توقف الكثير من المراقبين والمحللين حول نشر وثائق ويكليكس السعودية مؤخراً ، إن لناحية التوقيت أو مضمون هذه الوثائق وما هي أبعاد نشرها حالياً في ظلّ المفاوضات الدائرة في جنيف بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني وفي ظلّ الصراعات الدائرة في المنطقة وخصوصاً في اليمن والعراق وسوريا .
فنشر هذه الوثائق اليوم يشكل ضربة قاسية للسياسة الخارجية السعودية وهو يكشف دور المملكة على الصعد العربية والإسلامية والدولية ، وقد أتى نشر هذه الوثائق في ظلّ اتجاه السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان نحو سياسة هجومية ومحاولة التباين في بعض المواقف عن السياسات الأمريكية، كما أنّ السعودية لا تخفي إنزعاجها الشديد من توقيع الإتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني ، إضافة إلى إتجاهها وللمرة الأولى منذ تأسيسها إلى إقامة علاقات علنية مع الكيان الصهيوني في ظلّ تقارب بين الطرفين تجاه الملف الإيراني .
وكان سبق أن وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما إنتقادات قاسية للسياسات الداخلية السعودية والخليجية وذلك غداة التوقيع الأولي للإتفاق حول الملف النووي الإيراني داعياً دول الخليج لمعالجة المشاكل الداخلية بدل التركيز على الخطر الإيراني .
ومن ثم وجه أوباما دعوة لملوك وأمراء دول الخليج للقاء في كمب دافيد في شهر أيار الماضي للبحث في أوضاع المنطقة والملف النووي الإيراني ، لكن الملك سلمان لم يستجب للدعوة وأرسل ولي العهد.
إذن رغم العلاقة الإستراتيجية والتحالفية بين المملكة السعودية والإدارة الأميركية فإنّ ذلك لا يمنع من وجود بعض التباينات بين سياسات البلدين خصوصاً بشأن التعاطي مع الملف النووي الإيراني والملفين السوري والعراقي .
وعلى ضوء هذه المعطيات يرى بعض المختصين والباحثين في العلاقات السعودية – الأميركية أنّ تسريب وثائق ويكليكس السعودية في هذه المرحلة ليس بريئاً أو عفوياً ، وهو يشبه إلى حد ما تسريب وثائق ويكليكس قبل الثورات العربية والتي ساعدت كثيراً في تأجيج الرأي العام العربي ضد سياسات دولهم ، وإن كان ذلك لا يعني أنّ هذه الثورات إنطلقت بسبب هذه الوثائق لأن هناك أسباب عديدة تقف وراء الثورات ، لكن الربط بين نشر الوثائق وما جرى لاحقاً في الدول العربية ليس مستبعداً .
على ضوء ذلك يرى هؤلاء المختصون والباحثون ضرورة التدقيق حول من يقف وراء نشر وثائق ويكليكس السعودية في هذه المرحلة وفي هذا التوقيت ولخدمة من نشر هذه الوثائق حالياً، بغض النظر عن إستخدام بعض الجهات السياسية أو الاعلامية المناهضة لأميركا والسعودية لهذه الوثائق .
ويختم هؤلاء : يبدو أننا ندخل حالياً مرحلة جديدة على الصعد العربية والإقليمية والدولية وإنّ مستقبل السعودية ودورها سيكون على المحك وإنّ الصراع في المنطقة سيشتد بين كل الأطراف ولذلك علينا توقع المزيد من المفاجآت بعد نتائج الإنتخابات التركية النيابية وتقدم الدور الكردي في تركيا وسوريا وبعد نشر وثائق ويكليكس السعودية وبإنتظار نتائج المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني في جنيف.