العالم كله متحرك ، فقط العرب هم الثابتون لا يتحركون ...
وتم تسليم مفاتيح المنطقة العربية لكلّ من تدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة من أجانب ودول إقليمية مسلمين وغير مسلمين من دون أن نغفل إسرائيل ومؤامراتها المتواصلة لتهويد فلسطين وتفتيت الدول العربية للإمساك بزمام الأمور.
فما من قضية عربية اليوم إلا وتتحكم بمسارها جهة خارجية ، وما من أزمة إلا ومفاتيح حلّها في يد الآخرين ، وما من حرب إلا وقرار إطفاء نيرانها أو إشعالها بإشارة من القوى الطامعة والساعية للهيمنة على مقدرات البلاد والعباد حتى بتنا على قناعة تامة أنّ العرب اليوم لا حول لهم ولا قوة في ديارهم وأنهم يتحركون بعوامل خارجية وما عليهم سوى الإستسلام والقبول بمرارة الأمر الواقع .
ففيما هناك تنافس دولي وإقليمي على تقاسم الثروات العربية نجد العرب يقفون مكتوفي الأيدي يستنجدون الحلول من الغيب وينتظرون الفرج من المجهول .
فمعظم الأزمات والحروب العربية الراهنة مرتبطة في شكل او آخر بقرار إيراني – دولي ، وأميركي على وجه التحديد .
بينما يقف العرب متفرجين وكأنّ الأمر لا يعنيهم أو كأنهم يتفرجون على مسرحية من النوع الدارمي يتم إحياءها على المسرح العربي الواسع الممتد من المحيط إلى الخليج .
أما عن الحلول لتلك الأزمات والمشاكل العربية فالكل ينتظر نتائج المفاوضات بين إيران والدول الغربية حول الملف النووى الإيراني .
ففي حال جرى التوصل إلى إتفاق فإنّ علينا أن نتوقع الفرج قريباً إلا إذا كانت هناك تفاهمات وإتفاقيات تحت الطاولة لإشراك إيران في تقرير مصير قضايا المنطقة ، أما إذا تعثرت المفاوضات فإنّ علينا إنتظار الويل والثبور وعظائم الأمور ومعه التصعيد على مختلف الجبهات من لبنان إلى سوريا ومن العراق إلى اليمن.
فجميع القضايا العربية وخصوصا الملتهبة منها تعيش اليوم على مفترق طرق بين نيران الحروب التي يساهم في تأجيج نيرانها الآخرون وثلاجة الحلول التي لن يذوب جليدها إلا بإذنهم .
ففي لبنان فإنّ الحياة السياسية معطلة والمؤسسات في إجازة حتى إشعار آخر بإنتظار توقيع إتفاق الملف النووي حتى تأتي كلمة السر الخارجية كي تستعيد المؤسسات عافيتها ، بدءاً بإنتخاب رئيس للجمهورية .
وسوريا كذلك فإن طاحونة الموت مستمرة في الدوران وآلة الدمار لا تتوقف على كافة الأراضي السورية حتى يتوضح مصير الملف النووي الإيراني وملامح الموقف الروسي ومفاعيل التطورات في تركيا على ضوء نتائج الإنتخابات الأخيرة .
أما العراق فإنّه يقف في الصف على محطة الانتظار الممل لمعرفة مصيره ومستقبله وسلامة وحدة أراضيه المهددة بالتقسيم ...
واليمن غير السعيد فإنّه أيضاً يقع في فخ الصراعات والحروب المذهبية والقبلية ويعيش في حالات مشابهة تتعلق بالملف النووي بعدما ثبت تورط إيران بدعم الحوثيين .
وحتى دول المغرب العربي من مصر إلى تونس إلى ليبيا فإنّ أوضاعهم ليست بأفضل حال عن دول المشرق حيث تخوض تلك الدول حروب دون أفق واضح مع الإرهاب الذي يمتد باذرعه على كافة أرجاء الوطن العربي .
وحدها إسرائيل هي الدولة السعيدة والتي تنظر بشماتة إلى ما يجري في الدول العربية وتمني النفس بتقسيمها بعد تدمير قوتها وهدر ثرواتها .
لكن على عكس العرب فإنّها لا تقف متفرجة بل تعمل وتتآمر وتهدد وتقتل وتبني المستعمرات من دون رادع فيما التشرذم الفلسطيني يتواصل بين فتح وحماس والذي يقضي على آمال الشعب الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والموحدة .
أما العرب وهم أصحاب القضية فإنهم في سبات عميق كي يتجنبوا إستنشاق رياح الإشعاعات النووية الإيرانية .