وفي هذا السياق جاءت زيارة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع للمملكة العربية السعودية كتطور اتخذ دلالات مهمة في توقيتها ومضمونها وسط الظروف الداخلية والاقليمية الراهنة وخصوصاً مع تخصيصه دون سائر الزعامات السياسية في الفترة الحالية على الاقل بلقاء مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وكبار المسؤولين السعوديين مساء أمس. وأفادت وكالة الانباء السعودية "واس" ان الملك سلمان استقبل جعجع في قصر السلام في جدة "وجرى خلال الاستقبال بحث مستجدات الاوضاع على الساحة اللبنانية. واعرب رئيس حزب القوات اللبنانية عن شكره وتقديره للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين على ما يجده لبنان وشعبه من دعم وحرص على امنه واستقراره في مختلف الظروف". وحضر اللقاء ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان وعدد من الوزراء ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان. وقالت مصادر سياسية بارزة لـ"النهار" إن زيارة جعجع للسعودية أتت في إطار ثلاث مناسبات في وقت واحد هي: التعزية بالامير الراحل سعود الفيصل, ومعايدة المسؤولين في المملكة بعيد الفطر وإجراء محادثات في شأن التطورات. وأوضحت أن المحادثات بين الرئيس سعد الحريري وجعجع خلال هذه الزيارة ستتناول قانون الانتخابات وعمل الحكومة ومجلس النواب.
هولاند وجنبلاط
الى ذلك أعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيستقبل بعد ظهر اليوم رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، وعلم مراسل "النهار" في باريس ان تيمور جنبلاط سيرافق والده في الزيارة بناء على طلب هولاند.
وسيكون هذا اللقاء مناسبة للبحث في آخر التطورات الإقليمية بعد توقيع مجموعة 5+1 مع ايران الاتفاق النووي وارتداداته على لبنان.
وكان جنبلاط التقى هولاند في ٢١ آذار الماضي.
ملفات
على الصعيد السياسي الداخلي، قالت مصادر وزارية في قوى 14 آذار إن لا بحث في آلية العمل الحكومي بما يهدد الطائف، مضيفة أن الاولوية باتت الان للملفات الضاغطة وخصوصاً النفايات والامن والعسكريين المخطوفين والتشيكيين المخطوفين وسواها. ولفتت الى جهد يبّذل من أجل زيادة عدد الموقّعين لعريضة فتح الدورة الاستثنائية بإقناع وزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة بالإنضمام الى الموقّعين.
وفي ما يتعلق بملف النفايات، قالت مصادر نيابية معنية إن لا رجعة عن مطلب إقفال مطمر الناعمة. ولاحظت بداية حلول تمثلت في قيام البلديات بخطوات لتحمل الاعباء على أن تتخذ السلطة السياسية قرارات جدية بإستملاك قسري للاراضي وخصوصاً أراضي الكسارات غير الشرعية وتحويلها مكبات. وشددت على انه حان الوقت لانهاء معادلة التمييز بين المواطنين وتقسيمهم فئتين: مواطنين يكبّون النفايات ومواطنين تكبّ النفايات عليهم.