تتعقد العلاقات وتمرّ في تجارب مختلفة، وتحصل شجاراتٌ بين الشريكَين نتيجة تضارب في الرؤية أو جرّاء خطأ في التصرف. وهنا تكمن المشكلة الأساس التي لا يتنبه إليها الشريكان كما نشر موقع Psychology Today، إذ يبدأون بإصدار الاحكام على الشريك، وتصنيف علاقتهم به، وِفقاً لتصرفاته.
الافتراضات الخاطئة تقضي على العلاقة
تحدثُ سيناريوات مختلفة يحكم فيها أحدهم على الآخر بشكلٍ قاسٍ، مهما اختلف مضمونها، وهذه بعضُها:
– غضبت الزوجة لأن زوجها لم يُحضِر غرضَين طلبت أن يبتاعهما من السوبرماركت.
– لم يستطع أحدُهم إخمادَ إحباطِه عندما لم تقدّم له زوجته هديةً في مناسبة عيد مولده.
– تعكّرَ مزاجُ إحداهنّ وانتقدَت شريكَها لأنه حجز طاولة للعشاء في أحد المطاعم، في وقتٍ يلي مباشرةً توقيتَ مغادرتِها عملَها، فلم تتمكن من تغيير ثيابها.
ما سبّب ردودَ الفعلِ هذه، هو عمليةٌ نفسية تقوم على خطوتَين: أولاً، اعتبر كلّ صاحب رد فِعل أن شريكَه فشل في مهمّةٍ معينة وسبّب له خيبة أمل، ثانياً استنتجَ أن تصرّفَ شريكِه بهذا الشكل يدلّ إلى عدم اكتراث ولامبالاة، ما زاد من مشاعر خيبة الأمل والغضب.
يمكن تفهّم هذَين الاستنتاجَين، لكنهما قائمان على افتراضاتٍ خاطئة تودي بمن قام بردّ الفعل إلى “مكانٍ” غير ضروري في العلاقة: سيفترض دائماً أن شريكه فشل في تصرّفاته ولا يعيره الاهتمام اللازم.
الشريك “الفاشل”!
بالعودة إلى السيناريوات الثلاثة: احتوت لائحة الأغراض التي كتبَتها الزوجة 25 غرضاً، ولم يُحضِر زوجها إلا 23 لأنه لم يجد الغرضَين الآخرَين، وحاول جاهداً أن يسأل عن كيفية حصوله عليهما واستعان بقسم “المساعدة” في السوبرماركت مستفسراً، لكن عبثاً.
أما الزوجة التي لم تُحضِر لزوجها هدية، أعطَت الهدايا التي اختارَتها له إلى أولادهما، حتى يفرحوا بتقديمها إليه.
ومَن حجز للعشاء، كان متحمّساً جدّاً لمشاركة عشاء لذيذ وفاخر في أجدد المطاعم مع حبيبته، ما دفعه للحَجز في هذا التوقيت، إذ لا وجود لحجوزاتٍ أخرى نتيجة الإقبال الكثيف إلى المطعم.
بمعنى آخر، قام هؤلاء الأشخاص في السيناريوات الثلاثة بمجهودٍ مهمّ لإرضاء شريكهم، لكن لم تفرح الزوجة أو الزوج أو الحبيبة بالأمر، والسبب هو أنهم اتّكلوا على “الحُكم” الذي أصدروه مباشرةً بحق شريكهم “الفاشل” في المَهمّات، واعتبروا أن مجهوده غير الكامل أو غير المثالي دليلٌ إلى فشله في العلاقة.
لا ينتبه الناس إلى قسوتهم في العلاقة
إذا ما قوّم هؤلاء ردود فعلهم على المجهود الذي قام به شريكُهم، سيتفاجأون من القسوة التي طبعَتها ويندمون على هكذا تصرّف ظالم بحقّه، وطبعاً سيخفّ غضبهم وتسود الحميمية معه مجدّداً. إذ غالباً ما لا ينتبه الناس أنهم يُخضِعون أزواجهم وأصدقاءهم الحميمين إلى أحكام “نازية”، فيستمرّون بالأمر ما يؤدي إلى مقتهم للشريك مع الوقت، وانزعاجهم من العلاقة برُمّتها.
فتصنيف الشريك بين “الممتاز” و”الجيد” و”الفاشل” لا يؤدي إلا إلى الدخول في صراعٍ معه، بما أن الأمر يفرض عليه “قواعد” عليه تلبيتها! عدا عن ذلك، ليس هناك غير نتيجتَين، إما الفشل، أو إنجاز الأمور بطريقة مثالية. ولئن العديد من الناس لا يتصرفون بشكلٍ مثالي يومياً وكل الوقت، ستكون النتيجة في أغلب الأحيان الفشل في تحقيق التوقعات.
وكل فشل يدفع بالشخص بأن يتوقع من شريكه فشلاً آخر، ما يشكّل صورة تشاؤمية عنه، ويقضي على العلاقة رويداً رويداً. إن كنتَ “تحكم” على شريكك بهذه الطريقة القاسية، إذاً، توقّف عن الأمر قبل أن تلفظ علاقتك أنفاسها الأخيرة.