بعد رفع رئيس الحكومة تمام سلام من سقف مواقفه خلال افطار جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية وقوله ان الحكومة ستجتمع وستأخذ القرارات ولا يجوز الفراغ، عاد امس الى هدوئه المعهود وسياسة التروي التي انتهجها منذ توليه رئاسة الحكومة، بعد درس مواقفه واعلانه امس امام زواره انه لم يتخذ قراراً بشأن موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء، وهو يتريث بانتظار حصول مزيد من الاتصالات، وما يمكن ان تؤدي اليه من «تطرية» للمواقف من جلسات الحكومة، واوضح ان هناك افكاراً يجري الاخذ والرد بها حول ملف التعيينات الامنية وحتى الان لم يحصل اي توافق حول هذه القضية. وفي المقابل وجه وزير الخارجية جبران باسيل رسالة حاسمة ومن امام مبنى عين التينة وفي حضور الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي والوزراء العرب والاوروبيين المشاركين في المؤتمر الوزاري لسياسة الحوار الاوروبي وقال: «اننا نمثل رئيس الجمهورية ونحن شركاء في الحكومة ولا يمكن وضع جدول اعمالها من دون اخذ رأينا». وشدد على ان جلسة مجلس الوزراء لن تعقد من دون بند التعيينات. وبالتالي، وحسب اوساط نيابية، فان رسالة الوزير جبران باسيل وصلت بوضوح، رغم ان الاجتماع مع الرئيس نبيه بري لم يتطرق قط الى الوضع الداخلي اللبناني.
وقال النائب زياد اسود لـ«الديار» والذي شارك في لقاء الاربعاء النيابي: «ليس هناك من جديد على صعيد الاتصالات، وموقف التيار عبر عنه الوزير جبران باسيل، اما الجلسة مع الرئيس بري فكانت في «العموميات» ولم تتحدث بالتفاصيل ولم تكن جلسة في المفهوم السياسي». لكن نواباً شاركوا في اللقاء ايضاً شعروا ان المسافة ما زالت متباعدة بين الرئيس بري والعماد عون حول ملف الحكومة والتعيينات العسكرية، وان لا تقارب بين الرجلين وربما «لا كاريزما» بين الرجلين وان الرئيس بري موقفه واضح عبر تشديده على استئناف الحكومة لأعمالها لأن تعطيل المؤسسات سواء مجلس النواب او مجلس الوزراء لا يوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية ولا الى حل لبعض المطالب، وان تعيل المؤسسات يؤدي الى تعطيل مصالح الناس ومعه تعطيل انتاجية المؤسسات جميعها.
ولاحظ النواب ان الرئيس بري ينتظر لقاء رئيس الحكومة تمام سلام للبحث معه في مقاربة عمل مجلس الوزراء واوضح النواب ان لا معطيات حول ما يقال عن مواقف بين بري وسلام من دعوة مجلس الوزراء. واوضح النواب ان التوافق بين بري وجنبلاط واضح بالنسبة لعدم تعطيل المؤسسات. وفي موضوع دعوة الحكومة لاحظ النواب ايضاً ان لا شيء محسوم حتى الآن بخصوص الجلسة وانعقادها ومقاربة ما يمكن ان تتجه اليه الامور.
وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع، وتتعاطى بالملف الحكومي ان موقف حلفاء العماد عون، وتحديداً حزب الله والمردة والطاشناق هو انهم مع العماد عون حتى النهاية وانهم سيقفون الى جانب وزراء التيار في اي موقف سيتخذونه، ما دفع الرئيس سلام الى التريث في دعوة الحكومة كي لا تنفجر من الداخل، لان القضية تتعدى انسحاب وزير او وزيرين، بل تشمل كل مكونات 8 آذار باستثناء الرئيس بري.
كما ان تيار المستقبل وقوى 14 آذار وجنبلاط راهنوا على وجود خلاف بين عون وحلفائه تسمح لهم بالضغط على سلام لعقد الجلسة ومحاصرة العماد عون، لكن موقف الحلفاء الذين ابلغوه للجميع بانهم مع العماد عون، وتحديداً حزب الله، دفع سلام الى اعطاء فرصة للاتصالات، بعدما ثبت لهم وبالملموس ان العماد عون ثابت في مواقفه وان رسالة باسيل وصلت الى الجميع.
