توقفت الأوساط السياسية وفق صحيفة "الحياة" أمام قول الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أول من أمس، إن زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون "لم يطلب منّا النزول إلى الشارع"، وإشارته الى أن "ليس من مصلحة الحراك الشعبي ومطالب العماد عون أن يشارك حزب الله في تظاهرات شعبية".
واعتبرت هذه الأوساط أن السيد نصرالله استخدم مخرجاً لبقاً للتعبير عن عدم حماسة حزبه للتحرك الذي قام به التيار العوني في الشارع والذي ظهر وفق التقارير الأمنية والإعلامية أقل مما كانت قيادة التيار تتوقعه، حتى لو كان مقتصراً على قطاع الشباب فيه.
وتشير مصادر وزارية وفق "الحياة" الى أن "حزب الله" استشعر أخطار تسبب تصعيد وزيري عون، باسيل وإلياس بوصعب، الموقف ضد الرئيس سلام، لأن الأخير سبق أن أبلغ وزير الحزب في الحكومة محمد فنيش خلال لقائه معه الثلثاء الماضي، قبل جلسة مجلس الوزراء بيومين، أنه لا يحتمل التصعيد العوني ضده، ومحاولة فرض نقطة على جدول الأعمال لا تحظى بالتوافق، وضرب صلاحياته. وعلمت "الحياة" أن فنيش دعا سلام الى تجنب التصادم في الجلسة فرد سلام بعد أن كان سمع اتهاماً من عون بأنه يمارس "الاحتيال" في مجلس الوزراء ومن باسيل "بالسرقة الموصوفة لحقوق المسيحيين وممارسة الداعشية"، قائلاً لفنيش: "لا تطلبوا مني شيئاً. أنا أكثر من تحمّل. هذه الأمانة التي أتولاها خذوها مني. إما أن أبقى كما أنا أمارس صلاحياتي وأتبع سياسة توفيقية أو تفضلوا أنتم وتحملوا المسؤولية. فأنتم تسايرون العماد عون. وأنا لا أمزح في ما أقول ولتحملي حدود بعد الذي سمعته...". وأبلغ سلام فنيش أنه لن يقبل بالتطاول عليه في جلسة الحكومة "وسأرد على أي كلام من هذا القبيل يقال عني وليكن ما يكون". وذكرت المصادر الوزارية، أنه على رغم أن وزيري "حزب الله" ووزير "المردة" روني عريجي ووزير الطاشناق أرتور نزاريان كانوا اتفقوا مع باسيل وبوصعب في اجتماع تنسيقي حصل عشية الجلسة على أنهم سيقفون مع بت التعيينات الأمنية قبل بحث أي بند آخر ومع مطالبتهما باستشارة الوزراء بوضع جدول الأعمال، فإن مداخلتي فنيش وزميله حسين الحاج حسن في الجلسة بعد الصدام الذي حصل بين باسيل وسلام الذي رفض اتهامه بمصادرة صلاحيات الرئاسة، بقيت في حدود الدعوة لتفهم مطالب عون من دون الموافقة على تهجم باسيل على رئيس الحكومة، بل إن فنيش التقط دعوة وزير الداخلية نهاد المشنوق الى مخرج يقضي بعدم كسر كلمة سلام بالقبول بإقرار بند سابق أقر في الحكومة، وبإقرار بند جديد يتعلق باعتمادات للمستشفيات، والبحث في مقاربة طريقة اتخاذ قرارات الحكومة في جلسة تعقد بعد الأعياد. وشارك فنيش المشنوق في صوغ المخرج، لعلمه أن سلام قد يذهب نحو الاستقالة بعد الذي حصل. واستخدم فنيش "دالّته" على باسيل ليقبل بالتسوية في مكتب سلام تفادياً لما يمكن أن يتسبب بتطيير الحكومة، التي يشكل بقاؤها عنصراً أساسياً من سياسة الحزب في ظل انشغاله بالمعارك في سورية. بري وجنبلاط واستدراك "حزب الله".وترى المصادر وفق" الحياة" أن لموقف "حزب الله" المتمايز، تأثيراً في المواقف التي صدرت لاحقاً من بعض قوى 8 آذار، لا سيما رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية غير المقتنع أساساً، بغض النظر عن موقف "حزب الله"، بحملة عون وتحركه في الشارع.
