لا يخلو كتاب من كتب التاريخ والأخبار والسِيَر ، أو كتاب من كتب الملاحم والفتن الإسلامية، من ذكر تفصيلي أو إجمالي عن الفتنة ، وعن فتنة دجَّال آخر الزمان، حتى يتنبَّه إليه المسلمون ويحذروه ، لكي يبقوا متمسكين بدينهم ولا يشاركوا في أي فتنة قد تصيب المسلمين ، والذي يتأمل في الروايات عن قصة المسيخ والأعور الدجَّال، وهما واحد كما تشير إليه الروايات، أنه قد أضل دنيا المسلمين بظلّه هذا الأيام ، وخصوصاً ما يجري في بلاد المسلمين من كل الجماعات السلفية الإسلامية التي تتقاتل وتنحر بعضها البعض تصوراً منهم بإتباعه يخلصون لدينهم ولربهم ولعقيدتهم، وهذا ممّ يدفعهم للوقوع في شراك الفتنة ، لأنه أمرٌ لا يمكن تشخيصه وخصوصاً بعد غياب النبي المعصوم ...
فكيف يمكن أن نهتدي إلى الحقيقة ، وكلّ الحركات الإسلامية والسلفية الجهادية تستخدم هذا السلاح من أجل التقرُّب وحبَّاً بالله وبالدين ، فيشاركون في الفتنة والدمار والتهجير والقتل والإذلال ، وهم يعتقدون أنّهم لدينهم بين الناس هم المخلصون ...
من هنا بعد هذه الشبهة الواقعة والحاصلة بين المسلمين اليوم، كيف يمكننا الحصول والعثور على المسيخ إن كان ما يجري اليوم كما يقول أحد الرموز الدينيين "إنَّ ما يجري اليوم هو أعور الدجال " ، علينا أن نيسير بتأمل وبخطوة خطوة لكي لا نفتري ظلماً ولا نكتب كتابات وخطابات تدغدغ المشاعر والعواطف، فإنَّ السلفية الإسلامية اليوم في بلادنا تكرِّر على مسامعنا ، إنَّ الخطر التكفيري لا يبقي لكم باقية ، وكأنَّ بيدهم مفاتيح الدين وتشخيص الحقائق المحمدية التي لا تشوبها أي شائبة أو شبهة ، وكيف نقرأ الآيات القرآنية التي تحتاط في أعراض ودماء المسلمين ، والروايات التي تأمر بتجنب الفتنة بين المسلمين ، وقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) " كن في الفتنة كإبن اللبون" وفي الشبهات عقاب وعتاب وتجنّب الشبهات وخصوصاً في الدماء والأعراض ، كما ورد عن الشبهة لأنّها تشبه الحق ...
من هنا كيف يكون التقرب إلى الله بالدماء والقتل وكأنَّ الله يحب الدماء ، وهو القائل بالإلانة في القول لمن هو شرٌّ مني قال لنبيه موسى (ع) إذ أرسله إلى فرعون "فقولا له قولاً ليناً" "إدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " ، ها هنا أعتقد أنه قد أمسكنا بطرف الخيط إنّهم يقولون لنا قول السلف ويفعلون فعل التلف، ويزجروننا ويكفروننا ويخونوننا ، ويفتون بالموت والتفجير ، نعتقد أننا وصلنا إلى علامة من علامات الأعور الدجال ، أليست هذه أهم علامة لمعرفة صفات المسيخ الذي يزعم وحده إمتلاك شأن الدين والدنيا ، أليس وصف أنّه هو الحق وأنه المسلم الحقيقي ،يعني أنَّ غيره على باطل وأنه من الكافرين...ألسنا نحن شركاؤهم في الدين والبلد والوطن؟ وأنَّ السلف هو لجميع المسلمين وليس لحزبٍ أو طائفةٍ ، أو أنَّ هذا الدين وهذا البلد تركة خاصة لهم تدعي وحدها أنها هي المخوَّلة والمسؤولة عن دين الله وعن الأرض والناس والوطن، لذلك نحن يحق لنا القول بأننا ضد ما يجري اليوم من سفك للدماء ومن قتل للمسلمين بعضهم بعضاً ، ونريد السلام في وطنٍ يجمع كل من يخالف ويؤالف لأننا نحن لا نتقرب إلى الله بالدم بل نتقرب إليه بالقول الليَّن لأننا نؤمن بأن أحزابنا وطوائفنا لن تحمينا ، بل الذي يحمينا هو القانون والدولة.