في حدث إعلامي هو الأول من نوعه بألمانيا نقلت شبكة التلفزة والإذاعة بولاية بافاريا الجنوبية صلاة عيد الفطر من مسجد مدينة بنسبيرغ في بث مباشر استمر ساعتين من فجر أمس الجمعة، واختتمت به الشبكة تغطية استمرت ثلاثين يوما، وكان محورها الرئيسي شهر رمضان.
وبدأ بث تغطية صلاة العيد -التي نقلتها الشبكة البافارية من الخامسة فجرا للملايين في عموم ألمانيا، وأعادت بثها في نشراتها المسائية في اليوم نفسه- بتلاوة من القرآن الكريم، تلتها أناشيد دينية لمجموعة من أطفال المسجد، ثم ألقى الشيخ بنيامين إدريس إمام مسجد بنسبيرغ خطبة العيد باللغة الألمانية باستثناء ما تضمنته من آيات من القرآن الكريم قرأها باللغة العربية.
وتحدث إدريس في الخطبة عن السلام في الإسلام، مشيرا إلى أن إشاعة أجواء السلام بالمجتمعات وفي العالم يعد هدفا يسعى إليه المسلمون الذين كانوا دائما يتضامنون مع ضحايا العنف، استنادا إلى دعوة دينهم لإفشاء السلام والجنوح له.
ودعا الإمام غير المسلمين في المجتمع الألماني للتعامل مع مواطنيهم المسلمين بالعدل وتجنب الربط بين الإسلام والإرهاب، وعدم تحميل الأقلية المسلمة في البلاد أي مسؤولية عن “الجرائم التي يقترفها تنظيم الدولة الإسلامية.
واعتبر إدريس أن ما يرتكبه التنظيم يخالف ما يدعو له القرآن الكريم، ويقدم صورة مشوهة عن الإسلام تصد الناس عنه، وحذر الشبيبة المسلمة في ألمانيا “من الانسياق خلف الدعاية الكاذبة والمضللة للتنظيم”، وحث في المقابل مسلمي ألمانيا على الانفتاح على محيطهم غير المسلم والتفاعل إيجابيا مع قضايا مجتمعهم.
قواسم مشتركة
وعقب الصلاة، احتفل نحو ألف مصلّ يمثلون السكان المسلمين بمدينة بنسبيرغ وضواحيها بعيد الفطر، ووزعوا الهدايا على مئتي طفل شاركوا في الصلاة، وألقى ممثل الكنيسة البروتستانتية كلاوس فالير كلمة عن “القواسم المشتركة مع إخواننا المسلمين”، وتحدث ممثل الكنيسة الكاثوليكية يوسف كيرشينشتاين عن “الصيام كعبادة دينية تقوي الإيمان وتشجع على التسامح والإيثار”.
ومثلت التغطية المباشرة لصلاة العيد في التلفزيون البافاري -الذي يعد من شبكات التلفزة الرئيسية في ألمانيا- حدثا مهما بالنسبة للأقلية المسلمة المقدرة في ألمانيا بنحو أربعة ملايين نسمة، والتي تطالب منذ سنوات بحقوق إعلامية في التغطية لأعيادها باعتبار أفرادها من دافعي الضرائب الشهرية للإذاعة والتلفاز.
ومن جانبه، رأى الإمام بنيامين إدريس أن نقل التلفاز البافاري المباشر صلاة العيد من مسجد بنسبيرغ يعد رسالة تقدير مهمة انتظرها مسلمو بافاريا الذين يمثلون ثاني أكبر مجموعة دينية في الولاية الألمانية الشهيرة، ورأى -في تصريح للجزيرة نت- أن هذه الخطوة الإعلامية تصب في خدمة مواجهة الأحكام النمطية المسبقة، وتعزيز التعايش والسلم المجتمعي، ودللت على بدء دخول الإسلام في ثقافة المجتمع الألماني.
ولفت إدريس إلى تلقيه بعد صلاة العيد رسائل من عدد كبير من المسلمين رحبوا فيها بتغطية التلفاز البافاري صلاة العيد، وأكد أصحابها وجود حاجة لمبادرات إعلامية بألمانيا تقدم الإسلام بشكل وسطي منفتح وتربط بينه وبين قضايا العصر.
(الجزيرة)