لم يفرق الإرهاب امس بين منتجع ومسجد ومصنع عندما ضرب في يوم واحد مواقع عدة في القارات الثلاث الآسيوية والافريقية والأوروبية. فسالت دماء أبرياء من مختلف الجنسيات والأديان والأعراق على أيدي ارهابيين جهلة نفذوا ضرباتهم تحت راية إسلام هو منهم ومن امثالهم براء.
ففي تونس حصد ارهابي بسلاح «كلاشينكوف» ارواح 37 شخصا على الاقل واصاب 36 آخرين بجروح بعدما اخفى السلاح في شمسيته على الشاطئ حيث كان السياح يستجمون في فندق ومنتجع «ريو امبريال مرحبا» الفخم على شاطئ مدينة سوسة.
وتمكنت قوى الأمن التونسية من قتل الارهابي بعد تبادل لاطلاق النار لدى محاولته الفرار من الموقع. ومن بين الضحايا الذين سقطوا في هذا الاعتداء الارهابي، الاضخم في تاريخ تونس، سياح من بريطانيا وايرلندا والمانيا وبلجيكا، فضلاً عن مواطنين تونسيين.
وفي الكويت استهدف تنظيم «داعش« الارهابي مسجد الامام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت حيث فجر ارهابي، يدعى خالد الشمري، نفسه عند مدخل المسجد خلال تأدية المصلين الشيعة صلاة الجمعة ما ادى الى مصرع اكثر من 25 شخصا واصابة اكثر من 200 بجروح. وتبنى الهجوم ارهابيو «ولاية نجد» الشق الناشط من «داعش« في دول الخليج.
بدورها وجدت فرنسا نفسها للمرة الثانية هذا العام على موعد مع الارهاب الذي هز صباح امس منطقة «سان كانتان فلافييه» قرب مدينة ليون، عندما اقدم الفرنسي من اصول جزائرية ومغربية ياسين صالحي (35 عاماً) على قتل رئيسه في العمل (صاحب احدى شركات النقل في المدينة) وتقطيع جثته ونقلها الى مصنع للمواد الغازية تابع لشركة «اير بروداكتس» الاميركية، حيث حاول الارهابي على ما يبدو ان يفجر سيارته بالمبنى ربما لإحراق الموقع وفيه جثة الضحية بهدف اخفاء معالم الجريمة. والجاني كان مدرجا على لائحة التطرف لدى الشرطة الفرنسية عام 2006 قبل ان يزال اسمه عنها عام 2008 لعدم ثبوت اي علاقة له بنشاطات ارهابية في حينه. والقت الشرطة القبض على صالحي في موقع الجريمة بعد تدخل رجال الاطفاء لدى سماعهم صوت انفجار لقوارير غاز. وفي وقت لاحق داهمت شرطة مكافحة الارهاب منزل الارهابي واقتادت زوجته وشقيقته واولاده الى الحجز للتحقيق معهم. واوردت وسائل اعلام فرنسية مساء امس ان صالحي هذا كان على علاقة برجل دين سلفي متطرف يدعى علي، كان غادر قبل سنوات الى اندونيسيا ومنها الى المغرب ويعتقد ان الاثنين كانا دائما على اتصال«
وقد اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه سيرفع حالة التأهب الامني الى اقصاها في المنطقة التي وقع فيها الهجوم لثلاثة ايام.
ونددت اوروبا كلها بـ«الاعمال الوحشية«. وذكرت الرئاسة الفرنسية ان هولاند ونظيره التونسي الباجي قائد السبسي «عبرا عن تضامنهما في مواجهة الارهاب وعزمهما على متابعة وتكثيف تعاونهما في التصدي لهذه الآفة».
وكتب رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي في حسابه على تويتر، ان «الديموقراطيين سيواجهون دائما الاعمال الوحشية». ودعت الحكومة الاسبانية زعيم المعارضة الى المشاركة في لجنة متابعة. وقالت «يجب ان نتصدى لهذا الانحراف العقائدي بكل الوسائل».
واعلن وزير الداخلية الاسباني خورخي فرنانديز دياز أنه «في شكل موقت (...) تم اتخاذ قرار بتفعيل الدرجة الرابعة (على سلم) من خمس درجات، وهو مستوى عال»، لافتا الى «قرب» الامكنة التي وقعت فيها هذه الاعتداءات وذكرى اعلان «دولة الخلافة» من جانب تنظيم الدولة الاسلامية.
واتخذ هذا القرار مع اخذ المعلومات التي في حوزة الاجهزة المتخصصة في الاعتبار، علما ان الوزير لم يشأ الخوض في تفاصيلها.
ووصف دياز الهجمات الإرهابية بأنها «حرب للهمجية ضد الحضارة»، لافتا ايضا الى الصومال حيث شن الاسلاميون الجمعة هجوما داميا استهدف جنودا. واتخذ الوزير الاسباني هذا القرار بعد اجتماع لكبار مسؤولي الاستخبارات ومكافحة الارهاب. وتابع «ليس لدينا معلومات عن وجود اسبان بين الضحايا».
