في عالم الارقام لا غير، اليوم هو موعد المحاولة الـ 25 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد سنة وشهر تماماً على الشغور في الرئاسة الاولى، وسط مقاطعة نيابية مستمرة من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لا تبررها كل الحجج والمواقف الداعية الى اختيار رئيس قوي التمثيل، لانها تساهم في تثبيت اضعاف الموقع.
في المقابل، ظل سجن رومية نجم احداث هذا الاسبوع، ولكن سرعان ما تتبدل المسارات في لبنان. فعلى رغم حركة التمرد او الشغب التي حصلت في المبنى "أ" امس من مروجي مخدرات شكل تحركاً شيعياً في مقابل الحراك المطلبي السني، استمر الجدل حول العنف الممارس على السجناء، لكنه تحول من الفعل الى هوية مسرب الشريطين، اذ بعدما "تصالح" الوزيران نهاد المشنوق وأشرف ريفي وبرىء الاخير من التهم التي روجت لضلوعه في التسريب، امتدت اصابع الاتهام الى "حزب الله" الذي سارع، على غير عادته، الى الرد، فأسف "لأننا بتنا نعيش في بلد تنحدر فيه المسؤولية إلى مستوى أن يرمي وزير العدل اتهامات بدون أي أساس ولا أي دليل (...) وأن يقوم المتهم الرئيسي بهذه القضية بالتهرب من مسؤولياته أمام ضميره والقانون والرأي العام برمي التهمة على الآخرين". لكن ريفي سارع الى الرد على الرد مؤكداً ان اتهامه "مثبت".

دراسة عون والارقام الفعلية
أما العماد ميشال عون الذي اعتبر ان ما حدث في سجن رومية "خطأ أفراد لا خطأ مؤسسة"، فقد هاجم "الهيئات الاقتصادية" التي تنظم تحركاً واسعاً غداً الخميس تحت عنوان "نداء 25 حزيران لقرار ... ضد الانتحار"، وقال إن "الدراسة التي بين يدي الآن تتحدث بالارقام عن ان الوضع الاقتصادي في لبنان جيد جداً".
واذا كان عون لم ينشر الدراسة التي بين يديه، فإن الارقام الحقيقية تخالفه تماماً. تظهر المؤشرات الاقتصادية تراجعاً ملحوظاً في كل القطاعات الانتاجية ما بين ايار 2014 وايار 2015. فاستناداً الى احصاءات مؤسسة "كفالات" تراجع القطاع الزراعي بنسبة 44,75%، فيما تراجع القطاع الصناعي بنسبة 31,40%، مع العلم أن الصادرات تراجعت بما بين 8 و10%، والسياحة بنسبة 37,5%. ويلاحظ تراجع التوظيفات في هذه القطاعات بدليل تراجع التسليفات والقروض المدعومة من "كفالات"، التي تظهر إحصاءاتها انكماشاً بنسبة 38% في عدد التسليفات خلال الاشهر الخمسة الاولى من 2015، فيما تراجعت حركة التسليفات المصرفية حتى الآن أكثر من 25%. وقد ناهزت حركة الودائع في القطاع المصرفي المليارين و100 مليون دولار في بداية النصف الأول من السنة.
وفي حين يتوقع أن تسجل نسبة النمو الاقتصادي ما بين 1 و2% في 2015، عزا رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في اتصال مع "النهار" هذا الامر الى السيولة الى يضخها مصرف لبنان والتي قد تناهز المليار دولار هذه السنة. وأوضح شماس أن نسبة التضخم تحولت سلباً، إذ بلغت بحسب ادارة الاحصاء المركزي نحو 3,3% بين آذار 2014 وآذار 2015، ومرد جزء من هذا التراجع الى انخفاض أسعار النفط، والجزء الثاني الى تراجع الطلب الاستهلاكي. وهذه الظاهرة في رأيه مرضية بالتأكيد.
ويؤكد مؤشر جمعية التجار لتجارة التجزئة والاستثمار هذا المنحى بتراجع يناهز الـ 5% عن الفترة عينها (آذار 2014 - آذار 2015)، وهذا رقم وسطي مع تراجعات خطيرة لمجموعة من القطاعات مثل الكماليات والسلع المعمرة. ويتزامن التردي مع ظاهرة اقفال محال تجارية في جميع المناطق ... "وهذا ما نراه بالعين المجردة، ففيما كان التجار ينتظرون أعواماً لإيجاد مأجور في مناطق تسويقية راقية، أصبح الامر في منتهى السهولة نظرا الى العرض الفائض وانخفاض الايجارات" كما يؤكد شماس.
وأبلغ رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل "النهار" أن الجمعية ستشارك في تحرك الخميس على رغم أن القطاع المصرفي يعمل على نحو جيد، ولكن إذا استمر الوضع على ما هو من جمود، فإن حالنا لن يكون أحسن من بقية القطاعات الإنتاجية. وأمل أن تحرك هذه الخطوة ضمائر السياسيين فيفكروا في مصلحة لبنان أولا وأخيراً. وفي ما يتعلق بوضع الليرة، أكد باسيل أنها متينة ووضع السوق المالية هذا الاسبوع أفضل منه الأسبوع الماضي.
في المقابل، أعلنت هيئة التنسيق النقابية مقاطعتها لقاء "البيال" غداً لان الهيئات وقفت ضدها في ملف سلسلة الرتب والرواتب.

 

عون - جعجع
وفي عودة الى رئاسة الجمهورية، علمت "النهار" ان اتصالات ستجرى في اليومين المقبلين بين بكركي والرابية ومعراب، الى اتصالات مع رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، على خلفية البدء بالمرحلة الثانية من "إعلان النيات"، وتحديداً موضوع الرئاسة. ومن المتوقع أن يلتقي النائب ابرهيم كنعان البطريرك الماروني ورئيس حزب "القوات اللبنانية" و فرنجية، على أن يلتقي ملحم رياشي العماد عون موفداً من جعجع للعمل على تطوير هذا البند الذي يعتبر أحد أبرز العوامل الذي يسمح بالتقدم في "الاعلان".
وتفيد معلومات "النهار" انه تمّ تطوير فكرة الاستفتاء التي طرحها عون في مبادرته واتفق على أن يكون استطلاعاً للآراء كبير الحجم، إذ ثمة تركيز على معرفة خيار المسيحيين في موضوع الرئاسة، ويجري البحث في التفاصيل مع المرجعيات المعنية السابقة.