فيما لم تسَجّل الاتصالات السياسية أيّ تقدّم ملموس في اتّجاه معالجة أزمتَي التعطيل النيابي والحكومي، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس أنّ انعقاد مجلس الوزراء ينتظر نتائجَ ترَوّي رئيس الحكومة في التعاطي مع موضوع التعطيل، لكنّ هذا الوضع لا ينبغي أن يستمرّ، وإنّ العودة إلى الدستور هي الحلّ».

وقيل لبرّي: لقد عوّدتَ اللبنانيين دائماً على مبادرات تتّخذها إزاءَ أزمات مِن هذا النوع؟ فأجاب: «لا مبادرات حاليّاً في ظلّ تمسّك بعض الأطراف بمواقفِها على قاعدة «أنا أو لا أحد».

وأضاف: «على الحكومة أن تتحمّل مسؤوليّاتها، ويجب أن تفتحَ دورة استثنائية لمجلس النواب لأنّ هناك كثيراً من القضايا والمشاريع الملِحّة للبلاد يجب إقرارُها». وردّاً على سؤال آخر، قال برّي: «النِصاب مؤمَّن، سواءٌ لانعقاد جلسات مجلس الوزراء أو لجلسات التشريع في مجلس النواب».

فيديو التعذيب

وفي ما يتعلق بالفيديو المسَرّب عن تعذيب سجَناء في سجن رومية أثناءَ العملية الأخيرة التي نفّذتها القوى الأمنية وأنهَت بها تمرّدَ السجَناء الإسلاميين في المبنى «ب» من السجن، فقد تعالت أصواتٌ معظمُها شمالية سياسية وروحية مندِّدةً بـ»التعذيب»، ووَصفَت ما جرى بأنّه «مخالف للقوانين وللقيَم والمبادئ الإنسانية».

واستعجَلت تحرّكَ الدولة ومحاسبةَ المرتكبين ومعاقبتَهم قبل أن ينفجرَ الشارع. وسارَع وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى احتواء الوضع، فدَان التعذيبَ، مؤكّداً أنّ الإجراءات اللازمة ستُتّخَذ في حق العسكريين المرتكِبين. ولفتَ إلى أنّ «هذه الأشرطة صُوِّرت في مرحلةِ مواجهةِ التمرّد الأخير».

وأكّدَ توقيفَ عنصرَين من قوى الأمن الداخلي، داعياً إلى عدمِ استغلال ما جرى سياسياً، مشَدّداً على أنّه لا يجوز «إدانة مؤسّسة وأبطال قوى الأمن الذين أنقذوا لبنان من فضيحة المبنى «ب» في رومية.

وليلاً أعلنَ وزير العدل اللواء أشرف ريفي أنّه تمَّ توقيف خمسة عناصر من المتورّطين حتى الآن، بعدما كان أكّد أنّه «لا يمكن أن نسمحَ بأن يمرّ ما حصَل من دون عقاب»، واعتبَر «أنّ ما حصل ليس من عادات اللبنانيين، وهذه التصرّفات مِن بقايا عقل بشّار الأسد».

ردّ سوريّ

ورَدَّ وزير الإعلام السوري عمران الزعبي على تصريحات وزير العدل أشرف ريفي، معتبراً أنّه «عديمُ الحكمة وفقيرُ المنطق وعاجزٌ عن الدِراية»، مشيراً إلى أنّ «الهروبَ إلى الأمام لا يعفيه من المسؤولية عن السجون والتعذيب، ولا يَجعله في خانةِ أخلاق الشعب اللبناني الحرّ والأبيّ».

وأكّد أنّ «عقلَ الرئيس السوري بشّار الأسد عقلُ حكمةٍ ومنطق واقتدار ودِراية، ومِن الصعب على ريفي أن يفهمَه»، لافتاً إلى أنَّ «مدرسةَ الأسد مدرسةُ قيَم وأخلاق وطنيّة، وليسَت مدرسة رعاع وطائفيّة وحِقد ومسانَدة للإرهاب».

الحريري

وليلاً، أفادَ المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري أنّه اتّصَل بريفي والمشنوق واطّلعَ منهما على نتائج التحقيقات في «تعرّض بعض الموقوفين في سجن رومية لممارسات وارتكابات مهينة وغير مقبولة من ضربٍ وشتمٍ وإهانة على يد عناصر أمنية مولجة بحراستِهم»، وتبَلّغَ منهما «أنّ التحقيقات مستمرّة حتى النهاية لكشفِ كلّ المتورّطين فيها وملاحقتِهم واتّخاذ الإجراءات القانونية بحَقّهم».

وأستنكرَ الحريري بشِدّة ما حصَل، مشَدّداً على «ضرورة محاسَبة كلّ المرتكبين والمتورّطين والمسؤولين عن هذه الارتكابات والممارسات اللاإنسانية، وإنزال أشدّ العقوبات بحَقّهم، لأنهم بممارساتهم وتصرّفاتهم هذه يسيئون للدولة والحكومة وقوى الأمن الداخلي بقدرِ ما يسيئون إلى حقوق الموقوفين وكرامتِهم التي يَكفلها القانون».

ونَوَّه الحريري بـ«سرعة تحَرّك وزيرَي العدل والداخلية»، وقال: «إنّني على ثقةٍ بأنّ الوزيرَين ريفي والمشنوق لن يكترثا لبعض الأصوات المزايِدة التي تحاول استغلالَ قضية محِقّة لتحقيق مآرب سياسية ضيّقة في هذه الظروف».

الطائرة

أمّا على صعيد قضية طائرة الاستطلاع التي سَقطت في صغبين، فقد علمَت «الجمهورية» مِن مصادر عسكريّة متابعة أنّ «الجيش اللبناني الذي طوَّق المنطقة في صغبين بعد سقوط جسمٍ غريب، عَثر على حطامٍ وقِطع معدنية صغيرة جدّاً، وُجدت على إحداها كتابة بحَرفين روسيَّين»، مؤكّداً أنّ «فرَضية أن تكون الطائرة هي للاستطلاع لم تُحسَم بعد، مع أرجحيّة هذه الفرضية، لكن في الوقت نفسه لم يتمّ حَسم ما إذا كانت الطائرة إسرائيلية، لأنّ الجيش يتابع تحقيقاته التي يُجريها ضبّاط طيران متخصّصون.

كذلك، فإنّ الحديث عن غارةٍ إسرائيلية بَعد سقوط ما يُعرَف بطائرة استطلاع لم يُحسَم أيضاً بعد، لأنّ الجيش اللبناني لم يَرصد أيَّ طائرة حربية إسرائيلية خرَقت الأجواء اللبنانية ونَفّذت غارةً في منطقة صغبين بعد سقوط طائرة الاستطلاع المفترَضة».

من جهته، رفضَ الجيش الإسرائيلي التعليقَ على أنباء تناقَلتها وسائل إعلام لبنانية أمس بأنّ «طائرة استطلاع إسرائيلية بلا طيّار، سَقطت في منطقة البقاع». وقال في بيان بَثته القناة العاشرة الإسرائيلية: «الجيش لا يُعلّق على الأخبار، التي تَتناقلها وسائلُ إعلام مختلفة».