لم تكن حفلة الأمس إلاّ نموذجاً عن حضارة عون في الإعتراض على عدم إعطائه كرسي الرئاسة فعاد به الزمن إلى اليوم المشؤوم يوم وكله بالقوّة الرئيس الجميل رئاسة حكومة عسكرية ، عانى من خلالها اللبنانيّون الويل والثبور وعظائم الأمور إلى أن ساقه جنون بعبدا إلى الهروب والخروج من لبنان بعد أن أدمى المسيحيين في حربه على القوات واللبنانيين في قصفه الدائم على الضاحية وبيروت وتهجير الناس منهما إلى الجنوب والبقاع .
ليس غريباً عليه اتخاذ مواقف غير مدروسة ومؤذية ومؤثرة بالإستقرار ومفتوحة على خيارات طائفية نحن بحاجة إلى التخفيف من غلوها بعد أن إستعرت مؤخراً على ضوء الحرب السورية وإنقسام اللبنانيين إلى طوائف متشنجة ومستعدة لقتال بعضها البعض في عودة منها إلى ما يشبه الحرب الأهلية .
صدم عون عندما تصدى الجيش اللبناني لمحاولات الفتنة الطائفية على باب السرايَ الحكومي ، وراعه مشهد الدفاع عن مؤسسات الدولة ، لذا راح يدين المؤسسة التي ورطها في مشاكل وحروب كبيرة وكثيرة من حرب القوات إلى الجيش السوري إلى حركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي في جبهة واحدة فتحها على الجميع ظناً منه أنّ ذلك سيبقيه في قصر الرئاسة .
لقد خسر عون آنذاك شعبية عارمة وعسكراً كان منقاداً إليه نتيجة لشعارات وطنية وربح نجاته من أرض المعركة على دبابة فرنسية ساقته إلى خارج البلاد ليعود بعد وساطة مع السوريين إلى لعب دور مسيحي ماروني بإمتياز ليعيد لبنان إلى مرحلة سياسية لن تعود لأن شروطها لم تعد متوفرة .
ربما يكون من حق عون السعي المضني للرئاسة والعمل بكل ما يملك للحصول عليها ولكن ليس بخراب البصرة وشدّ العصبية الطائفية واستخدام القوّة والنيل من المؤسسة العسكرية والتعرض للجنود بحجة التظاهر السلمي وإثارة النعرات الطائفية ، كما فعل صهره في السراي الحكومي لتحويل رغبة عون الجامحة للرئاسة إلى خلاف طائفي يستدعي أخذ حق الموارنة المسلوب من قبل السنة باعتبار أن الطائف قد أضعف رئاسة الجمهورية وقوّى من رئاسة الحكومة .
لقد لعب عون لعبته الأخيرة وقد خسرّته ولم يربح سوى مظاهرة نسائية جميلة تفلح في إنتخابات ملكات الجمال لا في الإنتخابات الرئاسية .