إنّ ما يجري الآن على طاولة المفاوضات النووية في فيينا هي عبارة عن السعي لرفع قيمة الإتفاق النووي المتوقع حصوله قريباً عند معارضيه في الداخل الأميركي والإيراني، وكل من وزيري خارجية إيران وأميركا يعرفان هذه اللعبة جيداً .

فإنّ صعوبة الحصول على التوافق ولو كانت شكلية ومبرمجة ، كما يبدو الآن من مسار المفاوضات، سيكون الترويج والتسويق لها في البازار الداخلي أسهل ، ولهذا يبدو أنّ الطرفين الرئيسيين وهما كيري وظريف، يذهبان باتجاه توتير أجواء المفاوضات، من أجل تسهيل تمرير الإتفاقية النووية التي تمّ إنجازها منذ أيام، عند المحافظين في إيران والجمهوريين في الولايات المتحدة .

ووفق هذا النهج من الطبيعي بمكان أن نرى تشدداً أميركياً بعد مرونتها طوال المفاوضات، حيث تراجعت الولايات المتحدة عن قبولها السابق برفع العقوبات دفعة واحدة واشتراطها جدولة رفع العقوبات!

ممّا جعل محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران، أن يعرب عن استيائه لهذا التراجع، قائلاً : لا يمكن تبديل الحصان بآخر وسط النهر، أي وسط السباق، في إشارة إلى التغيير الحاصل في الموقف الأميركي، وسعياً منه لإسقاط مسؤولية إفشال المفاوضات على الطرف الأميركي .

وأضاف ظريف بأننا لسنا مستعجلين للحصول على التوافق وتحدث عن الدول الخمس زائد واحد ، أنّها ليست متكاملة وكل من تلك الدول لديها رأي، وهذا يصعب التوافق.

يبدو أنّ موضوع رفع العقوبات العسكرية لا زال يشكل نقطة الخلاف الأخيرة ليس بين الطرفين فقط ، بل إنّه تحول إلى موضوع للخلاف بين الدول الست الكبرى، حيث إن روسيا التي تطمح إلى بيع الأسلحة لإيران تعارض استمرار العقوبات العسكرية، وإتهم سيرغي لافروف زملاءه بأنّهم تراجعوا عن مواقفهم السابقة.

وسط هذا الوضع المحتدم الذي يبدو أنّه مبرمج و تحت السيطرة ، نرى الرئيس روحاني والرئيس أوباما يتحدثان عن التوافق النووي وكأنهما يتحدثان عن الماضي وليس المستقبل .

فالرئيس أوباما خلال كلمته لتهنئة المنتخب الأميركي للكرة القدم للسيدات، الذي حصل على كأس البطولة للكأس العالمي للسيدات، صرّح بأنّ الحصول على التوافق مع إيران، كالحصول على الكأس العالمي، مما يدل على أن المنتخب الدبلوماسي الأميركي لن يعود الى بلده إلا بعد الحصول على الكأس النووي.

كما أنّ الرئيس روحاني وخلال مشاركته في مؤتمر دول بريكس، في روسيا، أيضاً أعرب عن سعادته بأنّ المفاوضات النووية اقتربت الى نهاياتها السعيىدة بعد اعتراف الطرف الآخر بطاقات بلده العلمية .

وشارك الرئيس روحاني بعد العودة إلى بلده، في المظاهرات الشعبية بمناسبة يوم القدس العالمي في العاصمة طهران ، فهل الوصول إلى التوافق النووي، سوف يخفف من أهمية فلسطين والقدس، في سلم أولويات الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