أمّا وقد إنتهت أو كادت أن تنتهي حفلة الجنون والشهيق والزفير والنعيق وإعلان النفير على أثر المجزرة الإرهابية التي إرتكبتها جبهة النصرة في قرية قلب لوزة في ريف إدلب ، وبعيداً عن زواريب السياسة اللبنانية والإنحياز السياسي والإصطفاف المذهبي وال"معّ" وال"ضدّ " ،لا بدّ من التوقّف والتأمل والتمييز بين الجوقة التي أدارت هذه الحفلة والتي يدور كل أعضاءها في فلك النظام السوري وبين مواقف النائب وليد جنيلاط وأدائه والدور الذي لعبه في تهدئة النفوس ومنع الإستثمار الرخيص في هذه المجزرة الرهيبة والإنجرار وراء خيارات إنتحارية تصب في مصلحة الإرهابيين نظاماً وتنظيمات تجرّ الويلات على لبنان واللبنانيين وتزيد من معاناة سوريا والسوريين .
هدف الحفلة المسعورة وأصواتها المأجورة ، هو إستثمار هذه المجزرة الإرهابية وإستخدامها من أجل جرّ كل من تخلف عن نصرة النظام السوري من أبناء جبل العرب ، إلى المشاركة بقتل الشعب السوري، تحت ضغط المجزرة التي إرتكبتها جبهة النصرة، دون أن يلتفت أعضاء هذه الجوقة إلى خطورة ما يدعون إليه ونتائجه والويلات التي سيجرها وعلى الشعبين اللبناني والسوري، وهذه الفتنة المذهبية التي ما إنفكوا يعملون على إيقاظها وينفخون في نارها حتى إنقطاع النفس، ساهم في محاصرتها ومنع إندلاعها النائب وليد جنبلاط بحكمته ودرايته وبعد نظره، فلم ينجر النائب جنبلاط إلى حفلة المزايدات وجوقة المزايدين، على الرغم من فداحة المجزرة ووحشيتها، فوضعها في إطارٍ ضيق، ليس بهدف تبرئة الإرهابيين الذين إرتكبوها، بل منعاً لإنفلات الأمور وإندلاع فتنة مذهبية تمتد من سوريا إلى لبنان. أما خصوم النائب جنبلاط، فذهبوا إلى التعبئة المذهبية والدعوة إلى تجمعات شعبية مشبوهة في أماكن معينة وهددوا وتوعدوا وزمجروا ، لكن دون أي جدوى، ولحسن الحظ ، أنهم لم يجدوا آذاناً صاغية لا في لبنان ولا في سوريا، ثم ناشدوا وإستنجدوا بالنظام السوري لمدّهم بالسلاح، لكنهم نسوا أو تناسوا بأنّ النظام السوري نفسه إنسحب من محافظة السويداء وتركها لمصيرها، إنتقاماً من أهلها الذين رفضوا مناصرته، وإمتنعوا عن إرسال أبنائهم للقتال إلى جانبه ضد الشعب السوري.
هؤلاء النافخين بنار الفتنة، سبق لهم أن إتهموا النائب وليد جنبلاط منذ العام ٢٠٠٠ عندما طالب في مجلس النواب بإعادة إنتشار جيش النظام السوري في لبنان تمهيداً لإنسحابه نهائياً، بأنه يسعى للفتنة المذهبية وبأنه رأس حربتها، وإزدادت الهجمة على النائب جنبلاط عندما رفض التمديد لرئيس الجمهورية الأسبق إميل جميل لحود في العام ٢٠٠٤ تم إشتدت الحملة على جنبلاط من قبل محور الممانعة في العام ٢٠٠٥ بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري وهي مستمرة حتى اليوم صعوداً ونزولاً حسب المواقف والظروف والتطورات، لكن النائب جنبلاط أثبت أكثر من مرة بأنه لا يريد الفتنة ولا يسعى إليها لا في لبنان ولا في سوريا، بل يعمل على إخمادها كلما أطلّت برأسها بكل ما أوتي من قوة وخبرة ودراية وما لديه من علاقات محلية وإقليمية، ولم يسمح للفتنة المذهبية بأن تتسلل إلى لبنان عبر الشريحة التي يمثّلها، وقد أثبت ذلك بعد حادثة خطف وقتل الزيادين في نيسان ٢٠٠٧ ، ثم كرر محاصرة الفتنة وخنقها في مهدها بعد أحداث السابع من أيار ٢٠٠٨، وهذا يدّل على أنّ النائب جنبلاط لا يريد الفتنة، ولو كان يريدها فعلاً كما يتهمه أخصامه، كان تصرف بطريقة غرائزية إنفعالية كما فعلوا هم، وهو القادر على تحريك الشارع على عكس بعض المتسلقين والمتسولين الذين بحّت أصواتهم وهم يحرضون على القتال وحمل السلاح خدمةً للنظام السوري دون جدوى.
وليد جنبلاط أثبت مرّة جديدة بأنه زعيم حقيقي يعرف كيف يبعد النار عن أهله ووطنه، أما دعاة الفتنة المسترزقين، فذهبوا بعيداً يبحثون عن السلاح لكسب المال وبعض العطف وتجميع بعض الشعبية على حساب مصلحة بلدهم ومصالح الناس وأرزاقهم ومستقبل أبنائهم.