ليس مستغرباً وصول أول دفعة من الإرهاب المذهبي إلى الكويت بعد أن شقّ طريقه أمسى وبسهولة من المملكة العربية السعودية ليستهدف مصلين شيعة وبواسطة إنتحاريين مستعجلين طمعاً بجنة أعدّت لداعش خصيصاً بعد أن إستحق التنظيم وعن جدارة أن يكون خير خلف لغير سلف من المؤمنين بالذبح الشرعي وعلى طريقة كبار الفاتحين من الخلفاء والملوك والأمراء .
أن يخرج في شهر الله صائم ليفجر نفسه بصائمين أمر يستدعي إعادة النظر في دين المذاهب الذي أحلّ القتل وشرعه وجعله وسيلة مشرفة للباحثين عن أجر يُدخلُهم جنّات الله .
لا شكّ بأن السياسة هي المعيار، والدين هنا مجرد موظف لديها يقوم بما عليه تلبية لرغباتها ومصالحها لذا تبدو مسؤولية التابعين لمذاهب الإسلام مسؤولية مباشرة أمام الله والتاريخ لأنها تعطي السياسة ما يُغذي دورها في صراع يفيدها وحدها ولا يفيد المذاهب المتناحرة بشيء على الإطلاق .
لم تستفد المسيحية من الحروب الدينية التي قامت بإسمها لتُغذي سلطة سياسية كما أنّ الإسلام لم يستفِد من الصراعات التي أتاحتها المذاهب سوى تثبيت سلطويات إستغلت الخلافات لتعميقها ولتجذير دورها في حياة المسلمين ، ومع ذلك نشهد حضوراً قويّاً لآباء المذاهب في الحروب والصراعات ويبررون العنف والقتل في آرائهم الفقهية والتي يعتمدها أهل الانتحار لقتل أنفسهم والآخرين ممن يختلفون معهم حتى في رأي .
طبعاً محاولة نقل الفتنة الطائفية إلى الكويت محاولة مطابقة لمصالح قوى إقليمية مستفيدة من القتل الطائفي لأنّ في ذلك تثبيت لتمثيلها المذهبي تماماً كم حصل في التاريخ لحظة التدشين لمشروع الولايات على هامش دولة الخلافة المتآكلة بسبب خلافاتها التي أوهنتها وجعلتها مصدراُ لشرعية المختلفين فيها وعليها .
ما حصل في الكويت سيتجدد فيها وفي غيرها من الدول الإسلامية لأن من أعطى شرعية العنف والقتل الطائفي في سوريا والعراق برر رواجه في العالم وأعطى لداعش المذاهب فرص ممارسة القتل وبعصبية زائدة لتفرز أحقاد جديدة من شأنها أن تُغذي ما تحتاجه الدول المستفيدة من دماء مذهبية لتضخيم دورها في منطقة تأسّست الأدوار فيها على بذل المزيد من الضحايا كقرابين على مذبح الدولة الإقليمية النافذة والقائدة .
يبدو أنّ داعش قد أعدّ هدايا العيد وبدأ بإرسالها إلى العالم الإسلامي كصدقة جارية وكزكاة لأبدان تعبت وملّت من عبادة العبيد وأرادت أن تكون مع الأحرار في شهر نامت فيه الشياطين وفتحت فيه أبواب الجنة على مصراعيها لإستقبال ملائكة الإنتحاريين من أمّة داعش من الذين يبذلون مهجهم رخيصة في سورية والعراق والسعودية والكويت ودول أخرى ستشملها قريباً نعمة الجهاد الذي إختص الله به المؤمنين وفتح بابه لهم ليفدوا إليه جماعات وجماعات .