الملف الدرزي
وعلى صعيد الملف الدرزي فإن المشكلة تتوسع وتتشعب وتزداد شرخاً حول التطورات في السويداء وجبل الشيخ، وفي ظل موقفين سياسيين يتمثلان في موقف النائب وليد جنبلاط الذي يدعو دروز جبل العرب الى مصالحة النصرة واهالي حوران وترك الجيش السوري. وعدم الدفاع عن النظام وتبني موقف النائب طلال ارسلان ورئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب الداعمين للقتال وحفظ الارض، والتمسك بتاريخ الدروز وبالدولة السورية والجيش العربي السوري، وحسب مصادر درزية مطلعة ان الانقسام بدأ ينتقل الى قواعد الطرفين في الجبل رغم حرص القيادات الدرزية على عدم وقوع ضربة كف واحدة. لكن التطورات في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات، والمشاكل تتوسع خصوصا في السويداء حيث التوترات والمشكلات بين الدروز والبدو يومية، اذ قتل 3 عناصر من البدو خلال الايام الماضية والتي اعقبتها اتصالات للتهدئة، كما تقوم اسرائيل بالتحريض على الدروز، بعد ان بث تلفزيون العدو مقابلات مع جرحى النصر ووعدوا فيها الدروز بقتلهم بعد عودتهم الى سوريا وقيام شبان من مجدل شمس بقتل 3 عناصر من النصرة داخل سيارة اسعاف كانت تقلهم الى مستشفيات اسرائيل.
وفي المعلومات ان النائب الدرزي في الكنيست الاسرائيلي ايوب الفرا والمقرب من نتنياهو يقوم بدور مشبوه، والاتصالات في السفارات الاجنبية في فلسطين المحتلة والعمل لتأمين الحماية لدروز سوريا والدعوة لتحركات درزية للتدخل في سوريا، وفي المقابل يواجه هذا الموقف بمواقف لجنة التواصل الدرزية برئاسة الشيخ كمال معدى الذي حذر من المخططات الاسرائيلية التي تعمل لقيام جيب درزي يفصل بين سوريا وفلسطين المحتلة اي «دولة سعد حداد جديدة» والتحضير لهذا الامر ترجم بقصف اسرائيلي مباشر لاهالي حضر الذين يدافعون عن ارضهم، وترافق مع تحذيرات اسرائيلية للاهالي من ان النصرة ستهاجم البلدة وسترتكب المجازر. وليلاً اجتمع الشيخ ظريف مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وقال «اننا جزء من الجيش الاسرائيلي ولن نساعد من يمس الجنود الاسرائيليين».
وهذا الانقسام ينعكس على الشباب بخلاف «صامت» حتى الآن بين جنبلاط وارسلان، فرنسي التقدمي يطلق مواقفه اليومية ضد النظام. وفي المقابل ارسل ارسلان وفداً، وتم توجيه انتقادات حادة لمواقف جنبلاط من القيادات الدرزية في السويداء.
وفي المقابل، اصدرت الفاعليات الدرزية والمسيحية والسنية في السويداء بياناً وقعه ايضاً الشيخ وحيد البلعوس المحسوب على النائب وليد جنبلاط. واعلن البيان تمسك اهالي السويداء بدولتهم السورية والدفاع عن عروبتها ووحدتها وعدم التنازل عن حبة من ترابها ووحدتها والوقوف في وجه المشاريع الاسرائيلية.
لكن رغم ذلك، تؤكد مصادر درزية انه رغم التباعد، فان الاتصالات بين جنبلاط وارسلان متواصلة، وكذلك بين جنبلاط ووهاب، وتكشف ان النائب طلال ارسلان كان اول من علم بمجزرة «قلب لوزة»، وعلى الفور اتصل بجنبلاط ووضعه في تفاصيلها، واتفقا على العمل لحماية الدروز في ظل هذا الظرف الدقيق.