بيروت على موعد الخميس مع تحرّك أخذ من الشلل والجمود المتربّصين بالبلاد مبرّراً لانعقاده، إذ ستجتمع الهيئات الاقتصادية، العمالية، والنقابية في "البيال" لإطلاق نداء الى المعنيين بضرورة التخلي عن المطامع السياسية والتطلع إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، منعاً لـ"الانتحار".
تستعدّ الهيئات الاقتصادية، الاتحاد العمالي العام، هيئة التنسيق النقابية والمهن الحرة بمبادرةٍ من النائب روبير فاضل، لإطلاق وثيقة تنال إجماع المهتمين بمصلحة البلاد العليا، ما يعني، وفق رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد، العمل على "إدخال الهمّ الاقتصادي في العقل السياسي".
ويشرح عربيد لـ"النهار" أنَّ الحدث يرمي إلى إحياء، بقدر المستطاع، الوضعين الاقتصادي والمعيشي تفادياً لأي انفجار اجتماعي والتحذير من التبعات السلبية للانقسامات السياسية، مشدّداً على أنَّ الحدث ليس سياسياً، بل هو ناجم عن غياب السياسات الاجتماعية والاقتصادية. ويؤكّد أنَّ التحرك سيكون بداية لحلقات ضغط على من يتعاطون الشأن العام والتأثير فيهم، للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، بما يضمن معاودة المؤسسات عملها بشكلٍ طبيعي، إلى جانب وضع سياسات تحفيزية، تعزيز العمل والانتاج للخروج من حالة الركود، وتالياً تحسين أوضاع المواطنين. يضاف الى ذلك تنشيط الاستهلاك الداخلي والتصدير إيماناً بقدرة لبنان على أن يكون "حالة تصديرية" قوية.
وإذا كان من الضروري في المرحلة الحالية التيقظ والخوف من التوجه إلى حالة أسوأ، يبقى السؤال عن النتائج التي يُمكن أن يسفر عنها التحرّك. وهنا، يرى عربيد أنَّه يمكن استبدال عبارة "لا حياة لمن تنادي"، بـ"لا حياة لمن لا تنادي"، إذ المطلوب من كلّ المواطنين توقيع الوثيقة ودعمها.
ويبدو أنَّ هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، إذ أطلقت الهئيات الاقتصادية والاتحاد العمالي عامي 2006 و2007 نداءً مشابهاً، إلى جانب مؤتمر عام 2007 بعدما كانت الظروف مشابهة بتلك السائدة في البلاد حالياً.
ويرى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أنَّ الحدث استكمال للاستشعار بالأخطار المحدقة، وللمطالبة بتغليب المصلحة الوطنية على كلّ الاعتبارات الطائفية والمذهبية، كما أنَّه "ناتج من شعور بأنَّ البلاد تنزلق نحو الهاوية"، بفعل زيادة معدّلات البطالة، توسّع بؤر الفقر وزيادة "الأمراض الاجتماعية" (سرقة، جرائم ...)، ما يتطلّب مراجعة للخطابات السياسية لمعالجة هذه الأزمة "المتعدّدة الطرف". ويشرح أنَّ المعالجة التي ولّدها "مجلس يلتقي ولا يجتمع، السياسات الضريبية، الهيئة الحاكمة المتعددة الرأس وغيرها"، لا تتم إلاّ عبر الحوار.
وعن النتائج المتوقعة، فإنَّ توحيد صوت كلّ مكونات المجتمع ورفعه، هما الأهم بالنسبة إلى غصن، إذ إنَّ توحيد الصفوف يقود إلى النتائج، خصوصاً أنَّ البلاد تحتاج إلى أن تُحكم ضمن غطاء الدستور والقوانين.
ومن أبرز المشاركين في هذا اللقاء نقابات المهن الحرة، كونها معنية هي أيضاً بأي حدث وطني يُعقد.
ويشرح نقيب المهندسين خالد شهاب لـ"النهار"، أنَّ هذا التحرّك ليس ضدّ أي حزب سياسي، بل يتّسم بطابع محض وطني، مشيراً إلى أنَّ النقابة تتلمّس الحالة التي وصل إليها القطاع هو "من أهم القطاعات في لبنان"، كالتراجع الملحوظ في المساحات المسجّلة في نقابة المهندسين مقارنة بالعام الماضي، والجمود الذي أصاب القطاع ككل، ما يسلّط الضوء على أهمية أن تكون من الداعين إلى هذا التحرك وليس من المشاركين فحسب.
وأعرب عن أمله في أن يُعقد مؤتمر لاستكمال التحرّك وتشكيل لجنة مصغرة تُعنى بمراقبة ما سيؤول إليه الحدث وتنفيذه.