بينما شهدت معظم المدن الإيرانية خلال اليومين الماضيين بعد حصول التوافق النووي، احتفالات وأفراحاً شعبية واسعة، عبّر الشارع فيها عن سروره بالتوافق وشكره للفريق المفاوض، انقسم السياسيون بين أغلبية موافقة للتوافق وأقلية متشددة لم ترضَ بإنجازات إيران، من التوافق وتقول هل من مزيد؟
وهكذا وكما كان المتوقع تحوّل الإتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى، إلى محور للخلاف الداخلي وليس إلى الوفاق بين مختلف الأطراف السياسية، حيث أنّ المحافطين المتشددين اتخذوا سياسة متعدد الأوجه تجاه هذا الإتفاق التاريخي ، تارة عبر اعتباره بأنه ليس مثالياً ، وتارة بأن هناك تقريران لهذا التوافق متضاربان 100% ! ، كما عنونت صحيفة كيهان الشهيرة بعدائها للإصلاحيين والمعتدلين، يوم الأربعاء، متجاهلة أنّ الاختلاف بين تقريرين إلى مستوى 100% يعني الإختلاف بين الحرب والسلم .
رغم هذا العنوان الغريب، يقول الكاتب بأنّ هناك بعض النقاط الخلافية بين تقرير الرئيسين أوباما وروحاني لهذا التوافق .
وبينما شكر المرشد الأعلى الفريق المفاوض النووي، على جهوده المضنية خلال المفاوضات، كان ممثل المرشد الأعلى لدى مؤسسة كيهان الإعلامية ومدير صحيفة كيهان، حسين شريعتمداري، منذ اللحظات الأولى من التوافق النووي، يقوم بإثارة الشكوك فيه.
وحاولت مواقع إخبارية محافظة ، التقليل من أهمية التوافق، واعتبارها مسودة للمفاوضات النووية، تحتاج إلى مصادقة المحافظين، وأنّ هذا التوافق لا يمثل توافقاً مثالياً، حيث أننا تنازلنا عن جزء من حقوقنا بغية الحصول على جزء آخر، وعليه لا يستحق الإحتفالات والأفراح العامة! وفق ما يقول مهرداد بذرباش، صاحب صحيفة وطن إمروز المحافظ المتشدد ، الذي كان مستعداً لإعتبار هزائم أحمدي نجاد وكأنها انتصارات .
ومن جهته يقول حميد رضا ترقي عضو بارز في التيار المحافظ ، إنّ هكذا توافق لو حصل قبل عام كان يستحق الإحتفال ، ولكن حيث أنه طال كثيراً فإنّه لا يستحق الإحتفال !
يبدو أن المحافظين ليسوا عاجزين عن المفاوضة والحوار وصنع التوافق والقرار فحسب بل إنهم عاجزون عن تفهم المرحلة وفهم أهمية التوافق الذي لا بديل له إلا واحداً من الاثنين : إما الحرب وإما فرض المزيد من العقوبات، وكلا منهما يؤدي إلى الانهيار .
فالحديث عن توافق مثالي يفيد بأنهم يفقدون أبسط الوعي بأن التوافق المثالي الذي يتحدثون عنه هو إقرار المجتمع الدولي بصنع إيران القنبلة الذرية وأي توافق دونه هو غير مثالي .
ورغم هذا يعرف المحافظون بأنّ التوافق النووي ، انتصار كبير للرئيس روحاني، ومن معه من الإصلاحيين والمعتدلين، ويفيدهم في الإنتخابات النيابية المقبلة بعد تسعة أشهر .
أما الإصلاحيون إن في الشوارع وإن في الصحف والمواقع وإن ومن خلال بيانات قادتهم عبروا عن شكرهم للحكومة وللمفاوضين .
عنونت الصحف الإصلاحية : " انتصار الشعب الإيراني، الإنتصار بدون الحرب، كسر الحصار المفروض على إيران، إيران على قمة الإتفاق، تغيرت الدني ا".
وقارن الرئيس رفسنجاني بين التوافق النووي وتحرير مدينة خورّام شهر من الإحتلال العراقي ، في إشارة إلى تحرير الإقتصاد الإيراني من احتلال العقوبات .
الرئيس السابق محمد خاتمي هنأ الشعب الإيراني على التوافق ولكنه حذر من الإستعجال حيث أنه يرى بأنّ التوافق رغم أنه يترك الآثار نفسية لتحسن الأوضاع ، لكن التخطيط وإصلاح الدمار الهائل الموروث من السنوات الماضية يحتاج إلى الوقت .
وقصد الرئيس السابق محمد خاتمي الدمار الذي تركه محمود أحمدي نجاد طيلة ولايته لمدة 8 أعوام، حيث تمّ في عهده نقل ملف إيران النووي، من المنظمة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الأمن، وبفعل تشدده ورفضه الحوار والمفاوضة مع المجتمع الدولي، تعرضت إيران لأشد العقوبات الاقتصادية والمصرفية والمالية وحتى الأكاديمية .
فماذا يقول الرئيس أحمدي نجاد عن التوافق النووي؟
إنه حتى اللحظة التزم الصمت ولم يتخذ أي موقف من التوافق ولكن موقع مقرب منه اعتبر أن الاحتفال بدخول إيران نادي البلدان المنتجة لليورانيوم تمّ في عهد الرئيس أحمدي نجاد!
مطالباً الحكومة بالعمل من أجل خفض أسعار السلع .