للاسبوع الثالث على التوالي لن يعقد مجلس الوزراء جلساته، بعدما فرض عليه العماد ميشال عون عطلة صيفية حتى ايلول، تداركها حليفه "حزب الله" باعتبارها اجازة حتى نهاية رمضان. والموقف واضح: اما تعيين شامل روكز قائدا للجيش او لا جلسات، تماما كما حصل العام 2009 عند تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري حين صرح عون: اما جبران باسيل وزيرا او لا حكومة. وبقيت البلاد 6 أشهر من دون حكومة. فما الذي يميز اصهرته عن بقية الناس؟
في لقاءاته لمناصريه يقلب العماد عون القاعدة الديموقراطية حين يتساءل: "يعترفون بكفاءة شامل روكز، فهل يحرم قيادة الجيش لمجرد انه صهري"؟، بينما في بلاد العالم المتحضر يتبعون قاعدة: لأن هذا الشخص هو صهري، لا يعين حتى ولو كان مستحقا. فكيف الحال اذا كان هناك العديد غيره من المستحقين؟ ولماذا يحق له ما لا يحق لغيره؟ ولو لم يكن روكز صهر الجنرال هل كان ليخوض هذه المعركة الاستباقية بضراوة؟
مصادر عسكرية اكدت لـ"النهار" ان مؤسسة الجيش تضم راهنا 100 وضابطين مسيحيين موارنة من رتبة عميد ركن من دورات الاعوام بين 1980 و1985، يحق لكل منهم قانونا ان يتولى القيادة، بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 102 الصادر عام 1983 والذي ينص على ما يأتي: "يعين قائد الجيش من بين الضباط العامين المجازين بالاركان، الذين لم يسبق ان وضعوا في الاحتياط، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني". وكرس التوافق الوطني ان يكون قائد الجيش مسيحيا مارونيا. ويطرح في التداول نحو 10 اسماء بارزة، يتمتع اصحابها بصفات مميزة، وتولوا وظائف قيادية ومهمات عملانية ومراكز ادارية رفيعة، ويتمتعون بخبرة ميدانية، وخاضوا معارك مهمة اصيبوا وانتصروا فيها، تخولهم تبوّؤ هذا المركز، تماماً مثل العميد روكز. واذ لا تنكر المصادر كفاءته وشجاعته وخبرته الميدانية، يشيرون الى انه يأتي في المرتبة 14 بين رفاقه العمداء، بحسب التراتبية والاقدمية، فلماذا يحرمون الحق في تولي هذا المنصب؟ وأين تكافؤ الفرص؟ ام ان الولاء لفريق سياسي معين اصبح هو المعيار، عوض الولاء للمؤسسة العسكرية الذي لطالما شكل العامل الاساسي في اختيار قائد الجيش؟
ويبدو ان هذا الامر بالتحديد ما يجعل ورقة روكز "محروقة"، بحسب المصادر التي تسأل كيف يمكن "تيار المستقبل" وفئات سياسية اخرى ان تقبل بوجود ضابط، مدعوم في شكل او آخر من "حزب الله"، على رأس المؤسسة العسكرية، بصرف النظر عن مناقبية هذا الضابط وكفاءته؟ كما ان هذا الامر لا بد من ان ينعكس سلبا على الدور الوطني لهذه المؤسسة وعلى تماسكها، وعلى قدرة القائد على الامرة لفئة معينة، ما سينعكس حكما على فاعليتها، خصوصا في هذه الظروف السياسية والمذهبية المتشنجة داخليا واقليميا. ثم تشير الى عمر العميد شامل روكز وهو على ابواب التقاعد، إذ لم يسبق ان عين قائد للجيش وهو على ابواب تسريحه وتقاعده من المؤسسة، ولم تتجاوز اعمار القادة في العقود الثلاثة الاخيرة الرابعة والخمسين، وراوحت سنوات خدماتهم المتبقية بين 4 و 6 سنوات، والعماد عون نفسه كان في ال49 من العمر حين عين قائدا للجيش.
وتنظر اطراف سياسية بريبة الى أهداف العماد عون من فرض القائد الجديد للجيش وتوقيته وعدم تأجيله لحين الوقوف على رأي رئيس الجمهورية المقبل وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الدفاع الاعلى. وتعتبر ان عون يريد بالحاحه على التعيين اليوم اصابة احد هدفين: فاذا انتخب رئيسا للجمهورية فيكون قائد الجيش صهره، واذا لم ينتخب فيمسك المؤسسة بواسطته، ويكون بالتالي في الحالين سيد الساحتين السياسية والعسكرية . وباستباقه هذا التعيين قبل انتخاب رئيس جديد، يكون من يدعي الدفاع عن حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية اول من يسلبه هذا الحق. وتسأل لماذا يستشرس في معركته في قيادة الجيش ويعطل الحكومة حتى بت امرها، ولا يطلب من حلفائه استعادة منصب المدير العام للأمن العام الى المسيحيين، بحسب ما تم الاتفاق عليه في الطائف عند توزيع وظائف الفئة الاولى، ولاسيما العسكرية والامنية منها، حيث اسند منصبا قيادة الجيش والامن العام للموارنة، وامن الدولة للشيعة، والامن الداخلي للسنة؟
رغم كل ما حل بلبنان، وحتى في عز الوجود السوري، بقيت المؤسسة العسكرية بعيدة عن السياسة وتجاذباتها، فلماذا يعمل العماد عون على ادخالها اليها من الباب العريض وزرع الحساسية بين الضباط؟ ومن المستفيد؟ ويحمل كذلك على من يسميهم "المعطلين"، في حين سبق ان عطّل هو تشكيل الحكومة منذ 6 سنوات، ويعطل حاليا الانتخابات الرئاسية محاولا ضمان انتخابه، ويعطل كذلك الحكومة في سبيل تعيين مرشحه قائدا. فمن هو المعطل الحقيقي؟ ومن المستفيد من الفراغ ؟ ومن يخدم؟ حتما لا يخدم المسيحيين.