يبدو أن ميزة جنون العظمة المتقمصة شخصية رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والتي إنعكست على سلوكه ومواقفه أوصلته إلى حد الهذيان ، لدرجة أنّه ما كان يراه بالأمس من الممنوعات والمحّرمات يراه اليوم ضرورة وطنية ، ومن كان عدواً لدوداً في الماضي يمكن أن يكون حليفاً في المستقبل شرط أن يسهل له الطريق إلى قصر بعبدا .
فالعماد عون لم يعد بإمكانه أن يرى البلد إذا لم يكن هو رئيساً لجمهوريته ، فقد تجاوز شعار (عون أو لا احد ) إلى مقولة إما عون أو يحترق البلد .
ويحاول العماد عون أن يحجب هذا الطموح الجامح بالرئاسة خلف مواقف ناتجة عن أفكار مشوشة وتفتقد إلى الحد الأدنى من التنسيق والتسلسل المنطقي مما دفع ببعض القيادات العونية للإعراب عن إستيائها مما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حيث إعتبرت أنّ مناقشات الوزيرين العونيين جبران باسيل وإلياس بو صعب تحت شعار الحفاظ على حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية قد أطاحت بهيبة الرئاسة والمسيحيين ، وأتت وفق توجهات العماد عون ، وهذا لا يعبر عن رأي كل من في التيار الوطني ، وأنّ ثمّة فريق كبير من العونيين يرفض تحميل التيار مسؤولية تعطيل الحكومة .
إلا أنّ رئيس الحكومة تمام سلام كان حاسماً في خياره في تفعيل عمل حكومته ومنعها من السقوط في دائرة الشلل والتعطيل تحت ضغط تهديدات عون لإدراكه أنّ الأخير سيصل إلى مرحلة يقف فيها وحيداً في معركة أبرزت مواقفه ومواقف وزيريه في الحكومة على أنها لا تخدم إلا حساباته الرئاسية .
ومن هنا كانت مسارعة الرئيس سلام لدعوة مجلس الوزراء إلى جلسة تعقد يوم الخميس المقبل ، وعلى غير عادته فقد وجه الدعوة يوم الجمعة بدلاً من السبت . مما يؤشر على أنّ رئيس الحكومة وفي إطار دفاعه عن صلاحياته قرر خوض المواجهة مع عون ، سيما وأنه خلال الجلسة الأخيرة بدا واضحاً أنّ سلام كان الرابح الأكبر من حيث إدارته لها أو من حيث حمايته لصلاحيات الرئاسة الثالثة والممسك بطرح المواضيع وصولاً إلى قرار رفع الجلسة والمغادرة .
حتى حزب الله وهو الحليف الإستراتيجي لعون فإنّ الإحراج بدا واضحاً على وزرائه خلال الجلسة الأخيرة حيال إدارة عون لمعركته الرئاسية .
يبقى الإشارة التي لا بد منها هي أن معادلة الإستقرار التي أرساها حوار حزب الله مع تيار المستقبل تؤكد على أنّ قرار تفعيل عمل الحكومة أو تعطيله يبقى رهن بمناقشات طاولة عين التينة ألتي تحرص على إدارة شؤون البلاد في السياسة كما في الأمن تحت عنوان منع الفتنه وحماية الإستقرار الداخلي .