ماذا لو كان وزير الداخلية شيعيا، وظهر فيديو التعذيب من سجن روميه ضد الموقوفين من الطائفة السنية؟ الجواب على ذلك هو ان الوضع في لبنان هش وتندلع فيه وفي أي لحظة فتنة مذهبية، لكن كون وزير الداخلية سنيا وينتمي الى تيار المستقبل سقط العلماء المسلمون السنة وتم ضبط الشارع السني، والعكس صحيح في مجالات اخرى وفي وزارات اخرى، في وقت البلد كله مشغول في غياب رئيس الجمهورية وغياب اجتماعات مجلس النواب وفي غياب اجتماع مجلس الوزراء.
ـ اعتصام في طرابلس وهتافات مؤيدة لـ «داعش» و«النصرة» ـ
دموع الاسمر
استمرت لليوم التالي الاحتجاجات على مقاطع التعذيب في سجن رومية حيث نظمت هيئة العلماء المسلمين صلاة العشاء والتراويح في باحة رشيد كرامي الدولي، شارك فيها شبان من التبانة والمنكوبين والقبة واعضاء هيئة العلماء المسلمين والنائب خالد الضاهر. ثم تحدث الشيخ سالم الرافعي وقال ان وزير الداخلية يعامل المسجونين في لبنان كأسرى حرب ويسوقهم الى المعتقلات ويعذبهم. واعتبر ان حكام لبنان ينظرون الى المعركة مع اهل السنة في لبنان على انها امتداد لمعركتهم في العراق وسوريا وفي اليمن، وبشار الاسد يفتش عن ملجأ يلجأ اليه ، وما جرى في سوريا نخشى انه سيأتي على لبنان، ما حصل لحكام سوريا سيحصل لحكام لبنان، اليوم نحن أهل السنة مظلومون ومستهدفون.
اضاف: تم اعتقال مئات الشباب ظلما لأنهم دافعوا عن مناطقنا بعد تقصير الدولة، الكثير من شبابنا مطارد، حتى في السجن لم يأمنوا من الظلم، وما حصل كشف الله كيد الظالمين وهذا غيض من فيض. من يشاهد مشاهد التعذيب حتى لو كان في اوروبا لسبب تافه يظن ان الشباب كانوا في معركة واسروا وزج بهم في السجون ويتم تعذيبهم. وقال ان كل امرئ من اسمه نصيب ونتمنى من الله ان يعجل من اسمك يا مشنوق. الحكومة قالت انها القت القبض على المجرمين الذين ظهروا في التصوير، ونسألها اين هم الذين لم يظهروا في التصوير، نقول للعالم كله ان كنتم صادقين، فلنذهب نحن والاعلام معا والمؤسسات الحقوقية الى السجون ولنر ما يجري لشبابنا.
وتابع: من يطالب بالفيدرالية يعتبر ان ليس له حقوق ونحن من الاولى لنا ان نطالب بتطبيق الفيدرالية، لا نحب الفيدرالية لكن مضطرون الى القبول بها، اما اذا رفضتم الفيدرالية والتقسيم فستخضعون لحكمنا، سنذلكم ونعذبكم ولن يكون لكم منا الا انتفاضة شعبية، يا حكام لبنان، لا تنتظروا الا انتفاضة شعبية تتيح ببشاركم وحليفكم.
تخللت كلمة الرافعي هتافات مؤيدة لـ«داعش»: «الدولة الاسلامية باقية». كما قام عدد من الشبان بقطع طريق البداوي احتجاجاً على تعذيب المسجونين، كما القى مجهول قنبلة في نهر ابو علي.
على صعيد آخر، بقيت احداث سجن روميه «والفيديو المسرب» عن تعذيب السجناء الاسلاميين السنة، محور الحركة السياسية، وتخللتها اجتماعات وزيارات ورسائل متبادلة بين الوزيرين نهاد المشنوق واشرف ريفي وفيما اكد وزير الداخلية على محاسبة المسؤولين عما جرى، فان ذلك بقي في اطار الوعود ولم يسجل اي اجراء عملي باستثناء توقيف 6 دركيين، وبانتظار استكمال القاضي سمير حمود تحقيقاته، واكد انها ستكون منجزة اليوم.
وفي هذا الاطار، تكثفت الاتصالات السياسية بين قادة تيار المستقبل. واجرى الرئيس سعد الحريري سلسلة اتصالات لـ«ضبضبة» الامور، وتحديدا في الشارع السني الذي انتفض ليل امس الاول في كل المناطق السنية. وادت هذه الاتصالات الى لملمة بعض الشارع وتجاوز لبنان «قطوع» انتفاضة سنية لأن وزير الداخلية سني ومن تيار المستقبل، وهذا ما ادى الى تخفيف تحركات الشارع خصوصا ان الدركيين الموقوفين ليس فيهم من ينتمي الى الطائفة الشيعية، رغم محاولة البعض الايحاء بذلك من اجل تصاعد الامور. كما بقي الحادث محور اهتمام منظمات حقوق الانسان الدولية التي دانت ما حصل.
