"نحن قريبون إلى التوافق النووي أكثر من أيّ وقت مضى" ، عبارة أصبحت بيت القصيد الذي يتكرر على لسان أكثر من مفاوض نووي، من الوزير محمد جواد ظريف وعباس عراقجي ومجيد تخت روانجي مساعدا وزير الخارجية الإيراني ، وصولاً إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مروراً بالمنسقة الأوروبية للسياسة الخارجية فيدريكا موغريني ، التي أضافت بأنّه الآن حان وقت التوافق .
وكان لافتاً أنّ الوزير كيري أشار إلى كلام زميله الإيراني ، بأنّنا لم نكن أقرب إلى التوافق في أيّ وقت مضى كما نحن الآن ، مصدقاً إياه .
وبعد أن صرّح مجيد تخت روانجي بأنّ التوافق، يتحقق بحال وجود إرادة سياسية، صرّحت موغريني بأنّ الإرادة السياسية موجودة عند أطراف التوافق وأنّ أجواء المفاوضات إيجابية وجيدة .
ووسط الأجواء الإيجابية عادت الحليمة الفرنسية إلى عادتها القديمة ، حيث أنّ لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ، لدى عودته من بلاده إلى فيينا، تجاهل مسار المفاوضات ، معلناً بأنّ جميع الخيارات على الطاولة ، بينما زميله الألماني أشتاين ماير سبقه بالقول بأننا إما نربح جميعاً أو نخسر جميعاً ، في إشارة الى أنّ لا فوز لطرف واحد دون الطرف الآخر، وهذا ما أكد عليه وزير خارجية إيران ، بأنّ التوافق الذي يتم عبر إذلال طرف ، لن يستمر، وإذن يجب التركيز على الخروج لتوافق يضمن فوز الطرفين .
حتى الآن تمّ التوافق على موضوع مفاعيل فوردو وأراك وموضوع رفع العقوبات ، متزامناَ مع تنفيذ التوافق من قبل إيران ، بالرغم من أنّ الطرف الدولي كان يرى بأنّ دون رفع العقوبات إجراءات معقدة تطول لفترة طويلة .
إنّ موضوع رفع العقوبات سيشكل اختباراً حقيقياً إيرانياً لمدى صدقية الولايات المتحدة ومدى استحقاقها للثقة ، فإنّ الدبلوماسية لن تنجح طالما لم تُبنَ على الصدقية والجدية والإلتزام بالوعود، خلافاً للحرب التي تبنى على الخدعة.
إنّ حجم الإستثمار الأميركي والرهان على المفاوضات النووية ، يُظهر بأنها أسوة بإيران ستبذل قصارى جهودها للحؤول دون فشل المفاوضات .
إنّ العالم سيشهد خلال يومين قادمين ، نهاية المارثون النووي، بعد أكثر من عقد من الزمن، وسيسجل التاريخ إسمي وزيري خارجيتي إيران والولايات المتحدة في قائمة عظماء الدبلوماسيين ، حيث أنهما تمكنا من إستخدام الدبلوماسية والتفاوض لإنهاء أحد أهم الأزمات الدولية.
كل القرائن تفيد بأنّ يوم الاثنين سيشهد الحصول على التوافق، لأن وزراء خارجية كل من إيران وروسيا و الصين، سيغادرون يوم الثلاثاء إلى مدينة أورفا الروسية حيث سيعقد إجتماع بريكس الإقتصادي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، من الثلاثاء حتى الأربعاء، ومن المستبعد جداً استمرار المفاوضات ووضع موعد جديد للتوافق.
لا شكّ في أنّ التفاصيل الفرعية المتبقية لن تكون عصية على الحل بعد تسوية أهم المواضيع وأكثرها تعقيد، وبتعبير آخر يمكن القول بأنّ ماتبقى من المفاوضات هو الإعلان عن التوافق وليس البحث على كيفية حصول التوافق .