لكن تناغم فرنجية مع "حزب الله" برفض الفيديرالية كل على طريقته، والحرص على بقاء الحكومة... وتأييدهما توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية للبرلمان خلافاً لعدم حماسة عون، شكلت دليلاً على أن الحزب يبعث برسائل التمايز عنه، سواء مباشرة أو بالتعاون مع حلفاء آخرين أبرزهم فرنجية، الذي ساءه اتخاذ عون القرارات ودعوته الآخرين للالتحاق به وتعرض فريقه لسلام وخروجه عن النقاط التي اتفق على أن يتضامن الحلفاء معه فيها.
وكان سبق تفاقم الأمور الى هذه الدرجة، مداخلات وملاحظات على أداء "حزب الله" في العلاقة مع عون، من كل من رئيس البرلمان نبيه بري وفريق رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط، بوجوب استدراك سياسة المسايرة التي يمارسها حزب الله للعماد عون، وتؤدي الى مزيد من التعطيل للعمل الحكومي ومجلس النواب. وأوضحت مصادر نيابية وسياسية أن بري أبلغ، على طريقته، قيادة "الحزب" أنه لا يرى مصلحة في مهادنة التصعيد الذي يهز الحكومة وأنه مع معاودتها اجتماعاتها بعد تعليقها 3 أسابيع، خلافاً لرأي الحزب، الذي كان يدعو الى مزيد من التأجيل تحت عنوان السعي الى تسوية مع مطلب عون في شأن تقديم التعيينات الأمنية على أي بند. وبلغ استياء بري ذروته حين لزم الحزب الصمت على تكرار عون الحديث عن الفيديرالية في الأسابيع الماضية وأبلغ حليفه بهذا الاستياء، مؤكداً أنه لم يعد يحتمل هذه الدرجة من المسايرة للجنرال، فضلاً عن غضبه من عدم بذل الجهود لأجل فتح دورة استثنائية للبرلمان من أجل تشريع الضرورة بجدية وتأخر وزيري الحزب في توقيع مرسوم فتح هذه الدورة. ونقل عنه قوله: «إذا حاز المرسوم على توقيع نصف عدد الوزراء زائد واحداً سأمشي به وأدعو الى جلسة. سواء وقّع الحزب أم لا. وإذا لم يوقعوا المرسوم وتعذر تأمين الأكثرية لإنفاذه فليتحمل الذين لن يوقعوا المسؤولية، لأن التشريع ليس من أجلي بل لمصلحة البلد". أما فريق جنبلاط، فأبلغ "حزب الله" أن الموقف الذي سمعه الوزير فنيش من سلام يجب أن يؤخذ بجدية، وأن مسايرة قيادته تصعيد العماد عون قد تفضي الى موقف من رئيس الحكومة يطيحها، وليس جائزاً مماشاة التصعيد الذي يتعرض له. وإذ تعتقد المصادر النيابية والسياسية أن "حزب الله" سعى الى استدراك الوضع و"عسى ألا يكون تأخ"، فإنها تسأل عن كيفية الإفادة من الأسبوعين المقبلين لابتداع مخارج حين يلتئم مجلس الوزراء بعد عيد الفطر لمناقشة ما يسميه سلام "المقاربة المطلوبة لكيفية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء". ووفق صحيفة "الحياة"، يشير مصدر الى أن اتصالات الأسبوعين المقبلين يفترض أن تتم لضمان التهدئة واستيعاب التأزم، على قاعدة أنه إذا كان إمكان تعيين من يرشحه العماد عون لقيادة الجيش العميد شامل روكز ضئيلاً، فإنه بات مستبعداً بعد التصعيد الذي حصل، حتى عند فرقاء كانوا يعتقدون بإمكان مسايرته لفض الاشتباك في البلد. ولا يملك أي من الباحثين عن مخرج للأزمة قبل اجتماع مجلس الوزراء المقبل، تصوراً واضحاً حتى الآن، لكن ما أفرزه التصعيد الأخير، أطلق اتصالات بعيدة من الأضواء على قاعدة فرز المواقف من الذي حصل.