بالأمس فرض معطلو الاستحقاق الرئاسي إرجاءً جديداً لجلسات الانتخاب حتى 15 تموز المقبل، واليوم سيكون المعطلون أنفسهم أمام صرخة وطنية مدوّية تحمّلهم مسؤولية التردي الاقتصادي والاجتماعي الحاصل في البلد جراء الشغور الرئاسي والشلل المؤسساتي المطبق على مفاصل الدولة. وعشية انعقاد اللقاء الموسّع عند الحادية عشرة والنصف ظهراً في مجمع «بيال» تحت عنوان «نداء 25 حزيران لقرار ضد الانتحار» بمشاركة الهيئات الاقتصادية كافة والاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة وأركان المجتمع المدني، عبّر الرئيس سعد الحريري عن دعمه لهذا اللقاء معلناً ضمّ صوته إلى المشاركين فيه «لإطلاق صرخة محقة ضد الانتحار في ظل التراجع الذي يشهده الاقتصاد الوطني».

وحذر الحريري، في دردشة عبر موقع «توتير» أمس، من أنّ «المشاكل والتحديات التي يعانيها اللبنانيون جراء تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي قد تزداد إذا ما استمر الشغور الرئاسي والشلل في مراكز القرار التنفيذي والتشريعي»، وقال: «نحن نعي جيداً هذه المشاكل والتحديات، وإني أضمّ صوتي إلى المجتمعين غداً (اليوم) في «البيال» لإطلاق صرخة محقة ضد الانتحار، في ظل التراجع الذي يشهده الاقتصاد الوطني»، مضيفاً: «نحن في تيار المستقبل، من نواب ووزراء، سيكون بابنا مفتوحاً لدرس الاقتراحات التي سيضعها المجتمعون، وسنعمل بكل ما لدينا من قدرات وإمكانات لوضع الحلول المطلوبة موضع التنفيذ لما فيه مصلحة وازدهار كل اللبنانيين في كل لبنان».

وكان المشاركون في التحضيرات للقاء الحدث اليوم، قد أكدوا في بيان أمس أنّ الاجتماع الذي تداعى إليه كل مكوّنات المجتمع المنتج من نقابات مهن حرة وعمال، مروراً بالهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني، هو لقاء وطني جامع وفريد في تاريخ لبنان الحديث عابر لكل الانتماءات السياسية والقطاعية وحتى الداخلية والطائفية، لإطلاق صرخة في وجه الطبقة السياسية: «أوقفوا الانتحار الجماعي»، لأنّ الحق في حياة كريمة هو أيضاً أولوية، ولأن حق كل مواطن أن يعبّر عن صرخته في زمن الفراغ والشلل العام، مشددين على أنّ هذه الصرخة هي وحدها القرار: «ضد الانتحار».

من ناحيته، أكد رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير لـ«المستقبل» أنّ لقاء «البيال» اليوم «ليس له أي طابع سياسي، إنما هو لقاء لكل القوى المنتجة المتضررة من الخلافات والأزمات السياسية وتعطيل المؤسسات الدستورية من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لحل هذه الأزمات وفي مقدمها أزمة الشغور الرئاسي»، متسائلاً عما إذا كان هناك «أي شخص في لبنان ليس متضرراً من الأوضاع المتردية التي يشهدها البلد».

وإذ رفض «تصغير أهداف اللقاء وحصرها بإعادة تفعيل الحكومة، لأن الحكومة هي أصلاً في وضع غير منتج وشبه معطلة حتى ولو اجتمعت»، أردف شقير موضحاً: «طلبُنا واحد، وهو إعادة الحياة للعمل السياسي وللمؤسسات الدستورية في لبنان، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية ثم انتخاب مجلس النواب وقيام حكومة فاعلة على أساس توافق وطني عريض حول مصالح البلد العليا»، وسط تشديده في هذا الإطار على أنّ «أيّ علاجات لا تُبنى على حلول نهائية للانقسام السياسي وترسيخ السلم الأهلي لن يكون لها أي جدوى في مقابل المشاكل الكبيرة التي تصيب كل مفاصل الحياة في لبنان بشكل لم يعد ينفع معه إلا الحلول الجذرية والمستدامة».

انتخابات «التيار الوطني»

في الغضون، ينشغل «التيار الوطني الحر» بالتحضير لانتخاباته الداخلية والتي ستفضي إلى إعادة هيكلة بنيته التنظيمية القيادية وفق توجّهات رئيسه النائب ميشال عون. وفي هذا السياق أفادت مصادر مواكبة لهذه التحضيرات «المستقبل» أنّ عون عمّم أمس مواعيد الدورة الانتخابية للتيار بعد أن أجرى تعديلات جوهرية على النظام الداخلي لتصبح بداية الدورة «من قمة الهرم أي انتخاب الرئيس ونائبيه» خلافاً لما كان يلحظه النظام المتفق عليه من قبل الهيئة التأسيسية لناحية «انتخاب رئيس التيار ونائبيه وقيادات المناطق والمجلس الوطني ونصف أعضاء المكتب السياسي في دورة انتخابية واحدة».

وبعد أن يُصار إلى تعميم النظام الداخلي المعدّل في 11 تموز 2015، تصبح مواعيد الانتخابات على الشكل التالي: 

- 20 أيلول 2015 انتخاب الرئيس ونائبيه.

- 21 أيلول حتى 10 تشرين الثاني مرحلة تعيين اللجان المركزية والداخلية.

- 17 كانون الثاني 2016 إجراء الانتخابات على مستوى قيادات المناطق.

- 20 شباط اكتمال عقد المجلس الوطني والمجلس السياسي والهيئات والمجالس الداخلية.

- 12 آذار موعد انعقاد المؤتمر التنظيمي العام.

وفي حين أكدت المصادر أنّ 20 أيلول سيكون موعداً لإعلان انتخاب الوزير جبران باسيل رئيساً لـ«التيار الوطني» خلفاً لعون، أشارت في الوقت عينه إلى وجود مساعٍ حثيثة جارية حالياً على خط الرابية مع القيادات والكوادر المعارضة لتولي باسيل رئاسة التيار بهدف تعطيل مفاعيل أي معركة داخلية محتملة في وجهه. وفي إطار هذه المساعي يطرح عون على المعارضين تسمية من يشاؤون لمنصب نائب الرئيس لكي يصار إلى انتخابه بالتزكية، ومن بين الأسماء المطروحة لهذا المنصب أحد النواب ابراهيم كنعان وألان عون وزياد أسود أو نعيم عون.

ونقلت المصادر أنّ مسألة تعديل النظام الداخلي المتفق عليه في الهيئة التأسيسية بهدف ضمان انتخاب باسيل رئيساً للتيار أثارت «مناخات من التشنّج في صفوف عدد من القيادات والكوادر العونية»، لافتةً في المقابل إلى أنّ عون يحاول احتواء هذه المناخات من خلال حملة التصعيد التي يخوضها على المستوى الوطني لإقناع المعارضين داخل التيار بوجود «معركة مصيرية ووجودية تفرض التركيز على خوضها بصفوف موحدة والتعالي بالتالي على أي اعتراضات داخلية حول التعيينات والانتخابات المزمع إجراؤها في قيادة التيار».