من «الصحوجي» و«المرتد» و«الخائن» مروراً بـ«عدوّ الله» إلى «اقتلوا جلّاد رومية»، كلها عبارات، تبعاً لدلالاتها الشرعية، تعني هدر دم وزير الداخلية نهاد المشنوق والتحريض على قتله. وهو ما يبدو أن تيار المستقبل أدرك خطورته، عقب «انتفاضة الأحد» ضد المشنوق، ما دفع مستشار الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، إلى لقاء وزير الداخلية مساء أمس والإعراب عن تضامنه معه.
هدر الدم طال أيضاً ضبّاطاً وعناصر من فرع معلومات في قوى الأمن الداخلي، سُرّبت أسماؤهم ونُشرت صورهم وصور أفراد عائلاتهم وأماكن سكنهم على فايسبوك، مع دعوات إلى الاقتصاص منهم. الحملة التي انطلقت عقب تسريب فيديو التعذيب، أعقبتها حملة موازية شُنّت على «الوزير العلماني المقرّب من الغرب والذي يحابي حزب الله للوصول الى رئاسة الحكومة»، انخرط فيها دعاة عرب في موازاة حملة شرسة رُصدت على شبكات التواصل الاجتماعي للتنظيمات «الجهادية». مصادر «جهادية» قالت لـ»الأخبار»، تبعاً لذلك، إن «استهداف المشنوق واجب متى أمكن ذلك وتوافرت المقدرة عليه».
الشيخ الفارّ أحمد الأسير هاجم «الصحوجي المشنوق»، فيما غرّد المتحدث باسم «كتائب عبدالله عزام» سراج الدين زريقات، على تويتر، واصفاً وزير الداخلية بـ»سجان رومية». ورأى الداعية المصري في بريطانيا هاني السباعي أن «مشكلة سنّة لبنان تكمن في عوائل علمانية محسوبة على السنّة كالصلح وكرامي والحريري ومشايخ سلفية مموّلة سعودياً دجّنوا سنّة لبنان وميّعوهم عقدياً». أما الداعية السعودي محمد العريفي فرأى أن «استهداف أهل السنّة ووحشية التعامل معهم صار حدثاً يومياً»، معتبراً أن تحرّك العلماء والولاة والهيئات الإسلامية بات «واجباً». ونُقل عن «الأمير العسكري» لتنظيم «الدولة الاسلامية» في القلمون موفق أبو السوس قوله إن «العسكريين الأسرى بخير. بس ما حيضلّوا بخير».
«داعش» يستقطب شباباً
من «سرايا المقاومة»
ويأخذ بيعتهم
مصادر أمنية أكّدت أن هناك خطراً محدقاً بوزير الداخلية، مشيرة الى أن تسريب شريط الفيديو «شدّ عصب الجماعات الاسلامية وقد يدفعها الى عمليات انتقامية ربما تستهدف مراكز حزبية أو حواجز عسكرية أو عناصر أمن».
وبحسب المعطيات، فإنّ تنظيم «كتائب عبدالله عزام»، الذي تعرّض لضربات قاصمة أدت الى خسارته قيادات من الصف الأول (وفاة ماجد الماجد، توقيف نعيم عباس وجمال الدفتردار ووسام نعيم)، عاد لينمو مجدداً. وترجّح المعلومات الأمنية أن يستغل هذا التنظيم الوضع للقيام بعمل عسكري انتقامي يشدّ الأنظار إليه، علماً بأن «الكتائب» تعتبر نفسها الأحق بقيادة الساحة اللبنانية من حيث أقدمية العمل فيها.
وتكشف المعلومات عن تنسيق قوي في لبنان بين «الكتائب» و«النصرة»، مشيرة إلى أن تنظيم عزام بايع «الجبهة» «بيعة حرب» منذ نحو سنة. وهذه البيعة تعني أنه ما دامت هناك حرب قائمة، فإن «الكتائب» تسير وفق خطط «الجبهة» لكونها الفصيل الأقرب فكراً وعملاً، فضلاً عن العلاقة الجيدة التي تربط زريقات بأمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي.
الساحة اللبنانية ليست لـ«الكتائب» وحدها. فمصلحة تنظيم «الدولة أن يكسب الآن الحاضنة الشعبية ويخطف القلوب المكلومة بعمل عسكري مميز»، بحسب مصادر جهادية، لما لسجن رومية من رمزية، سيما أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو محمد العدناني أتيا على ذكر سجن رومية في خطبهما.
وبحسب التقارير الأمنية، فإن تنظيم «الدولة» يحاول ترتيب خلاياه في لبنان، وهو تمكن من استقطاب شباب كثر، بينهم من كان سابقاً في عداد «سرايا المقاومة» التي يشرف على عملها حزب الله.
وتكشف المعلومات أن «نائب أمير الساحة متفق عليه حالياً»، إلا أن الوالي لم يعيّن بعد. وتشير المصادر إلى أن «الدولة تشترط أن يكون الوالي عراقياً أو أجنبياً من غير أهل البلد»، كاشفة أن «الشيخ أحمد الأسير يُريد قيادة الساحة، رغم أنه لم يُبايع دولة الخلافة، لكن هناك مفاوضات وقد يقترب من التنصيب». كذلك تكشف مصادر «جهادية» لبنانية أن ممثلين عن «الدولة» عرضوا البيعة على توفيق طه، لكنه رفض. وينقل عنه «وصفه لهم بالخوارج وأن منهجهم منهج تطرف وغلوّ، ولا يتفق معهم فكرياً أو عملياً».