هي قضية رآها البعض ظلم، والبعض الآخر، أيدها، فأصبحت الشغل الشاغل للبنانيين، قضية من ناحية تعتبر إنسانية ومن ناحية أخرى لدى من عرضها على الرأي العام هدف أكبر من أن يكون مجرد تسريب لفيديو، وكان لديه يقين بأنها ستحقق النتائج المرجوة بمجرد كشفها إلى العلن.
فلمقاطع التصويرية التي تم تسريبها البارحة والتي تتعلق بالسجناء الإسلاميين وعما تعرضوا له من تصرف لا أخلاقي من قبل عناصر المعلومات ، أثبتت ما قاله اهاليهم عن التعذيب الذي تعرضوا أو لا زالوا يتعرضون له، من ضرب وهمجية في التصرف معهم، وشاهد الجميع هذه الفيديوهات واستنكروها وانقسمت آراء المتلقين بين متعاطف رأى فيها إهانة وظلم وبين من رآها أنها تروي ظمأ الإنتقام للعسكريين الذي تم قتلهم من قبل بعض هؤلاء الموقوفين.
وبعيدا عن الجدال عما إذا كان جميع الموقوفين هم إسلاميين هناك سؤال ربما غاب عن المشاهد ألا وهو ما الهدف من تسريب هذه الفيديوهات في هذا الوقت وهل هناك علاقة بين خلاف رجلي تيار المستقبل بهذه التسريبات؟
مما لا شك فيه أن نشر هذه الفيديوهات حقق أهدافا ربما كانت مرجوة من تجييش للشارع السني، فالبداية كانت الحملة ضد "الشيعة حيث قيل ان هذا التعذيب "للسنة" تم في أحد مراكز "حزب الله" فوقعت الحرب الفتنوية الفيسبوكية، لكن بعد أن قيل ان هذه في سجن رومية "قامت القيامة ولم تقعد"، وبدأ الشارع السني بحملات تطالب برحيل وزير الداخلية نهاد المشنوق لكن من الجهة المستفيدة من تسريب الفيديوهات لإعلان هكذا حملة على المشنوق؟
بالإجابة عن هذا السؤال نستطيع ان نعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء فنجد ان الخلاف بين وزراء الممسكين بزمام العدالة والداخلية هم سنة ومن نفس الحزب ولديهم سوابق في الخلافات ألا وهما: وزير العدل أشرف ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق.
فمع هذه الحملات المتصاعدة ضد المشنوق، كان ريفي الناطق بصوت الشارع السني وظهر بموقف الإنسان الذي يحاول أن يضبط الشارع فكان له صباحا لقاء مع هيئة العلماء المسلمين برئاسة الشيخ العمري والشيخ سالم الرافعي، فاستنكر وتوعد العناصر التابعة لقوى الضاربة في شعبة المعلومات التي طالما كان ريفي مفتخرا بأدائها.
وانطلاقا من هنا، فإن تمعنا جيدا في الأمور التي حصلت نجد ان أول من استغل الموضوع لصالحه هو وزير العدل فحرق بذلك كامل ارصدة المشنوق الشعبية على الساحة السنية رغم قلتها وبهذا أصبح ريفي رجل الهيبة الوحيد الذي لا تسيره أوامر خارجية، خصوصا انه تم اتهام المشنوق أنه متواطىء مع الحزب كونه "ساكت عن ظلم أهل السنة".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذه الأحداث :"هل مصير موقوفي رومية الإسلاميين إلى الحرية قريبا؟