يحتفل العرب والمسلمون والأحرار في العالم غداً الجمعة بيوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام الخميني بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران ومن أجل التأكيد على أولوية القضية الفلسطينية وتحرير القدس لدى العرب والمسلمين .

وحسب العادة تقام المسيرات والإحتفالات الشعبية في العديد من دول العالم بهذه المناسبة ، وأما في القدس فإن الجمعة الاخيرة من شهر رمضان تتميز بحضور حشد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني للصلاة في المسجد الأقصى .

ومع أهمية كل هذه النشاطات والإحتفالات للتذكير بقضية القدس وفلسطين، فإنّ السؤال الأهم اليوم :

أين هذه القضية لدى العرب والمسلمين؟ وهل لا تزال هذه القضية هي القضية المركزية ولها الأولوية على كل القضايا؟ أم أنّ كل قطر عربي أصبح مشغولاً بقضاياه الداخلية وصراعاته السياسية والعسكرية والأمنية ، في حين أنّ فلسطين أصبحت مقسمة بين قطاع غزة وضفة غربية وقدس وأراضي ال 48 ولكل منطقة همومها ومشاكلها والقوى الفلسطينية منقسمة فيما بينها وتتصارع على السلطة؟.

خلال الحرب الأهلية في لبنان ، رفع شعار خاطىء، أنّ طريق القدس تمر عبر جونية، وذلك لتبرير الحرب الأهلية ومشاركة قوى فلسطينية فيها إلى جانب القوى والأحزاب اليسارية والوطنية، وإنتهت الحرب وخرج الفلسطينيون المسلحون من لبنان ولم يصلوا لا إلى جونية ولا إلى القدس بل تشتتوا في بقاع الأرض إلى أن اندلعت الإنتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي أعادت القضية إلى أرضها الحقيقية.

أما اليوم فإن  هناك أطرافاً عربية وإسلامية تطرح شعار : إنّ تحرير فلسطين والقدس يمر عبر سوريا أو بغداد أو صنعاء ، في حين تطرح تنظيمات إسلامية أخرى أنّه لا يمكن تحرير القدس إلا بعد تحرير كل البلاد العربية والإسلامية وإقامة الخلافة وطرد المشركين والكفار والمرتدين من أراضي الإسلام وبعد ذلك يتم مواجهة المحتلين الصهاينة، وهكذا تندلع المعارك والحروب الداخلية في دول عربية وإسلامية وتتم تصفية الدول والقضاء على الجيوش والشعوب فيما الصهاينة يعبرون عن سرورهم وإرتياحهم لما يجري من صراعات قد تمتد إلى مئات السنين.

ولذا علينا تصحيح الشعار : إنّ طريق القدس يمر اليوم فقط عبر وقف كل الصراعات السياسية والأمنية والعسكرية في العالم العربي والإسلامي ، ومن خلال إقامة الدولة المدنية والديمقراطية ووقف كل أشكال الديكتاتوريات والظلم وإعطاء الشعوب حقوقها ووقف إستنزاف الطاقات في حروب خاسرة.

نعم من أجل أن تعود القدس قضيتنا المركزية الأولى وكي نعمل جميعاً من أجل القدس وفلسطين يجب البحث عن تسويات سياسية لكل هذه الصراعات القائمة ويجب إطلاق المبادرات وتقديم التنازلات لقيام الدول العادلة ووقف كل أشكال الحروب الداخلية والسجالات السياسية والإعلامية ، وهكذا يمكن لا أن نحتفل بيوم القدس العالمي بل أن نضع الخطوة الأولى لتحرير القدس.

وكما قال الإمام الخميني: لو أنّ كل عربي ومسلم حمل سطلاً من الماء ورماه على الكيان الصهيوني لإنتهى هذا الكيان .

واليوم لو أنّ كلّ منّا دعا لوقف الصراعات والحروب والبحث عن التسويات لشكلنا قوة ضاغطة من أجل أن نعود إلى الصراع الأكبر مع هذا العدو الصهيوني ومن هنا تمر طريق القدس فقط ولا غير.