وقد صدمت هذه الانباء القادة الاوروبيين الذين يعقدون في بروكسل قمة مخصصة لليونان.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «اننا نفكر في جميع ضحايا هذه الاعتداءات الارهابية المرعبة». واعلن اجتماع ازمة لحكومته حول هذا الموضوع.
واعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ايضا ان هذه الهجمات «تسلط الضوء على التحديات التي يتعين علينا مواجهتها». وفي تلميح الى فرنسا، قالت «اننا نفكر في ذوي الضحايا ونأمل في ان يتماثل الجرحى للشفاء العاجل». وكان وزير الخارجية الالماني فرانك ـ فالتر شتاينماير قال ان المانيا وفرنسا «متحدتان ضد الحقد الاعمى للارهاب».
وقال نظيره الروماني بوغدان اوريسكو ان «هذه الهجمات تؤكد ان من الملح تعزيز تدابير الحماية والقضاء على الارهاب».
وعبر رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي عن «المه العميق» بعد الاحداث في تونس قبالة ايطاليا على البحر المتوسط. واعتبر رينزي ان الهجوم في ليون يؤكد بالتالي وجود «خلايا صغيرة ... جيدة التنظيم».
وقال رئيس المفوضية الاوروبية جان ـ كلود يونكر لدى اختتام القمة الاوروبية «اريد اولا ان اشاطر فرنسا والبلدين الاخرين الصديقين احزانها». ولدى حديثه عن تونس قال انه حزين جدا لسقوط قتلى في هذا البلد الذي كان مع ذلك «افضل من تحكم في تداعيات» الربيع العربي اعتبارا من 2011.
واكدت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني «نحن الاوروبيين متحدون مع اصدقائنا واشقائنا العرب». واضافت «ما زال من المهم جدا في الايام المقبلة الحفاظ على هذه الوحدة».
وفي واشنطن، ندد البيت الابيض بالهجمات «المشينة» التي وقعت الجمعة في فرنسا وتونس والكويت، معربا عن تضامن الولايات المتحدة مع هذه الدول ومؤكدا عزمها على «مكافحة آفة الارهاب».
وقال البيت الابيض في بيان «نقف الى جانب هذه الدول في وقت تواجه هجمات على اراضيها اليوم، ونحن على اتصال (...) مع هذه البلدان الثلاثة لتقديم كل مساعدة ممكنة».
كما قال البيت الابيض في بيان ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى إتصالا هاتفيا مع اوباما هو الاول بينهما منذ فبراير/ شباط لمناقشة المحادثات النووية مع ايران و»الوضع الخطير بشكل متزايد في سوريا» والحاجة الى التصدي لمتشددي تنظيم «داعش».
وقال وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون إن على أجهزة الأمن الأميركية أن تكون يقظة ومستعدة خاصة قبل عطلة الرابع من تموز، من دون أن يذكر مخاوف أو تهديدات محددة، مشيرا إلى أن المسؤولين الأميركيين «سيعدلون الإجراءات الأمنية المرئية وغير المرئية بما يلزم لحماية الشعب الأميركي (...) ما زلنا نشجع كل الأميركيين على حضور المناسبات العامة والاحتفال بهذا البلد خلال موسم الصيف لكن يجب التحلي باليقظة دائما«.
وندد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الجمعة بالاعتداءات «الارهابية والمرعبة». وجاء في بيان صادر عن الامين العام نقله المتحدث باسمه ان بان كي مون يدين «بأشد التعابير حزما الهجمات الارهابية التي وقعت اليوم(امس) في تونس والكويت وفرنسا». وتابع البيان ان «المسؤولين عن اعمال العنف المرعبة هذه يجب ان يحالوا على القضاء في اسرع وقت ممكن». وأكد بان كي مون ان هذه «الهجمات المريعة» لن تضعف تصميم المجتمع الدولي على محاربة العنف، بل ستعزز التزامه بالانتصار على «الذين يلجأون الى القتل وتدمير الثقافة والتطور البشري».
واستغلت اسرائيل، كعادتها الهجمات الارهابية لتدعو اليهود الى جنتها الأمنية، فقد دعا وزير الهجرة الاسرائيلي زئيف الكين يهود فرنسا الى الهجرة الى اسرائيل، وقال الوزير الذي ينتمي إلى حزب ليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، «ادعو يهود فرنسا الى المجيء لموطنهم، ان معاداة السامية تزداد والارهاب يتصاعد (...) انها مهمة وطنية لها اولوية عالية جدا».
وكان الارهاب الداعشي قد بلغ ذروته اول من امس ايضا في بلدة عين العرب (كوباني) قرب الحدود التركية ـ السورية حيث هاجمت قوافل الارهابيين اهالي المنطقة الاكراد ونكلت بهم موقعة اكثر من 146 قتيلا في ثاني اكبر هجوم للتنظيم الارهابي منذ ظهوره على مسرح الاحداث في سوريا والعراق.
المستقبل : إدانة دولية لاعتداءات الكويت وتونس وفرنسا ورفع حالة التأهب في دول أوروبية الإرهاب يضرب ثلاث قارات
المستقبل : إدانة دولية لاعتداءات الكويت وتونس وفرنسا ورفع...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
495
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro