لم تظهر بعد بشائر حل للأزمة الحكومية التي تجاوزت إطار مجلس الوزراء، لتهدد مستقبل الحكومة من جهة، وسط جهر التيار الوطني الحر باستعداده لنسف النظام. ورغم عدم بروز ما يوحي بوجود حل قريب للأزمة، أظهرت الاتصالات السياسية أمس قواعد جديدة للاشتباك، نتيجة دخول حزب الله على خط التواصل، مبادراً من جهة، ومعلناً وقوفه إلى جانب التيار الوطني الحر من جهة أخرى.
ويوم أمس، زار الوزير محمد فنيش الرئيس تمام سلام، وأبلغه موقفاً واضحاً: نحن نقف إلى جانب التيار الوطني الحر من دون لبس، ونؤيد موقفه، ونحن متمسكون بآلية العمل الحكومي. وأكّد فنيش لسلام أن رئاسة الجمهورية في لبنان هي الضامنة للتوازن السياسي والدستوري، والحكومة التي ولدت في ظروف استثنائية، انتقلت إليها صلاحيات رئيس الجمهورية، ودورها اليوم الحفاظ على التوازن. وأيّ حديث اليوم عن اتخاذ قرار بالنصف زائداً واحداً يعني الإخلال بهذا التوازن وهذا الدور.
وأكّد فنيش لسلام أن "مطلب التيار الوطني الحر بشأن قيادة الجيش محق. والقوى السياسية معنية بالبحث عن سبل لتلبيته، وخاصة أن تيار المستقبل سبق أن أيّد مطلب عون، وهذا الامر لم يعد سراً". وشدد على ضرورة "الابتعاد عن التأزيم، وخاصة في ظل الوضع الإقليمي المتفجر. وعلى العكس من ذلك، لدينا فرصة للاستفادة من تطورات إقليمية إيجابية، في حال جرى التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والغرب، وبعد التحولات في بعض المواقف الدولية بشأن أولوية محاربة الإرهاب في سوريا. وينبغي عدم إهدار هذه الفرص". وأكد فنيش أنّ "تجاهل مكونات رئيسة في مجلس الوزراء، كالتيار الوطني الحر وحزب الله والطاشناق والمردة، سيؤدي إلى خلق مشكلة في البلد". واقترح أن يتم تأجيل جلسة مجلس الوزراء الخميس، أو على الأقل عدم اتخاذ قرارات فيها من خارج آلية العمل الحكومي التي جرى الاتفاق عليها سابقاً، إفساحاً في المجال أمام أي تسوية يمكن التوصل إليها. وأكّد فنيش أن الحكومة ولدت في ظروف استئنائية، واستمرت في ظروف استثنائية. وأحد الأسباب الرئيسة لاستمرارها هي حكمة رئيس الحكومة وصبره وقدرته على تجاوز المصاعب. وهذه ليست ميزات شخصية ممدوحة لرئيس الحكومة وحسب، بل هي ميزات وطنية ينبغي الاستمرار في العمل وفقاً لها، لتجاوز الازمة الراهنة".


في المقابل، لم يُظهر سلام تجاوباً مع اقتراح فنيش إرجاء الجلسة أو عدم اتخاذ قرارات فيها خارج الآلية، لكنه لم يعطِ جواباً سلبياً. أبدى تفهماً لكلام فنيش، معبّراً في الوقت عينه عن الضغوط المفروضة عليه، والتي تحتّم عدم تعطيل الحكومة، "لأنها إذا تعطلت ينتفي معنى وجودها وتصبح الاستقالة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال أفضل من بقائها". إيجابية سلام في الاجتماع قابلها تشدد وزراء قريبين منه، أكدوا أنه "لا يمكن أن يكون الرئيس سلام رئيساً لحكومة يحكمها الوزيران جبران باسيل والياس أبو صعب"، وأضافوا: "كل خيارات رئيس الحكومة مفتوحة، لأنه إمّا أن يكون رئيساً أو فلتكن حكومة تصريف أعمال". وانتقدت المصادر ما سمّته "استخدام الشارع"، لافتةً إلى أن "استخدام الجنرال للشارع يبيح للآخرين استخدام الشارع أيضاً، وهذا قد يفجّر البلد في ظلّ الظروف الأمنية الخطيرة والتوتر في المحيط، الذي ينعكس على لبنان".


وتوقّعت المصادر أن يعمد سلام إلى طرح مجموعة من المشاريع "غير المصيرية" لكن الـ"مهمة للمواطنين" في جلسة الغد، بمعزلٍ عن اعتراض وزراء تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله. وجزمت بأن "قيادة الجيش لن تُمنَح لعون من دون مقايضة كبرى في البلد، من ضمن ملفّ رئاسة الجمهورية".