وفي المعلومات ايضا ان السجناء الذين تعرضوا للضرب اكدوا للوزير المشنوق، ان عمليات التعذيب ليست الاولى، وسبق وان تعرضوا مرارا لمثل هذه العمليات وهذا ما يفرض وضع حد لما يجري في سجن روميه وانهاء ظواهر هذه الامارة، كما ان المعلومات اشارت الى ان شريط الفيديو الدي تم تصويره في 4 نيسان الماضي وبالتالي ما الهدف من تسريبه الآن، ومن قام بالتصوير ولماذا التسريب في هذا التوقيت؟ ومن المستفيد؟ وهل المطلوب احداث فتن في البلاد، لكن العامل الاكبر الذي ساهم في منع حصول انتفاضة شبه عارمة كون وزير الداخلية سنياً ومن تيار المستقبل، وهذا الامر دفع بالشارع السني الى التروي في تصعيد الامور وعدم خلق فتنة داخل البيت السني.
ـ الوضع الحكومي ـ
اما على صعيد الوضع الحكومي، فلم يظهر اي جديد، والرئيس سلام لن يدعو الى جلسة لان الاتصالات على اعلى المستويات لم تؤد الى اي نتيجة، وما زالت الاطراف على مواقفها. ورغم الانشغال «بشريط الفيديور»، فان الاتصالات شملت ايضا حزب الله، لكن موقف الحزب «واضح» لجهة الوقوف مع العماد عون، مع تمني حزب الله على الجميع بالحوار مع العماد عون في مطالبه. واكد وزير التربية الياس بو صعب ان التيار الوطني الحرّ سيحضر جلسة الحكومة عندما يدعو اليها الرئيس سلام. لكن شرط ان يتضمن البند الاول من جدول الاعمال تعيين قائد للجيش والمجلس العسكري، ولن نناقش مع حلفائنا في اي بند اذا لم يتضمن التعيينات العسكرية، وكذلك ملف جرود عرسال حيث لم ينفذ ما تم الاتفاق عليه بالحكومة لجهة تكليف الجيش الحسم في جرود عرسال ضد التكفيريين، حتى ان وزير الدفاع سمير مقبل اشار الى ان الجيش ما زال ينتظر قرار الحكومة لكي يتصرف في جرود عرسال، وهذا امر مستغرب لان الحكومة اخذت القرار.
ـ ابو فاعور عند بري موفداً من جنبلاط ـ
وفي اطار معالجة الملف الحكومي، اوفد رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور الى عين التينة، وتم النقاش في الموضوع الحكومي وكان الرأي متفقاً بين بري وجنبلاط على معاودة الحكومة جلساتها حسب الدستور، وبالتالي لا بد من الضغط على العماد عون للتراجع عن مواقفه.
وحسب المعلومات، فان اتفاق بري وجنبلاط على ضرورة دعوة الحكومة وفق الاصول الدستورية يؤكد ان بري وجنبلاط مع اجتماع الحكومة بالثلثين، وبالتالي النصاب مؤمن ولو غاب وزير او 3 وزراء او مكون سياسي.
وقال مصدر وزاري لـ «الديار» ان الامور بالنسبة لوضع الحكومة والمجلس وصلت الى «الخط الاحمر»، ولم يعد ممكناً الاستمرار على هذا الوضع، ولا بد من اتخاذ الخطوات السريعة من اجل عودة العمل الحكومي وفق الاصول الدستورية.
وحول التوقيت وما اذا كانت ستجتمع الحكومة الاسبوع المقبل اجاب المصدر: «هذا يعود للرئيس سلام، لكن كما ذكرت ان الامور اصبحت غير مقبولة ولا بد من المبادرة السريعة».
ـ عون وجعجع ـ
وفي ملف العلاقات بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، فان الاتصالات حول معظم الملفات متواصلة، وهناك اصرار من الفريقين على انجاح العلاقة وتطوير بيان «اعلان النوايا» وتعميم اللقاءات بين القطاعات النقابية والرياضية والاجتماعية، حتى ان ملف رئاسة الجمهورية «يعالج» بشكل هادئ بين الطرفين. وذكرت مصادر مقربة من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ان العمل بينهما والنقاش بدآا لاجراء استفتاء عند المسيحيين من اجل رئاسة الجمهورية، ومن يريد المسيحيون من خلال هذا الاستفتاء رئيساً لجمهورية لبنان، واشارت مصادر الطرفين الى ان موضوع الاستفتاء تم طرحه والنقاش حوله مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وتيار المردة، وما زلنا ننتظر جواب الرئيس امين الجميل على الامر، الاتصالات مكثفة، وهناك خطوات عملية تبدأ قريبا. وبعد الاتفاق سنحدد الامور اللوجيستية لكيفية اجراء الاستفتاء.