أثار حكم بسجن مهدي هاشمي، نجل رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران هاشمي رفسنجاني، ردود فعل في البلاد، إذ رأى بعضهم فيه رسالة تحذير إلى رفسنجاني من المتشددين، ليغيّر نهجه الذي ينأى عن التيار الأصولي منذ احتجاجات العام 2009، فيما اعتبره آخرون حالة صحية تُسجَّل في مصلحة النظام والرئيس السابق.
وكانت محكمة أمرت بسجن مهدي هاشمي 10 سنين وجلده 50 مرة، لإدانته باختلاس مال عام وتقديم رشاوى، إضافة إلى قضايا أمنية تتعلق باحتجاجات 2009. لكن المحكمة برأته من 12 تهمة أخرى، بينها التجسس، علماً أن هاشمي سيستأنف الحكم.
ويبدو الجانب السياسي أكثر أهمية من الجانب القضائي، لارتباطه برجل إيران القوي هاشمي رفسنجاني الذي يرأس أبرز لجنة استشارية قانونية للمرشد علي خامنئي، كما يُعتبر من الشخصيات المهمة التي عاصرت الثورة قبل اندلاعها عام 1979 وواكبها حتى الآن.
وكانت محكمة اتهمت عام 2013 فائزة هاشمي، ابنة رفسنجاني، بالإخلال بالنظام العام وتقويض النظام السياسي، وأمرت بسجنها ستة أشهر قضتها في سجن إيفين، من دون أن تعترض على الحكم، كما رفضت تقديم تنازلات، من أجل إفراج مبكّر عنها.
ويحاول المتشددون الذين اتهموا رفسنجاني بالافتقار إلى «البصيرة الواقعية» في التعامل مع أحداث «الفتنة» التي تلت انتخابات الرئاسة عام 2009، الضغط عليه من خلال أبنائه الذين ينشطون في مجالات كثيرة.
وقد يكون مهدي وفائزة الحلقة الأكثر ضعفاً لدى الأبناء الخمسة لرفسنجاني (محسن ومهدي وياسر وفائزة وفاطمة)، خصوصاً أنهما ينشطان سياسياً، إذ كانت فائزة نائباً في مجلس الشورى (البرلمان)، فيما عمِل مهدي في وزارة النفط و»الجامعة الحرة»، واتُهِم بالاختلاس والرشوة على خلفية صفقة غاز إيراني أُبرمت مع شركة إماراتية خلال عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، كما دين بالعمل خلال أحداث 2009 لمصلحة المرشحَين الرئاسيَّين الخاسرين مير حسين موسوي ومهدي كروبي. وتعتقد مصادر بأن الضغوط على رفسنجاني ترتبط بتخوّف المتشددين من تبوئه منصب الولي الفقيه، في حال غياب المرشد، كما يرون أنه لم يعدْ ذاك الرجل الذي ساند النظام في بدايات الثورة، ويتهمونه بمحاولة تبديد إرثها، معتبرين أن لا مجال للاعتماد عليه في وقت تواجه إيران تحديات داخلية وخارجية.
لكن اللافت أن رفسنجاني الذي زار ابنته فائزة في سجن إيفين مرتين، لم يعترض على قرار المحكمة ولم ينتقد القضاء أو قراره بسجنها، في مقابل اعتراض الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على اعتقال نائبه حميد بقائي.
وخلال محاكمة نجله مهدي التي دامت أكثر من سنة، لم يعلّق الرئيس السابق على المحكمة ولا على أي مسألة تتعلّق بالقضية، وكأنه أراد بذلك توجيه رسالة تفيد بثقته بعدالة القضاء وقبوله أي قرار يُصدره. وهذا موقف سُجِّل لمصلحة رفسنجاني، إذ عزّز قوته داخلياً، خصوصاً أنه حض فائزة ومهدي على الاستجابة لطلب القضاء والعودة إلى إيران، بعدما كانا في الخارج.
وترى أوساط أن رضوخ رفسنجاني لقرار المحكمة عزّز قوة النظام السياسي الذي ساهم في إرساء دعائمه منذ أكثر من 4 عقود، والذي يمكنه محاكمة أبناء شخصية سياسية مثل هاشمي رفسنجاني.